تدخل التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت ابتداءً من الاثنين القادم (13 سبتمبر) منعطفاً جديداً قد يُشكّل تحوّلاً في مسار القضية مع تحديد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار مواعيد متلاحقة لاستجواب عدد من الذين طلب الإذن بملاحقتهم بجرم القصد الاحتمالي لجريمة قتل أكثر من مئتي ضحية، بالإضافة إلى الإهمال والتقصير.
جلسات استجواب متلاحقة
ويستعدّ القاضي الذي يتعرّض لضغوطات من قوى سياسية عدة، أبرزها حزب الله الذي اتّهمه أمينه العام حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة بتسييس التحقيق، لاستجواب عدد من الذين كانوا في سدّة المسؤولية من لحظة دخول مادة نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت وحتى انفجارها في العنبر رقم 12 يوم 4 أغسطس 2020.
إذ ستنطلق الاستجوابات الاثنين مع قائد الجيش السابق، جان قهوجي، يليها الخميس 16 الجاري جلسة استجواب وزير الأشغال العامة والنقل السابق يوسف فنيانوس الذي يرفض المثول أمام المحقق العدلي لأسباب مرتبطة، بعدم مراعاة إجراءات التبليغ للأصول القانونية بحسب وكيله القانوني، ثم جلسة لمدير عام الجمارك بدري ضاهر (موقوف منذ انفجار المرفأ) في 18 الجاري، وما بين هذه التواريخ جلسات أخرى لعدد من الضباط، على أن يتوّج البيطار جلساته باستجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسّان دياب يوم الاثنين 20 سبتمبر المقبل.
بالتزامن مع التطورات القضائية المرتقبة، يُنظّم أهالي ضحابا وجرحى الانفجار سلسلة تحرّكات "نوعية" تنطلق الاثنين المقبل من أمام مركز فوج إطفاء بيروت في وسط العاصمة من أجل مواكبة جلسات الاستجواب التي حدّدها المحقق العدلي وتقديم الدعم المعنوي له لمواصلة ما بدأه.
"لم يعد لدينا ما نخسره"
وفي الإطار، أكد شقيق الضحية في فوج إطفاء بيروت، دجو نون، ويليام نون لـ"العربية.نت" "أن التصعيد من قبلنا سيكون سيّد الموقف ابتداءً من الاثنين المقبل، وسيشهد اللبنانيون على تحرّكات نوعية ومتواصلة بشكل شبه يومي، لأنه لم يعد هناك شيء لنخسره".
وفي حين تحفّظ الإفصاح عن "نوعية" هذه التحرّكات "لأن الأجهزة الأمنية ناطرتنا عالكوع" على حدّ قوله"، لفت إلى "أن بيوت المسؤولين الذين طلب القاضي طارق البيطار الإذن بملاحقتهم لا تزال "بنك الأهداف" بالنسبة لنا، لكن هذه المرّة سنُغيّر الاستراتيجية من أجل تحقيق المطلوب.
تهديدات حزب الله
إلى ذلك، قال "حاسبين حساب" ردّات فعل القوى الأمنية ضدنا التي تستخدم ضدنا القنابل المسيّلة للدموع والعنف أحيانا. ونحن على تنسيق وتواصل مع الثوّار من أجل أن تكون التحرّكات حاشدة، لاسيما أن التحقيقات دخلت مرحلة أساسية وهامة في مسار القضية".
كما أكد نون أن "أهالي الضحايا واثقون بما يقوم به القاضي طارق البيطار وراضون عن الإجراءات والخطوات التي اتّخذها منذ تكليفه بالملف، على رغم أنه يتعرّض لكثير من التهديدات المُبطّنة جاء آخرها على لسان زعيم حزب الله حسن نصرالله".
ملاحقة المدير العام للأمن العام
أما المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي رفض وزير الداخلية طلب المحقق العدلي الإذن بملاحقته، فقد رجّحت المعلومات أن يُصدر المحقق العدلي قريباً قراراً بتحديد جلسة استجواب له على غرار ما قام به تجاه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب.
يذكر أن المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت، كان أصدر أمس الاثنين مذكرة توقيف وجاهية بحق مدير العمليات السابق في المرفأ، سامي حسين بجناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل، وجنحة الإهمال والتقصير.
وكانت أطنان من نيترات الأمونيوم تركت لسنوات في أحد عنابر المرفأ، ما أدى إلى انفجارها في الرابع من أغسطس قبل عامين، حاصدة أكثر من 180 قتيلا وآلاف الجرحى، فضلا عن تخريب آلاف البيوت والمؤسسات التجارية والمحال في العاصمة اللبنانية، بعضها لا يزال خرابا حتى اليوم، ناهيك عن تدمير أهم مرافئ البلاد، والوحيد في بيروت.
وفي حين تعهد المسؤولون حينها بالكشف عن نتائج التحقيق وأسباب الكارثة التي حلت بالمدينة، خلال أسبوع، لا تزال التحقيقات حتى يومنا هذا تراوح بلا نتيجة واضحة!