بدأ اسم رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد الدبيبة يظهر مؤخرا في استطلاعات الرأي، التي تفوّق فيها على جميع المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية في البلاد، بشكل يضعه في مركز قوي للمنافسة على منصب رئيس ليبيا القادم في انتخابات نهاية العام الحالي، إذا ما قرر خوض المنافسة.
وكانت عدة تقارير محلية أشارت أمس الثلاثاء إلى أن الدبيبة ينوي إعلان ترشحه إلى الانتخابات الرئاسية خلال الأيام المقبلة وتكليف نائبه رمضان بوجناح بتصريف الأعمال، الذي يبدو أنه بدأ بالفعل في إنابته، حيث ظهر يوم الاثنين في ديوان رئاسة الحكومة بالعاصمة طرابلس، بدلا عن رئيس الحكومة الذي كان يحضر مؤتمر قمة المناخ بغلاسكو الاسكتلندية.
حذف شروط الترشح
لعل اللافت في الأمر أن الحديث عن ترشح الدبيبة، تزامن مع قيام المفوضية العليا للانتخابات بحذف شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، بعد دقائق من نشرها على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وبعد أيّام من تداول تقرير منسوب إلى جهاز المخابرات الليبية تحت بند "سري وعاجل"، ذكر فيه أن "الدبيبة كشف في اجتماع عقده مؤخرا في مدينة مصراتة وحضره عدد من الأعيان وقادة التشكيلات المسلحة نيته الترشح إلى الانتخابات"، لافتا إلى أن "لديه ترتيبات بالخصوص مع عماد السايح رئيس مفوضية الانتخابات".
ووفق التقرير فإن "الدبيبة يسعى لإعلان ترشحه خلال الأيام القليلة المقبلة"، وقد "خصص مبلغ 70 مليون دولار أميركي لتنفيذ حملته الدعائية، وهو حاليا بصدد تكليف نائبه صوريا بتسيير أعماله بالتنسيق معه".
كما ادعى التقرير تشكيل غرفة عمل برئاسة مقربين من رئيس الحكومة، مهمتها العمل على مدار الساعة مع وزير الداخلية، خالد مازن، لدعم حظوظ فوز الدبيبة بالانتخابات.
إلا أن قانون انتخاب الرئيس الذي أصدره البرلمان في مادته 12، يمنع الدبيبة من الترشح، حيث ينّص على ضرورة "توقف المترشح عن العمل وممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر، وإذا لم يُنتخب يعود لسابق عمله"، لكن مفوضية الانتخابات طلبت من البرلمان إضفاء بعض التعديلات على هذه المادة، بحيث "لا يتوقف المرشح عن ممارسة مهامه إلا عند إعلان المفوضية عن بدء الانتخابات ولمدة 3 أشهر" ، بشكل بدا وكأن التعديلات صيغت لتلائم رئيس الحكومة الحالي وتسمح له بالترشح، لكن البرلمان لم يوافق عليها حتى اليوم.
المرشح المرعب
ورغم أن ترشح رئيس الحكومة لم يحسم بعد قانونيا، بسبب الخلافات بين البرلمان والمفوضية العليا للانتخابات حول شروط الترشح، فإن الأنباء التي أشارت خلال الساعات الأخيرة إلى احتمال ترشحه، أشعلت جدل الانتخابات وصعدت من حدّة التنافس والمعركة الانتخابية، وصلت إلى حد وصفه بـ"المرشح المرعب" الذي قد يلخبط الطموحات الرئاسية لبقية المرشحين، خاصة بعد أن وضعته أغلب استطلاعات الرأي الأخيرة التي أجريت على مواقع التواصل أوالمواقع الإلكترونية الإخبارية، في المرتبة الأولى متقدما على وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا وقائد الجيش الليبي خليفة حفتر، وكذلك على مرشح النظام السابق سيف الإسلام القذافي، حيث يتفق حوله الكثيرون ممن يشعرون بالخيبة من الشخصيات التي تصدرت خلال السنوات الماضية المشهد السياسي في البلاد، وتنوي الترشح للاستمرار في السلطة أو العودة إليها.
"لم يكن معروفا"
يشار إلى أن الدبيبة، رجل الأعمال الثري البالغ من العمر 62 عاما، لم يكن معروفا لدى عامة الليبيين، إلى حين اختياره رئيسا لحكومة الوحدة الوطنية في فبراير الماضي (2021)، بطريقة مثيرة للجدل، بعد اتهامه بتقديم رشاوى إلى أعضاء الحوار السياسي للتصويت له، لكنه يجد اليوم دعما شعبيا كبيرا ومن جهات عديدة خاصة في منطقة الغرب الليبي، بعدما لفت الانتباه بشخصيته المرحة وأسلوبه المختلف في التواصل مع الليبيين ومظهره الشعبي، وبملامح رجل الأعمال الليبرالي الناجح المنفتح على العصر والعالم والقريب من الجميع.
وإذا ما ترشح، تكفيه أصوات المنطقة الغربية، حيث الكثافة السكانية والخزان الانتخابي الأكبر في ليبيا، لتصدّر النتائج، لكن نشاطاته وتحركاته الأخيرة، بدأت تثير انتقادات كبيرة في البلاد.
فقد رأى البعض أنها حملات دعائية لغايات انتخابية مدفوعة من المال العام، بالإضافة إلى المصاريف الكبيرة التي أنفقتها حكومته في فترة قصيرة والتي رافقتها اتهامات بالفساد وبالتبذير، وهي عوامل قد تؤثر على حظوظه!