حث ائتلاف تقوده المملكة المتحدة من دول شمال أوروبا ودول البلطيق المتاخمة لروسيا، الثلاثاء، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قبول طلب أوكرانيا بوقف فوري لإطلاق النار "لوقف الأزمة الإنسانية المتفاقمة".
وتزامنا، قررت روسيا، الثلاثاء، مغادرة مجلس أوروبا متهمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي بجعله أداة في خدمة "توسعهما العسكري والسياسي والاقتصادي شرقا"، في اليوم العشرين لبدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
هذا و اجتمع قادة المملكة المتحدة والدنمارك وإستونيا وفنلندا وأيسلندا ولاتفيا وليتوانيا وهولندا والنروج والسويد في لندن، الثلاثاء، كأعضاء في قوة الدعم المشتركة Joint Expeditionary Force "لإعادة تأكيد التزامنا استعادة السلام والأمن في أوروبا".
وقالوا في بيان: "ندعو روسيا إلى تنفيذ وقف فوري لإطلاق النار وتعزيزه لوقف الأزمة الإنسانية المتفاقمة والسماح بوصول المدنيين في أوكرانيا بسرعة ومن دون عوائق إلى الغذاء والماء والمساعدات الطبية".
وأدان قادة المنتدى "بأشد العبارات الممكنة" عملية بوتين في أوكرانيا، ووصفوها بأنها "انتهاك صارخ لسيادة وحرية واستقلال دولة أوروبية ديموقراطية".
وأضافوا في إشارة واضحة لمخاوف دول البلطيق: "نحن بحاجة إلى ضمان أن تظل مثل هذه الأعمال غير مقبولة وأن لا تقع أي دولة أخرى ضحية لمحاولات التوسع العنيفة، وتحقيقا لهذه الغاية، سنضمن استمرار قوة الدعم المشتركة في الاضطلاع بدور موثوق به في المساهمة في الدفاع والردع في المنطقة، وصون بلداننا وقارتنا".
روسيا تدير ظهرها لأوروبا
وحول قرار موسكو الانسحاب من مجلس أوروبا، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن "الإخطار بانسحاب جمهورية روسيا الاتحادية من المنظمة" سُلم الثلاثاء إلى الأمينة العامة لمجلس أوروبا ماريا بيتشيفونيتش بوريتش.
وأكد الناطق باسم مجلس أوروبا دانييل هولتغن تلقي هذا الإخطار.
ويراقب مجلس أوروبا احترام حقوق الإنسان في القارة، وتأسس عام 1949، ويضم جميع دول القارة تقريبا (47 دولة) بينها روسيا منذ عام 1996، وأوكرانيا منذ عام 1995. وحدها بيلاروسيا حليفة موسكو ليست عضوا فيه.
وأضافت وزارة الخارجية الروسية أن "أولئك الذين يجبروننا على اتخاذ هذه الخطوة سيتحملون المسؤولية التامة عن تدمير النطاق الإنساني والقانوني المشترك في القارة والتداعيات على مجلس أوروبا الذي سيفقد من دون روسيا وضعه كهيئة أوروبية شاملة".
ضغوطات على روسيا
ومن التداعيات الرئيسية لهذا الانسحاب، عدم استفادة المواطنين الروس البالغ عددهم 145 مليون نسمة من حماية المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الذراع القضائية لمجلس اوروبا والملاذ الأخير ضد أي قرارات تعسفية قد تصدر عن محاكم بلدهم.
وتشكل موسكو المصدر الرئيسي للملفات التي تنظر بها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. فأكثر من 24 % من القضايا المطروحة راهنا على المحكمة تتعلق بروسيا وبعضها ملفات لها رمزية كبيرة مثل قضية المعارض أليكسي نافالني.
في بيانها، اتهمت الخارجية الروسية مؤسسات مجلس أوروبا ومن بينها المحكمة، بأنها "استُخدمت بشكل منهجي لممارسة ضغط على روسيا والتدخل في شؤونها الداخلية".
وغداة إطلاق الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير، قرر مجلس أوروبا تعليق مشاركة روسيا في كل هيئاته باستثناء المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وألمح مسؤولون روس عدة نهاية الأسبوع الماضي إلى ان موسكو تستعد لمغادرة مجلس اوروبا نهائيا من دون التقدم بطلب رسمي إلى الآن.
وكانت الجمعية البرلمانية لمجلس اوروبا مجتمعة يومي الاثنين والثلاثاء للبت بطرد محتمل لروسيا من المنظمة نظرا إلى "الانتهاكات الخطرة للنظام الداخلي لمجلس اوروبا" المرتكبة خلال الغزو الروسي لأوكرانيا.
مناورة فظة
وقررت روسيا استباق الأمور معلنة أنها تنسحب قبل أن تتعرض لمذلة الطرد.
ومن تداعيات قرار انسحاب روسيا، حرمان مجلس اوروبا من 7 % تقريبا من ميزانيته السنوية البالغة 500 مليون يورو.
وقالت ليزا ياسكو العضو في الوفد الأوكراني في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا "هذا الاعلان وقاحة صلفة من جانب روسيا".
وأَضافت: "يظنون أن بإمكانهم أن ينقذوا سمعتهم لكن العالم بأسره شاهد على الجرائم التي يرتكبونها. لافت أن الاعلان أتى قبل ساعات على قرار طرد روسيا على أي حال من المنظمة. كان ينبغي ان يحصل ذلك من قبل لكن هذه المنظمة لا تملك أداة قوية بما يكفي لوقف جرائم روسيا. نحن نعيش فصلا مأسويا من تاريخنا وبلادي تدفع ثمنا باهظا جدا".
وقالت نيكول تريس رئيسة الوفد الفرنسي ونائبة رئيسة الجمعية البرلمانية: "هذه مناورة فظة في محاولة للتخفيف من وطأة ما كنا بصدد التصويت عليه. كانت 46 دولة مجتمعة هنا وثمة اجماع على طرد روسيا. لم يسبق ان حصل ذلك منذ تأسيس مجلس اوروبا".
وهذه المرة الثانية التي يواجه فيها المجلس سيناريو كهذا. فقد أقدمت اليونان على الخطوة نفسها وغادرت مجلس أوروبا قبل طردها في العام 1969 في ظل الحكم العسكري الديكتاتوري. وعادت إلى صفوف المجلس العام 1974.
وفي 2014، منع البرلمانيون الروس في الجمعية البرلمانية لمجلس اوروبا من حق التصويت بعد ضم روسيا لشبه حزيرة القرم من اوكرانيا. وبعد خمس سنوات من التوتر الشديد تمكنت البعثة الروسية من العودة إلى الجمعية البرلمانية العام 2019 رغم معارضة البرلمانيين الأوكرانيين المطلقة.
وتعقد اللجنة الوزارية لمجلس أوروبا اجتماعا الأربعاء للبحث في الوضع.