أمضى عملاء طالبان السريون، وهم في الغالب من حليقي الذقون ويرتدون الجينز والنظارات الشمسية، سنوات في التسلل إلى وزارات الحكومة الأفغانية والجامعات والشركات ومنظمات الإغاثة.
ومع قرب لحظة الصفر وعندما كانت القوات الأميركية تستكمل انسحابها في أغسطس، خرج هؤلاء العملاء من الظل في كابل والمدن الكبرى الأخرى في جميع أنحاء أفغانستان، وفاجأوا جيرانهم وزملاءهم، وأشهروا أسلحتهم وساعدوا طالبان على الاستيلاء بسرعة على البلاد من الداخل.
وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، أصبح الدور المحوري الذي تلعبه هذه الخلايا السرية واضحًا الآن بعد ثلاثة أشهر من انسحاب الولايات المتحدة. وفي ذلك الوقت، سقطت المدن الأفغانية الواحدة تلو الأخرى مثل الدومينو مع القليل من المقاومة من القوات الحكومية المدعومة من الولايات المتحدة، كما انهارت كابل في غضون ساعات دون إطلاق رصاصة واحدة.
وتفاخر محمد مولوي سعد، أحد كبار قادة طالبان، الذي قاد عمليات انتحارية واغتيالات داخل كابل قبل سقوطها قائلا: "كان لدينا عملاء في كل منظمة ودائرة. الوحدات التي كانت موجودة بالسر في كابل هي بالفعل من سيطر على المواقع الاستراتيجية".
وينتمي رجال السيد سعد إلى ما يسمى بقوة البدري التابعة لشبكة حقاني، وهي جزء من حركة طالبان، التي صنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية بسبب صلاتها بالقاعدة.
وأضاف وهو جالس أمام مجموعة من شاشات الدوائر التلفزيونية في مركز قيادة أمن مطار كابل، الذي يشرف عليه الآن: "كان لدينا أشخاص حتى في المكتب الذي أشغله اليوم".
وغالبًا ما كان يُنظر إلى الحرب التي استمرت 20 عامًا في أفغانستان على أنها قتال بين عصابات من متمردي طالبان والقوات الأفغانية والأميركية التي تكافح للسيطرة على المناطق الريفية.
ومع ذلك، فقد فازت في نهاية اللعبة شبكة كبيرة تحت الأرض من النشطاء داخل المناطق الحضرية.
وفي 15 أغسطس، بعد أن فر الرئيس الأفغاني أشرف غني من كابل ، كان هؤلاء الرجال هم من استولوا على العاصمة بينما بقيت قوات طالبان التقليدية في الخارج، وفقا للصحيفة.
وقال محمد رحيم العمري، وهو قائد متوسط المستوى في قوة البدري، يعمل متخفيًا في شركة للبنزين في كابل، إنه تم استدعاؤه للعمل في ذلك اليوم من قبل طالبان. وأضاف أنه تم إرساله و12 آخرين إلى مجمع للمخابرات الأفغانية في شرق المدينة، حيث نزعوا أسلحة الضباط المناوبين ومنعوهم من إتلاف أجهزة الكمبيوتر والملفات.
كما انتشرت خلايا أخرى للاستيلاء على منشآت حكومية وعسكرية أخرى ووصلت مطار كابل ، حيث كانت الولايات المتحدة تبذل جهود إخلاء ضخمة، وسيطروا على محيط المطار حتى وصلت قوات طالبان المسلحة بشكل أفضل من الريف في الصباح. كما تم إرسال أحد العملاء وهو الملا رحيم لتأمين المعهد الأفغاني للآثار وكنوزه من اللصوص المحتملين.
وقال العمري إن قوة البدري لديها خلايا مجزأة تعمل في مهام مختلفة، وهم مقاتلون مسلحون وجامعو تبرعات ومنخرطون في الدعاية والتجنيد.
وأضاف: "الآن هذه الأنواع الثلاثة من المجاهدين قد توحدوا". السيد العمري نفسه هو الآن نائب قائد الشرطة في المنطقة الثانية عشرة في كابل. وساعد نجاحهم في تعزيز نفوذ أتباع حقاني داخل حركة طالبان بشكل عام.
ومؤسس حركة البدري هو بدر الدين حقاني، الذي قُتل في غارة أميركية بطائرة بدون طيار في باكستان عام 2012. والحركة الآن تحت القيادة النهائية لشقيقه، سراج الدين حقاني، المسؤول عن الأمن الداخلي لأفغانستان بصفته وزير الداخلية.
وتضم قوة البدري عدة مجموعات فرعية، وأشهرها وحدة العمليات الخاصة "البدري 313" التي انتشر مقاتلوها في خوذات راقية وسترات واقية بجانب مشاة البحرية الأميركية في مطار كابل بعد سقوط العاصمة.