::: رجال ونساء أسلموا :::
الطلاق بين الإسلام والنصرانية واليهودية
- القران الكريم
الطلاق بين الإسلام والنصرانية واليهودية
من كتاب الحلال والحرام في الإسلام المفكر الإسلامي الدكتور يوسف القرضاوي
في حقوق المعاشرة بين الزوجين:
الزواج عهد وثيق ربط الله به بين رجل وإمرأة أصبح كل منهما بعده يسمي زوجاً بعد أن
كان فرداً هو في العدد فرد وفي ميزان الحقيقة زوج لأنه يمثل الآخر ويحمل في حناياه
آلامه وآماله معاً.وقد صور القرآن الكريم مبلغ قوة هذا الرباط بين الزوجين فقال(هن
لباس لكم وأنتم لباس لهن) -سورةالبقرة:187-وهو تعبير يوحي بمعاني الإندماج والستر
والحماية والزينة يحققها كل منهما لصاحبه.
ولهذا كان علي كل من الزوجين حقوق لصاحبه لابدأن يرعاها,ولا يجوز له أن يفرط
فيها.وهي حقوق متكافئة إلا فيما خصت الفطرة به الرجال كما قال تعالي(ولهن مثل الذي
عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة)-سورة البقرة:228-وهي درجة القوامة
والمسئولية.وقد سأل رجل النبي صلي الله عليه وسلم فقال:يارسول الله ماحق زوجة أحدنا
عليه؟قال:أن تطعمها إذا طعمت,وتكسوها إذا اكتسيت,ولا تضرب الوجه,ولا تقبح,ولا تهجر
إلا في البيت-أبوداود وابن حبان في صحيحه -.فلايحل للزوج المسلم أن يهمل النفقة
علي ززوجته وكسوتها وفي الحديث النبويكفي بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت-أبو داود
والنسائي والحاكم -.ولايحل له أن يضرب وجه زوجته لما فيه من إهانة لكرامة الأنسان
ومن خطر علي هذا العضو الذي يجمع محاسن الجسم.وإذا جاز للمسلم عند الضرورة أن يؤدب
زوجته الناشزة المتمردة فلا يجوز له أن يضربها ضرباً مبرحاً أو ضرباً يصيب وجهها أو
مقاتلها.كما لايحل للمسلم أن يقبح زوجته بأن يؤذيها بلسانه ويسمعها ماتكره ويقول
لها:قبحك الله ومايشابهها من عبارات.وفي حق الزوج علي الزوجة قال صلي الله عليه
وسلم لايحل لامرأة تؤمن بالله أن تأذن في بيت زوجها وهو كاره,ولا تخرج وهو
كاره,ولاتطيع فيه أحداً,ولا تعتزل فراشه,ولاتضربه(إذا كانت أقوي من جسداً)فإن كان
هو أظلم فلتأته حتي ترضيه,فإن قبل منها فبها ونعمت وإن هو لم يرض فقد أبلغت عند
الله عذرها -الحاكم-.
علي كل من الزوجين أن يصبر علي صاحبه:
ويجب علي المسلم أن يصبر علي زوجته إذا رأي منها بعض ما لا يعجبه من تصرفها ويعرف
لها ضعفها بوصفها أنثي فوق نقصها كإنسان ويعرف لها حسناتها بجانب أخطائها ومزاياها
إلي جوار عيوبها.وفي الحديث:لا يفرك (أي لا يبغض)مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقاً رضي
منها غيره-مسلم-وقال تعالي:(وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً
ويجعل الله فيه خيراً كثيراً)-سورة النساء:19-.وكما أوجب الإسلام علي الزوج
الإحتمال والصبر علي مايكره من زوجته أمرت الزوجة هي الأخري أن تعمل علي استرضاء
زوجها بما عندها من قدرة وسحر وحذرها أن تبيت وزوجها غاضب.وفي الحديث:ثلاثة لا
ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً:رجل أم قوماً وهم له كارهون وامرأة باتت وزوجها
عليها ساخط وأخوان متصارمان(أي متخاصمان).-ابن ماجه واين حبان في صحيحه-.
عند النشوز والشقاق:
وبما أن الرجل هو سيد البيت ورب الأسرة بحكم تكوينه واستعداده ووضعه في الحياة
وبذله للمهر ووجوب النفقة عليه فلا يحل للمرأة أن تخرج عن طاعته وتتمرد عن سلطانه
فتفسد الشركة وتضطرب سفينة البيت أو تغرق مادام لا ربان لها.و إذا لاحظ الزوج علي
زوجته مظاهر النشوز والعصيان له والترفع عليه فعليه أن يحاول اصلاحها بكل مايقدر
عليه مبتدئاً بالكلمة الطيبة والوعظ المؤثر والإرشاد الحكيم.فإن لم تجد هذه الوسيلة
هجرها في مضجعها محاولاً ان يستثير فيها غريزة الأنثي لعلها تنقاد له ويعود
الصفاء.فإن لم تجد هذه ولا تلك جرب التأديب باليد مجتنباً الضرب المبرح ومبتعداً عن
الوجه وهو علاج يجدي في بعض النساء في بعض الأحوالبقدر معين.وليس معني الضرب هنا أن
يكون بسوط أو خشبة,وإنما هو من نوع ما قاله عليه الصلاة والسلام لخادم عنده أغضبته
في عمل:لولا القصاص يوم القيامة لأوجعتك بهذا السواك-ابن سعد في الطبقات-.وقد نفر
عليه الصلاة والسلام من الضرب وقالعلام يضرب أحدكم امرأته ضرب العبد ولعله أن
يجامعها في آخر اليوم-أحمد وفي البخاري قريب منه-وقال في شأن من يضربون نساءهملا
تجدون أولئك خياركم-عزاه في الفتح إلي أحمد وأبي داود والنسائي وصححه ابن حبان
والحاكم من حديث إياس بن عبدالله بن أبي ذباب-.قال الإمام الحافظ بن حجر:وفي قوله
صلي الله عليه وسلم:لن يضرب خياركمدلالة علي أن ضربهن مباح في الجملة ومحل ذلك أن
يضربها تأديباً إذا رأي منها ما يكره فيما يجب عليها فيه طاعته فإن اكتفي
بالتهديدونحوه كان أفضل ومهما أمكن الوصول إلي الغرض بالإيهام لا يعدل إلي العفل
لما في وقوع ذلك من النفرة المضادة لحسن العشرة المطلوبة في الزوجية,إلا إذا كان
الأمر يتعلق بمعصية الله,وقد أخرج النسائي في الباب حديث عائشة : ماضرب رسول الله
صلي الله عليه وسلم امرأة له ولا خادماً قط ولا ضرب بيده شيئاً قط إلا في سبيل الله
أو تنتهك حرمات الله فينتقم لله.-فتح الباري ج9 ص 249-.فإن لم ينفع هذا كله وخيف
اتساع الشقة بينهما تدخل المجتمع الإسلامي وأهل الرأي والخير فيه يحاولون الإصلاح
فيبعثون حكماً من أهله وحكماً من أهلها من أهل الخير والصلاح عسي أن تصدق نيتهما في
لم الشعث وإصلاح الفاسد فيوفق الله بينهما.وفي هذا كله قال تعالي:(واللاتي تخافون
نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن
الله كان علياً كبيرا*وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها
إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً)-سورة النساء:34,35-.
هنا فقط يباح الطلاق:
وهناوبعد أن فشلت تلك التجارب كلها وخابت تلك الوسائل جميعأً يباح للزوج أن يلجأ
إلي وسيلة أخيرة شرعها الإسلام استجابة لنداء الواقع وتلبية لداعي الضرورة وحلاً
لمشكلات لايحلها إلا الفراق بالمعروف..تلك هي وسيلة الطلاق.أجاز الإسلام اللجوء إلي
هذه الوسيلة علي كره ولم يندب إليها ولا استحبها بل قال عليه أفضل الصلاة والسلام:
أبغض الحلال إلي الله الطلاق ما أحل الله شيئاً أبغض إليه من
الطلاق-أبوداود-.والتعبير بأنه حلال مبغوض إلي الله يشعر بأنه رخصة شرعت
للضرورةحين تسوء العشرة وتستحكم النفرة بين الزوجين ويتعذر عليهما أن يقيما حدود
الله وحقوق الزوجية وقد قيل:إن لم يكن وفاق ففراق.وقال تعالي:(وإن يتفرقا يغن الله
كلا من سعته)-سورة النساء:130.
الطلاق قبل الإسلام:
وليس الإسلام هو الدين الفذ الذي أباح الطلاق فقبل الإسلام كان الطلاق شائعاً في
العالم كله-إذا استثنينا أمة أو أمتين-وكان الرجل يغضب علي المرأة فيطردها من داره
محقاً أو مبطلاً دون أن تملك المرأة له دفعاً أو تأخذ منه عوضاً أو تجد لنفسها عنده
حقاً. ولما نبه ذكرالأمة اليونانية وازدهرت حضارتها كان الطلاق شائعاً فيها بلا قيد
ولا شرط.وكان الطلاق لدي الرومانيين معتبراص من كيان الزواج نفسه حتي إن القضاة
كانوا يحكمون ببطلان الزواج إن اشترط كلا الطرفين عدم الطلاق فيه.وكان الزواج
الديني لدي الأجيال الأولي للرومانيين يحرم الطلاق ولكنه في الوقت نفسه يمنح الزوج
علي امرأته سلطاناً لا حد له.فيبيح له أن يقتلها في بعض الأحوال ثم رجعت ديانتهم
فأباحت الطلاق كما كان مباحاً أمام القانون المدني.
الطلاق في الديانة اليهودية:
أما الديانة اليهودية فقد حسنت من حالة الزوجة ولكنها أباحت الطلاق وتوسعت في
إباحته. وكان الزوج يجبر شرعاً علي أن يطلق امرأته إن ثبتت عليها جريمة الفسق,حتي
ولو غفر الله لها تلك الجريمة وكان القانون يجبره أيضاً علي أن يطلق امرأته إن لبثت
معه عشر سنين ولم تأته بذرية(1).
الطلاق في الديانة المسيحية:
والمسيحية هي الديانةالتي شذت عما ذكرنا من ديانات وخالفت الديانة اليهودية نفسها
وأعلن الإنجيل علي لسان المسيح تحريم الطلاق وتحريم زواج المطلقين والمطلقات ففي
إنجيل متي 5:31,32 قد قيل:من طلق امرأته إلا لعلة الزني فقد جعلها زانية ومن تزوج
مطلقة فقد زني.وفي إنجيل مرقس10:11,12 من طلق امراته وتزوج بأخري يزني عليها وإذا
طلقت المرأة زوجها وتزوجت بآخر ارتكبت جريمة الزنيوقد علل الإنجيل هذا التحريم
القاسي بأن ما جمعه الله لايصح أن يفرقه الإنسان-إنجيل متي19:6 ومرقس 10:9-. وهذه
الجملة صحيحة المعني ولكن جعلها علة لتحريم الطلاق هو الشئ الغريب فإن معني أن الله
قد جمع بين الزوجين أنه أذن بهذا الزواج وشرعه فصح أن ينسب الجمع إلي الله, وإن كان
الإنسان هو المباشر لعقد الزواج.فإذا أذن الله في الطلاق وشرعه لأسباب ومسوغات
تقتضيه فإن التفريق حينئذ يكون من الله أيضاً وإن كان الإنسان هو الذي يباشر
التفريق.وبهذا يتضح ان الإنسان لا يكون مفرقاً ما جمعه الله, وإنما المجمع والمفرق
هو الله جل شأنه أليس الله هو الذي فرق بينهما بسبب الزني؟ فلماذا لا يفرق بينهما
بسبب آخر يوجب الفراق.
اختلاف المذاهب المسيحية في شأن الطلاق:
ورغم أن الإنجيل استثني من تحريم الطلاق ما إذا كان السبب علة الزنيفإن أتباع
المذهب الكاثوليكي يؤولون هذا الإستثناء ويقولون:ليس المعني هنا أن للقاعدة شذوذاً
أو أن هناك من القضايا مايسمح فيه بالطلاق.فلا طلاق البتة في شريعة المسيح والكلام
هنا (في قوله إلا لعلة الزني)عن عقد فاسخ في ذاته فليس له من شرعية العقد وصحته إلا
الظواهر,إنه زني ليس إلا.ففي هذه الحالة يحل للرجل ,لا بل يجب عليه أن يترك
المرأة.-من شرح قسم الأبحاث الدينية بالمعهد القبطي الكاثوليكي لإنجيل متي ص29-.
أما أتباع المذهب البروتستانتي فيجيزون الطلاق في أحوال معينة منها حالة زني الزوجة
وخيانتها لزوجها وبعض حالات أخريزادوها علي نص الإنجيل ولكنهم وإن أجازوا الطلاق
لهذا السبب أو ذاك,يحرمون علي المطلق والمطلقة أن ينعما بحياة زوجية بعد ذلك.
و أتباع المذهب الأرثوذكسي قد أجازت مجامعهم الملية في مصر الطلاق إذا زنت الزوجة
كما نص الإنجيل وأجازوه لأسباب أخري,منها العقم لمدة 3 سنين والمرض المعدي والخصام
الطويل الذي لايرجي فيه صلح.وهذه أسباب خارجةعلي ما في الإنجيل, ومن أجل ذلك أنكر
المحافظون من رجال هذا المذهب اتجاه الآخرين إلي اباحة الطلاق لهذه الأسباب كما
أنكروا إباحة الزواج للمطلق أو المطلقة بحال من الأحوال.وعلي هذا الأساس رفضت إحدي
المحاكم المصرية المسيحية دعوي زوجة مسيحية تطلب الطلاق من زوجها لأنه معسر,وقالت
المحكمة في حكمها:إنه من العجيب أن بعض القوامين علي الدين من رجال الكنيسة وأعضاء
المجلس الملي العام قد سايروا التطور الزمني فاستجابوا لرغبات ضعيفي الإيمان
فأباحوا الطلاق لأسباب لا سند لها من الإنجيل..وحكم الشريعة المسيحية قاطع في أن
الطلاق غير جائز إلا لعلة الزني.وترتب علي زواج أحد المطلقين بأنه زواج مدنس بل هو
الزني بعينه-جريدة الأهرام 1مارس1956-.
نتيجة تزمت المسيحية في الطلاق:
ولقد كان من نتيجة هذا التزمت الغريب من المسيحية في أمر الطلاق وإهدار الطبيعة
الإنسانية والمقتضيات الحيوية التي توجب الإنفصال في بعض الأحيان-كان من نتيجة ذلك
تمرد المسيحيين علي دينهم ومروقهم من وصايا أناجيلهم كما يمرق السهم من الرمية.ولم
يستطيعوا إلا أن يفرقوا ما جمعه الله!فاصطنع أهل الغرب المسيحي قوانين مدنية تبيح
لهم الخروج من هذا السجن المؤبد,ولكن كثيراً منهم كالأمريكان أسرفوا وأطلقوا العنان
في إباحة الطلاق كأنهم يتحدون الإنجيل وبذلك يوقعونه لأتفه الأسباب و أصبح عقلاؤهم
يشكون من هذه الفوضي التي أصابت هذه الرابطة المقدسة والتي تهجج الحياة الزوجية
ونظام الأسرة بالانهيار حتي أعلن أحد قضاة الطلاق المشهورين هناك أن الحياة الزوجية
ستزول من بلادهم وتحل محلها الإباحة والفوضي في العلاقة بين النساء والرجال في زمن
قريب وهي الآن كشركة تجارية ينقضها الشريكان لأوهي الأسباب خلافاً لهداية جميع
الأديان إذ لا دين ولا حب يربطهما بل الشهوات والتنقل في وسائل المسرات.
كفر فريد في بابه:
وهذه الظاهرة وهي السير في الأحوال الشخصية وفق قانون مدني يختلف عن تعاليم الدين
لاتكاد توجد في غير شعوب الغرب المسيحي فجميع أهل الملل والنحل الأخري حتي
البرهميون والبوذيون والوثنيون والمجوس يسيرون في أحوالهم الشخصية وفق تعاليم
دياناتهم.وقد نجد من بينهم من استحدث في الأحوال العينية قوانين مدنية تختلف عن
تعاليم دينه.ولكننا لا نجد من بينهم من استحدث قوانين مدنية في الأحوال الشخصية-أي
في شئون الزواج والطلاق وما إلي ذلك-وأمكن لهذه الملل والنحل أن تساير الحياة
العملية, وتجاري طبيعة البشر في هذه الشئون.والمسيحيون وحدهم هم الذين كفروا بدينهم
من الناحية العملية في الأحوال الشخصية علي العموم, وفي شئون الطلاق علي الخصوص
لأنهم هم أنفسهم قد وجدوا أن تعاليمه في هذا الصدد تنكر الواقع وتتجاهل طبيعة
الإنسان ولا تصلح للتطبيق في الحياة-من كتاب حقوق الإنسان في الإسلام للدكتور علي
عبدالواحد وافي ص88-.
المسيحية كانت علاجاً موقتاً لاشريعة عامة:
وإن صح ماجاء في الإنجيل بشأن الطلاق ولم يكن هذا من التغيير الذي أصاب الأناجيل في
قرونها الأولي..فلا شك أن الذي يتأمل في الأناجيل-حتي بوضعها الحاضر-يتبين له أن
المسيح عليه السلام, لم يكن يقصد إلي وضع شريعة عامة خالدة للناس جميعاً.وإنما جاء
ليقاوم تجاوز اليهود حدودهم فيما رخص الله لهم فيه,كما صنعوا في أمر الطلاق.فقد جاء
في الفصل 19 من إنجيل متي أن المسيح حين انتقل من الجليل وجاء إلي تخوم اليهودية
إلي عبر الأردن دنا إليه الفريسيون ليجربوه قائلين: هل يحل للإنسان أن يطلق زوجته
لأجل كل علة؟,فأجابهم قائلاً:أما قرأتم أن الذي خلق الإنسان في البدء ذكراً وأنثي
خلقهم, وقال:لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلزم امرأته,فيصيران كلاهما جسداً واحداً
فليسا هما اثنين بعد ولكنهما جسد واحد وما جمعه الله فلا يفرقه الإنسان,فقالوا
له:فلماذا أوصي موسي أن تعطي (أي المرأة)كتاب طلاق وتخلي؟فقال لهم:إن موسي لأجل
قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم ولم يكن من البدء هكذا.وأنا أقول لكم :من
طلق امرأته إلا لعلة زني, وأخذ أخري فقد زني ومن تزوج مطلقة فقد زني,فقال له
تلاميذه:إن كانت هكذا حال الرجل مع امرأته فأجدر له ألا يتزوج(متي19:1-10).فالواضح
من هذا الحوار أن المسيح إنما أراد أن يحد من غلو اليهود في استعمال الإذن في
الطلاق الذي أعطاهم موسي فعاقبهم بتحريم الطلاق عليهم إلا اذا زنت المرأة فهو علاج
مؤقت لفترة مؤقتة حتي تأتي الشريعة الخالدة ببعثة محمد صلي الله عليه وسلم.وليس من
المعقول أن المسيح يريد هذا شرعاً أبدياً لكل الناس فإن حواريه وأخلص تلاميذه
أنفسهم أعلنوا استثقالهم لهذا الحكم العنيف وقالوا إن كان هذا شأن الرجل فأجدر له
ألا يتزوجفإن مجرد الزواج من امرأة يجعلها في عنقه غلاً لايمكن النفكاك عنه
بحال.مهما امتلأ قلبه من البغض لها والضيق بها والسخط عليها ومهما تنافرت طباعهما
واتجاهاتهما.وقديماً قال الحكيم:إن من أعظم البلايا مصاحبة من لايوافقك ولا
يفارقك.وقال الشاعر العربي: ومن نكد الدنيا علي الحر أن يري*عدواً له ما من صداقته
بد.
قيود الإسلام للحد من الطلاق:
هذا وقد وضعت الشريعة الإسلامية الغراء قيوداً عديدة في سبيل الطلاق حتي ينحصر في
أضيق نطاق مستطاع.فالطلاق بغير ضرورة تقتضيه وبغير استنفاد الوسائل الأخري التي
ذكرناها طلاق محرم محظور في الإسلام لأنه كما قال بعض الفقهاء ضرر بنفسه وبزوجته
وإعدام المصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه فكان حراماً كإتلاف المال ولقول
النبي صلي الله عليه وسلم لا ضرر ولاضرار-المغني لابن قدامة ج7ص77والحديث رواه
ابن ماجه والدارقطني وله طرق-.وأما مايصنعه الذواقون المطلاقون فهذا شئ لايحبه الله
ولا رسوله قال عليه السلام:لا أحب االذواقين من الرجال والذواقات من
النساء-الطبراني والدارقطني-وقالإن الله لايحب الذواقين ولا الذواقات-الطبراني
في الكبير بإسناد حسن-.وقال عبدالله بن عباس: إنما الطلاق من وطر