::: رجال ونساء أسلموا :::

السفير الألماني في المغرب سابقاً د.مراد هوفمان - القران الكريم

17-السفير الألماني في المغرب سابقاً د.مراد هوفمان

ألماني نال شهادة دكتور في القانون من جامعة هارفرد ، وشغل منصب سفير ألمانيا في المغرب. في مقتبل عمره تعرض هوفمان لحادث مرور مروّع ، فقال له الجرّاح بعد أن أنهى إسعافه : إن مثل هذا الحادث لا ينجو منه في الواقع أحد، وإن الله يدّخر لك يا عزيزي شيئاً خاصاً جداً(1).وصدّق القدر حدس هذا الطبيب إذ اعتنق د.هوفمان الإسلام بعد دراسة عميقة له ، وبعد معاشرته لأخلاق المسلمين الطيبة في المغرب..ولما أشهر إسلامه حاربته الصحافة الألمانية محاربة ضارية، وحتى أمه لما أرسل إليها رسالة أشاحت عنها وقالت:ليبق عند العرب!(2).قال لي صاحـبي أراك غريبـــاً ** بيــن هــذا الأنام دون خليلِقلت : كلا ، بــل الأنـامُ غريبٌ ** أنا في عالمي وهذي سـبيلي (3)ولكن هوفمان لم يكترث بكل هذا، يقول: عندما تعرضت لحملة طعن وتجريح شرسة في وسائل الإعلام بسبب إسلامي ، لم يستطع بعض أصدقائي أن يفهموا عدم اكتراثي بهذه الحملة، وكان يمكن لهم العثور على التفسير في هذه الآية(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )(4) .وبعد إسلامه ابتدأ د.هوفمان مسيرة التأليف و من مؤلفاته، كتاب (يوميات مسلم ألماني) ، و(الإسلام في الألفية الثالثة) و(الطريق إلى مكة) وكتاب (الإسلام كبديل) الذي أحدث ضجة كبيرة في ألمانيا .يتحدث د.هوفمان عن التوازن الكامل والدقيق بين المادة والروح في الإسلام فيقول : ما الآخرة إلا جزاء العمل في الدنيا ، ومن هنا جاء الاهتمام في الدنيا ، فالقرآن يلهم المسلم الدعاء للدنيا ، وليس الآخرة فقط (( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً )) وحتى آداب الطعام والزيارة تجد لها نصيباً في الشرع الإسلامي(5).ويعلل د.مراد ظاهرة سرعة انتشار الإسلام في العالم، رغم ضعف الجهود المبذولة في الدعوة إليه بقوله :إن الانتشار العفوي للإسلام هو سمة من سماته على مر التاريخ ، وذلك لأنه دين الفطرة المنزّل على قلب المصطفى (6).الإسلام دين شامل وقادر على المواجهة ، وله تميزه في جعل التعليم فريضة ، والعلم عبادة … وإن صمود الإسلام ورفضه الانسحاب من مسرح الأحداث ، عُدَّ في جانب كثير من الغربيين خروجاً عن سياق الزمن والتاريخ ، بل عدّوه إهانة بالغة للغرب !!(7) .ويتعجب هوفمان من إنسانية الغربيين المنافقة فيكتب: في عيد الأضحى ينظر العالم الغربي إلى تضحية المسلمين بحيوان على أنه عمل وحشي ، وذلك على الرغم من أن الغربي ما يزال حتى الآن يسمي صلاته (قرباناً) ! وما يزال يتأمل في يوم الجمعة الحزينة لأن الرب (ضَحَّى) بابنه من أجلنا!!(8).موعد الإسلام الانتصار:لا تستبعد أن يعاود الشرق قيادة العالم حضارياً ، فما زالت مقولة يأتي النور من الشرق صالحة(9) …إن الله سيعيننا إذا غيرنا ما بأنفسنا ، ليس بإصلاح الإسلام ، ولكن بإصلاح موقفنا وأفعالنا تجاه الإسلام(10)…وكما نصحنا المفكر محمد أسد ، يزجي د.هوفمان نصيحة للمسلمين ليعاودوا الإمساك بمقود الحضارة بثقة واعتزاز بهذا الدين ، يقول :إذا ما أراد المسلمون حواراً حقيقياً مع الغرب ، عليهم أن يثبتوا وجودهم وتأثيرهم ، وأن يُحيوا فريضة الاجتهاد ، وأن يكفوا عن الأسلوب الاعتذاري والتبريري عند مخاطبة الغرب ، فالإسلام هو الحل الوحيد للخروج من الهاوية التي تردّى الغرب فيها ، وهو الخيار الوحيد للمجتمعات الغربية في القرن الحادي والعشرين(11).الإسلام هو الحياة البديلة بمشروع أبدي لا يبلى ولا تنقضي صلاحيته ، وإذا رآه البعض قديماً فهو أيضاً حديث ومستقبليّ لا يحدّه زمان ولا مكان ، فالإسلام ليس موجة فكرية ولا موضة، ويمكنه الانتظار .--------------------(1) (الطريق إلى مكة) مراد هوفمان (55) .(2) مجلة (المجلة) العدد 366 ، مقال (هل حان الوقت لكي نشهد إسلاماً أوربياً ؟) للمفكر فهمي هويدي .(3) البيتان للشاعر الدكتور عبد الوهاب عزام (ديوان المثاني) ص(34) .(4) (الطريق إلى مكة) مراد هوفمان ص (49) .(5) (الإسلام كبديل) مراد هوفمان ص (55-115) .(6) (يوميات مسلم ألماني) مراد هوفمان .(7) (الطريق إلى مكة) ص (148) .(8) (الطريق إلى مكة) ص (92) .(9) (الإسلام كبديل) ص (136) .(10) (الإسلام عام 2000) ص (12) .(11) مجلة ( الكويت ) العدد (174) .* كاتب المقال: د . عبد المعطي الدالاتيوهذا جزء من كتابه الإسلام كبديل بعنوان الدين الكامل:يعزو المبشرون المسيحيون انتشار الإسلام السريع في غرب إفريقيا والسنغال والكاميرون وساحل العاج إلى أسباب، منها بساطة تعاليمه وخلوها من التصورات الغيبية الغامضة المعقدة. وإذا كان هذا صحيحاً، فلا محالة إذن أيضاً أن يكفي فصل واحد من هذا الكتاب لتصوير هذا الدين.
ولكي يكون المرء مسلماً، فلا بد من توافر شرطين اثنين فيه: الأول: الإيمان بإله واحد، مع تنزيهه عن الجنس، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، آثاره الملموسة في العالم تدل على وجوده. الشرط الثاني: الإيمان بما أنزله الله من الوحي، كما هو متجلّ في الحنيفية البيضاء من ابراهيم إلى محمد(ص).
إن المسلمين يؤمنون بوجود الله، لأن وجوده ثابت لهم بثبوت وجود الوجود أو العالم، إذ لكل معلول علة ولكل وجود مُوجِد أوجده، وهذه حقيقة أولية جلية حادثة فعلاً، رغم إدراك المسلمين أن النظر العلمي لا يطمئن إلى البرهنة بواسطة المحسوس الماديّ، على الغيبي غير المادي المحجوب، خاصة لمعرفتهم أن المنطق البشري ليست لديه الصلاحية المطلقة للتحقق والتثبت وإصدار القول الفصل في مسائل الغيب هذه.
في الشطر الأول من الشهادة التي ينطق بها المسلم عن اعتقادٍ يؤكد إيمانه بالله بقوله: أشهد أن لا إله إلا الله، وننبه تنبيهاً إلى أن المسلم لا يَشهدُ اللهَ... وإنما يشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، فينزّه الله تعالى عن الصاحبة والولد والشريك والتثليت وكل شكل من أشكال الشرك بالله، وفقاً لسورة الإخلاص (قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يَلد ولم يُولد. ولم يكن له كُفواً أحد). (سورة الإخلاص).
مع هذا يعتبر المسلمون الموحدون، من وجهة النظر الفلسفية لنظرية المعرفة لا أدريين إذا تناول البحث ذات الله وطبيعته وكنهه سبحانه وأفعاله وما هو فيه من شأن، فهذه مسائلُ لا يخوض فيها المسلم، أي إنه فيها لا أدريّ وقصارى الجهد أن يجب لاجئاً الى تعريفات سالبة أي تقوم على النفي، فتنفي عن الله كذا وكذا، مثلاً: الله ليس محدوداً ببداية أو نهاية، أو مثل: يستحيل كونه غير موجود.
كذلك يعتقد المسلم أنه لا يمكنه أن يهتدي لولا هدايةُ الله، إذا تُرِكَ للطبيعة وحدها يستهديها لذا يؤمن بضرورة الوحي لمعرفة الهُدى من الضلال، والحقُ في جانب المسلم استناداً إلى دراستنا لقوانين الطبيعة.
ثم إن المسلمين يؤمنون أن الله بَيّن لعبيده حقّاً طريق الهدى، وذلك عن طريق أنبياء التوحيد المرسلين، مثل إبراهيم وموسى وعيسى، وختم الله هذه الرسالات بالقرآن (هُدىً للناس) والذي نَزّلَهُ على محمد خاتم النبيين والمرسلين، كما يشير إلى ذلك القرآن الكريم في سورة الأحزاب، الآية 40: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم، ولكن رسول الله، وخاتم النبيين، وكان الله بكل شيء عليماً)، لهذا يؤكد الشطر الثاني من الشهادة أن محمداً رسول الله، وهذا الشطر لازم كل اللزوم لإتمام الشهادة أما ختم شيء أو أمرٍ فمعناه، عند الحديث عن الوحي، أنه تم واكتمل.
هذا الكمال والإتمام لم يكن متوافراً قبل محمد، بالرغم من إبلاغ موسى لرسالة الله، وبالرغم من إبلاغ عيسى كذلك، فبقيت الحاجة بعد عهدهما ماسة إلى الإكمال، وكانت هناك إمكانية _في عهد الرسول _ لتحقيق ذلك الإكمال.
أما الحاجة إلى الإكمال والتقويم، فلزمت لخروج اليهود والنصارى على الطريق المستقيم، في اعتقاد المسلمين، فاليهود زعموا أن بينهم وبين الله عهداً، فهم شعبه المختار، (الذي لن تمسه النار إلا أياماً معدودة)، والنصارى فقد زعموا أن عيسى ابنُ الله المماثلُ له في طبيعته الإلهية.
أما اليوم، فتصف كلمة مسلم الإنسانَ الذي يلتمس سلامته بإسلامه أموره لله ويجد هذه السلامة في هدي القرآن الذي يبين له حدود الله، والذي يحوي غير المنسوخ من الكتب السماوية السابقة على الإسلام. هكذا يلتزم المسلم الحق بالوصايا العشر الواردة في التوراة، وبالإيثار وحب الآخرين الذي ألحّ عليه وأوصى به الإنجيل (في العهد الجديد)، وهو بعد ذلك يؤمن بالاصول الست التي يؤمن بها اليهودي والمسيحي الملتزمان، وذلك كما بيّنها القرآن لنا في سورتي البقرة، الآية 285، والنساء الآية 136: (1) وجود الله، (2) وجود مخلوقات غير مرئية لنا (الملائكة)، (3) نزول كتب سماوية على بعض الأنبياء، (4) إرسال الله رسله وأنبياءه إلى الأمم، (5) القيامة والبعث يوم الحساب، (6) القضاء والقدر.
بعد ذلك ينفرد الإسلام بأنماط سلوكية تتمثل في الفرائض والعبادات، وقواعد الإسلام الخمس إلى جانب الشهادة:
1) شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
2) إقامة الصلاة (الصلوات المفروضة).
3) إيتاء الزكاة.
4) صوم رمضان.
5) حج البيت من استطاع إليه سبيلا.
الإسلام يلحّ على الإيمان والعمل معاً، كما في سورة العصر المكية: (والعصر، إن الإنسان لَفي خُسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصّوا بالحقّ وتواصَوا بالصّبر). (سورة العصر)
فقد يخطىء المسلم فيذنب، دون أن يطعن هذا في كونه مسلماً، أما تارك الصلاة، الذي يقطع صلته بالله، فليس من اليسير اعتباره مسلماً، فالصلاة المفروضة لا بد من أدائها، أما الأدعية والصلوات غير المفروضة (السنّة) فليست بفرض يحاسب المسلم على تركه، إنها تَقَرُّب إلى الله بذكره كثيراً وتسبيحه بكرة وأصيلاً، (ونحن نعلم كيف كان الرسول يتهجد ويقوم الليل، نصفه أو ثلثه..).
والمسلم يؤمن أن القرآن كلمة الله، وأنه ليس مخلوقاً من المخلوقات، وأن الله أوحاه إلى محمد بلسان عربي مبين في تلك الفترة الزمنية المحددة، وهو معجزة الإسلام الوحيدة، والدليل القاطع والبرهان الساطع على نبوة محمد.
ليس القرآن إذن كالعهد القديم أو الجديد، حيث يَقُصُّ فيهما شخص ما حديثاً غير مباشر عن شخص أو شيء أو عن الله... أما القرآن، فإن القاصّ الذي يقص أحسَنَ القَصَص هو الله مباشرةً سبحانه، يُخبر الله فيه عمّن يشاء أو عمّا يشاء، كما يُعلّمنا أن ننزّهه عن الجنس والنظير والشبيه... فيخبر عن نفسه بضمير المفرد المتكلم، وضمير المتكلم الجمع، وضمير الغائب المفرد، لكي نظل واعين بمسألة تَنزُّهه سبحانه عن التجسيد أو التشخيص.
ومع أن القرآن لا يمكن ترجمته دون فقد جانب مهم من المعنى، يكفي سبباً لذلك طبيعة اللغة العربية ذاتها، والقادرة على صياغة جمله خبرية غير مرتبطة بالتقسيم الزمني الذي نعرفه وغير خاضعة له، وبسبب ثراء نظمه المتساوق المترابط المحكم، فقد أصبح الكتاب الوحيد الذي تعددت ترجماته في لغة واحدة، أكثر من أي كتاب مترجم في العالم، وجاوزت طبعاته أعلى رقم لأي كتاب مترجم في تاريخ الطباعة، فضلاً عن أنه الكتاب الوحيد الذي يحفظه عن ظهر قلب مئات الآلاف من مختلف الأجناس (حتى من غير الناطقين بالعربية)، بل إن لغته العربية أصبحت حبلاً يعتصم به أكثر من مليار مسلم في العالم الإسلامي وحده: فتجد أن نحوه وتراكيبه اللغوية وألفاظه ومشتقاتِها أسدت للّغة العربية الكثير، فأصبحت اللغة الوحيدة، التي يستطيع الناطقون بها، المتوسطو الثقافة، أن يقرؤوا نصوصها التي يزيد عمرها عن ألف وأربعمئة عام، دون الحاجة إلى ترجمتها إلى لغة عربية حديثة.
إن فهم القرآن فهماً سليماً يتطلب الإحاطة بأشياء، منها: قراءة تفاسيره لمعرفة أسباب النزول، أو مناسبة السياق والملابسات المتعلقة بالنص مباشرة، والإطار العام غير المنفصل عن الآيات المراد فهمها.
مع ذلك يلزم الانتباه الشديد إلى طبيعة التفسير والمفسر، ووجهات النظر الذي يحتفل بها، فهناك اختلافات تمليها المذاهب والمشارب والثقافة والغاية، فتفاسير الشيعة قد تخالف تفاسير السنّة، كذلك تفاسير الفقهاء المنصرفة إلى المعاني الحرفية، والظاهر، وتفاسير أهل الباطن، وتفاسير الصوفية، غير تفاسير العقلانيين، ولا بد كذلك من الالتفات إلى عصر التفسير، فالطبري الذي عاش في القرن التاسع يختلف عن محمد أسد المولود في القرن العشرين.
ثم إن البَصَرَ بالسُنّة والحديث لازمٌ أشدّ اللزوم، فما كان النبي (ص) ينطق عن الهوى، فأقواله وأفعاله وإثباته لقولٍ أو فعلٍ أو إنكاره لهما، على درجة كبيرة من الأهمية لفهم الإسلام والقرآن. لقد كان محمد الإنسانُ الرجلُ بشراً، بلغ من استواء الشخصية والشفافية والصفاء والأمانة، والوعي والفطنة أعلى مقام، ثم إنه كان موهوباً آتاه الله الحكمة والنبوة وجوامع الكلم، ولا أدل على استواء شخصيته، وتوافر تلك الصفات في شخصه الكريم، من شكّه شخصياً أن يكون الإنسانَ المختارَ المكلفَ بأداء الأمانة وإبلاغ الرسالة على أكمل وجه، كما أمره الله... ولقد عَلِمنا أن القرآن يراه المثل الأعلى البشري أو القدوة الحسنة، أو كما وصفه ربه (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر، وذكر الله كثيرا) (الأحزاب، الآية 21)، فأمر بطاعته، والسير على سنّته.
لا ضير إذن أن نرى المقتدين بسنّته (ص) يسعون جاهدين إلى التزام هذه السنّة حتى في المظاهر الخارجية (فيقصّون الشوارب ويَعفُون اللحى، ويستعملون السّواك، ويفضّلون العسل... وغير ذلك من المعروف عن طباع الرسول في سيرته)، كذلك حرصهم على الختان الذي لم يذكره القرآن، فقد عرفه إبراهيم وذكره العهد القديم، والمسلمون، مهما كان مذهبهم، متبعون لهذه السنّة الحميدة.
الفروق بين المسلم والمسيحي كما أراها:
1_ يعيش المسلم في عالمه الذي لا يوجد فيه نظام القساوسة الكاثوليك الإكليريكي (الإكليروس) ولا نظام التدرج الوظيفي في مراتب القساوسة الصارم، ولا يتخذ وسيطاً أو شفيعاً مهما علا قدره عند الصلاة أو الدعاء، بينما يتوسل المسيحي بعيسى ومريم أو الروح القدس أو غير ذلك من القديسين عندما يتضرع أو يبتهل أو يصلي... هذه البيئة أقرب إلى طبيعة الإنسان الراشد العاقل من المناخ المألوف في الكنيستين البيزنطية والكاثوليكية، والذي يقوم على شعائر دينية وأسرار كهنوتية يباشرها رجل الدين المسيحي، لينال الماثل أمامه المسيحي بركاتِ الرب...
2_ يحرص الإسلام على السلامة العامة لكافة أفراد المجتمع، وذلك بتحريمه المطلق للحم الخنزير، والخمور والمسكرات، والمخدرات أيّا كان نوعها، ويلح في الوقت نفسه على المسؤولية التامة لمن يسيء تعاطي العقاقير السامة أو نحوها من مواد الإدمان بدلاً من استخدامها في التداوي من الأمراض وشؤون الطب المشروعة. كذلك، فإن الانتظام في أداء الصلوات المفروضة، في مواقيتها المشروعة، في خشوع وتأمل، يتيح تخفيف حدة التوتر والإجهاد اليومي، فيعود ذلك بالخير على الفرد والمجتمع، وهذا لا يتأتّى بأداء قدّاس الأحد أو بابتهال الصباح القصير سواء كان المبتهل وحده أو مع جماعة من المبتهلين المسيحيين.
3_ يبيح الإسلام العلاقة الجنسية المشروعة بين الرجل والمرأة، ويوصي بها ليتمتع الإنسان، الذكر والأنثى بممارسة هذا الحق الطبيعي، وبدون تحفظ على العكس من التصوير الشيطاني للعلاقة الجنسية المشروعة بين الرجل والمرأة في كتابات بولس الرسول الواردة بالإنجيل الحالي، والتي تشين الزواج افتراءً وتمدحُ العزوبية، داعيةً إلى الرهبانية، والتي تسبب للكاثوليك في كثير من الآلام والمعاناة، والعقد الجنسية، والشعور بالذنب وغير ذلك من المشكلات... هذا الحظر وتشويه النظرة إلى الجنس تسبباً كذلك في رد الفعل الرافض لرسالة بولس الرسول بشأن الجنس، والذي يبدو واضحاً في الانحلال الخلقي والإباحية الجنسية التي لا ترعوي مكتسحةً العالم الغربي، ولا ينساق الإسلام خلف الغرب في التردي في هذه الوهدة الوخيمة العواقب.
4_ إن وصية المسيحية أن يحب الإنسانُ الغير كحبه لنفسه عسيرٌ التزامها، بل إن المسيحي العادي لا يستطيع أن يلتزم بها، بل إنها عبء ثقيل عليه ينوء ضميره بِحًمله، تماماً كالعبء الذي يرزح تحته المسيحي المؤمن الذي عليه أن يلتزم بنظرة بولس الرسول للجنس.
تحت هذه الأعباء النفسية تقوى لدى المسيحي الناحية السلبية بما لها من عواقب نفسية وخيمة للتعاليم المعروفة مثل الخطيئة الأصلية الموروثة، ويمكن استغلال هذه الناحية استغلالاً سيئاً يتلاعب بأحاسيس الجماهير بإشعارها بالذنب واستحقاقها تحمل العقاب أو التكفير.
على العكس من هذا نجد الإسلام يتبع الصراط المستقيم، الصراط الوسط، الذي ليس من اليسير أداء بعض فرائضه (مثل صلاة الفجر والصوم) لكن أداء هذه الفرائض وأمثالها، في حدود الإمكان البشري المعتاد. فضلاً عن ذلك لا يكتب الإسلام على المسلم أو حتى يعلمه أن عليه أن يعتبر نفسه مذنباً يتحمل الخطيئة الأصلية، وأن عليه التماس الخلاص الذي ينجيه. إن علم النفس الجمعي يَعرِفُ العواقب التي يمكن أن تنشأ عن الأعراض المتزامنة المتلازمة المركّبة للخلاص.
5_ إن نظرة المسلمين للوضع الاقتصادي وبالتالي للعمل نظرةٌ اجتماعية سليمة، وليست في المقام الأول نظرةً نابعةً من الاقتصادية المستهدفة أعلى منفعية وأعلى ربحاً، بذا يمكن أن تصبح تصويباً للمسارات الخاطئة أو غير المستقيمة في المجتمعات الصناعية.
6_ أخيراً، يتعين أو ينبغي على المسلمين أن يكونوا قدوة حسنة في التسامح في علاقاتهم مع غير المسلمين والحكم أو النظام غير الإسلامي، القائم على الفصل بين الدين والدنيا أو العلماني _كما في المجتمع المتعدد الأجناس والثقافات والحضارات والمَنازع الفلسفية التي ترى التعددية الممكنة في رؤية كل منها للحقيقة _ حتى ولو اقتصر مفهوم السعادة لدى هذا المجتمع (التعددي) على النعيم والتنعيم في هذه الحياة الدنيا، أي على الأرض فقط على الأقل انطلاقاً من السورة رقم 109، والتي نرى أن على كل إنسان _مهما كان مذهبه _ سواء اليهودي والمسيحي والمسلم والملحد والفيلسوف (اللاأدري) أن يعلقها على الحائط فوق مكتبه ويَعيَها قبل دراسته المقارنة لأي نظام، وهي: (قل يا أيها الكافرون. لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد. ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد. لكم دينكم، ولي دين) صدق الله العظيم.
وهذا جزء من كتابه الإسلام كبديل بعنوان القانون الجنائي أو رجم الزانية:

|إن الدولة في الإسلام لها الحق، بادىء ذي بدء كغيرها من الدول، أن تصدر عن روح الإسلام في إصدارها للقوانين التي تراها عادلة لتعاقب الجاني الخارج على القانون، سواء أجرم المرء بتعدّيه على حدود الله، أو أجرم في حق الأمة أو الجماعة، أو أجرم في حق الدولة ذاتها.
هذا القانون الجنائي الوضعي، إنما هو من وضع البشر، قابل للتغيير والتعديل، في كل وقت، ومن الممكن أن يذهب بذهاب عصر ما، وهذا شيءٌ واتفاقُهُ مع روح العصر شيء آخر مختلف تماماً.
هذه الحرية في التشريع غير مطلقة، فهي محدودة بالقانون الجنائي القرآني، إذ إنّ له الصدارة التي لا تُدانى أو تنافس. ولا بد في هذا من الأنطلاق من أن المادة القضائية التي ينظمها القرآن، لايجوز للقانون الوضعي أن يبدل أو يعدل فيها، أو يضاعف في تغليظها أو نحو ذلك، لأن ذلك يعد تحسيناً أو تهذيباً أو تنقيحاً من البشر في قانون إلهي، وهذا لا يجوز بحال.
ويعاقب القرآنُ عقاباً رادعاً على ست جرائم فحسب، وإن كان يستنكر ويذم جرائم أخرى عديدة، مبيناً سوء عاقبتها الوخيمة، وما ينتظر مرتكبيها من جزاء في الدار الآخرة، ابتداءً من الميسر والقمار، وأكل الخنزير، والارتداد عن الإسلام. أما تلك الجرائم الموبقة الست التي يعاقب عليها في الدنيا، فهي:
أولاً: القتل العمد.
ثانيا: قطع الطريق والسلب والنهب علناً.
ثالثاً: الخيانة العظمى.
رابعاً: قذف المحصنات.
خامساً: الزّنى (بين العفيفات والمتزوجين: المؤلف).
سادساً: السرقة لشيء ذي شأن.
وقد نص القرآن على أن القتل عقوبة الجرائم الثلاث الأولى، أما الجريمة الخامسة فقد دأب الفقهاء التقليديون المتزمتون على تبرير قتل مرتكبها وذلك بالرجم إذا توافرت ظروف وملابسات معينة تُحَتّمُ عندهم ذلك.
أما جزاء السرقة ذات الشأن فهو قطع اليد اليمنى ثم اليسرى إذا لم يرتدع السارق، وكرّرَ السرقة. من هذا ترى أن القرآن لا يحوي في هذا الصدد سوى موادّ قليلةٍ جداً في الحدود أو العقوبات الجنائية، وأقل من ذلك بكثير ما يتعلق بالمحاكمات الجنائية. هذا الوضع يكفل الحرية اللازمة للشريعة الإسلامية لتكون إنسانية تراعي الواقع الفعلي للبشر، بواسطة تطبيق أحكام القانون الجنائي الشديدة الصرامة مع سقوط تلك الأحكام في مدة شديدة القِصَر، مما يوفر المجال الفسيح الكافي للشريعة لتخفيف قسوة العقوبات التي يفرضها القرآن.
هذا ولا شك سبب من أسباب التباين أو عمق الهوة بين الجانبين النظري والعملي في الواقع الفعلي للقضاء في حياة المسلمين اليومية.
إن القانون الجنائي في القرآن غير واف أو هو قاصر على الاستناد إلى الدليل المادي الثابت للحكم في قضية جنائية، لهذا نصّ على ضرورة شهادة شاهدين عدلين أو رجل وامرأتين، وفي حالة التهمة الجنسية (الزنى) نص على ضرورة شهادة أربعة شهود عدول.
ولا شك أن القرآن يطلب ما يستحيل تحقيقه لتوقيع العقوبة الخطيرة في حالة الزنى، إذ أنّى للمتهم أن يأتي بأربعة شهود ممن ترضى شهادتهم من العدول الرجال ليؤيدوا دعواه، مع مخاطرة أولئك الشهود بتعرضهم للجلد، بل وأحياناً للقتل، لدى بعض الفقهاء الذين يقيسون عقوبة الشاهد الكاذب (الذي يرمي المحصنات دون دليل) بعظم جُرم الزنى ذاته وما يرونه من عقوبة ذلك بالموت، ويكفي لذلك أن يثبت كذب واحد من الشهود الأربعة.
أضف إلى ذلك أن إقرار الزاني أو الزانية لا يكفي لتوقيع العقاب، بل على القاضي أن يرشد ذلك الشخص إلى حقه في سحب اعترافه بارتكابه لجريمة الزنى.
_ إن عقوبة الخيانة الزوجية بالزنى، وعقوبة قذف المحصنات كما نص القرآن ليس الرجم ولا الشنق أو القتل، وإنما هي الجلد فحسب، يقول تعالى في سور النور، الآيات رقم 2 إلى رقم 10 (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدٍ منهما مائة جلدة... والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهدا فاجلدوهم ثمانين جلدة، ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً، وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ... ولولا فضلُ الله عليكم ورحمته، وأن الله توابٌ حكيم).
ولئن كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد انتهج التسامح الكريم، وأكد ذلك وأقره الخليفةُ عمرُ بنُ الخطاب، فإن المؤسف حقاً أن الإسراف في عقاب الزاني والزانية عقاباً مسرفاً أغلظَ مما نص عليه القرآن بدأ يستقر في الحياة في العصور الأولى للإسلام، حتى صار هذا العقاب تقليداً وسنّة، مع مخالفة ذلك للقرآن، ومع أن الآية الثانية من سورة النور نسخت نسخاً لا شبهة فيه ولا تأويل حكم التوراة القاسي الذي ينص على الرجم حتى القتل، فتجد في سفر التثنية أن الفتاة التي فقدت عذرتها قبل الزواج (يرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت لأنها عملت قباحة في إسرائيل بزناها في بيت أبيها)، الإصحاح الثاني والعشرون الآية رقم 20.
أما بالنسبة لقطع يد السارق والسارقة، فإن الآية الثامنة والثلاثين من سورة المائدة تنص على ما يلي: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا، نكالاً من الله، والله عزيز حكيم).
قبل كل شيء لابد أن نبين أن السرقة التي يعنيها القرآن إنما هي سرقة شيء ذي شأن محفوظ حفظاً جيداً عن الأيدي، وإلا فإن السارق ليس بالملوم إذا تُركَ لإغراء الشيء الذي يُحبُّ أن يحصل عليه، دون حفظ ذلك الشيء في مكان حصين أمين. ولا ننسى أن الخليفة عمر بن الخطاب أمر بعدم قطع يد السارق في أيام الشدة والمجاعات أو نحوها، وأسقط دعاوى من طالب بعقاب السارق بسبب ذلك، ولقد نتج عن ذلك المبدأ القضائي الشائعُ، بعدم عقاب السارق واعتباره سارقاً إذا ألجأته الضرورة لذلك مثل عجز الدولة اقتصادياً واجتماعياً عن توفيرها له سبل المعيشة الشريفة..
وحتى يمكن فهم القانون الجنائي في القرآن لا بد من الأخذ في الاعتبار أنه مكمل او متمم لنظام المواريث وشؤون الأسرة في الإسلام. بناءً على هذا القانون، ليس للرجال أن يمس أموال زوجته أو ثروتها الخاصة، ويدخل في ذلك المهر، وعادة ما يكون حلياً ذهبية أو نحو ذلك مما تحتفظ به المرأة وتدخره لأيام الشدة مثلاً بعد الطلاق أو في حالة الكبر، خاصة أن الرجل غير ملزم بدفع نفقة شهرية أو سنوية لمطلقته، حسب الشريعة الإسلامية... من هنا يتبين خطر السرقة على المرأة التي لا مصدر لها غير مدخراتها، خاصة في الريف والمجتمعات البدوية.
ولا بد هنا من التنبيه إلى أن الإسلام لا يرى في كثير من العقوبات التي يعرفها المجتمع الأوروبي غيرُ المسلم، قسوة أقل من عقوبة قطع اليد، فهي ليست بحال أكثر إنسانية، مثل ذلك: السجن المؤبد ونفي المجرمين مرتكبي الجنايات عن المجتمع والأسرة.
ثم إن المسلم يرى في العقوبات التي نص عليها القرآن حدوداً حدها الله سبحانه بحكمته الإلهية، وإن لم يستطع العقل البشري دائماً أن يفقه الحكمة منها، وأن تلك الحدود ليست نوعاً من الوصايا لمن شاء أن يعمل بها، أو أن لا يعمل بها.

شارك

Powered by x2z2.com