وأعلن السيسي قيام الشركات المصرية المتخصصة بالاشتراك في تنفيذ عملية إعادة الإعمار.
وقبلها، أعلن الرئيس السيسي من العاصمة الفرنسية باريس، حيث شارك في مؤتمر باريس لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، أنه التزاماً من جانب مصر ببذل كل الجهود لمساندة الخطوات التي اتخذتها الحكومة السودانية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والتخلص من ديونه المتراكمة وتخفيف أعبائه التمويلية، فإن بلاده ستشارك في المبادرة الدولية لتسوية مديونية السودان من خلال استخدام حصة مصر لدى صندوق النقد الدولي لمواجهة الديون المشكوك بتحصيلها، مشيداً في هذا الإطار بالخطوات الشجاعة التي يقوم بها السودان في اتجاه الإصلاح الهيكلي للاقتصاد، بما يعكس إرادة سياسية حقيقية لإنجاح المرحلة الانتقالية، ومؤكدا استعداد مصر لنقل التجربة المصرية في الإصلاح الاقتصادي وتدريب الكوادر السودانية.
ما الذي يحدث وما تفسيره؟
ولماذا اتخذت مصر هذا القرارات؟
وما سببها؟
يجيب اللواء دكتور هشام الحلبي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية في مصر، لـ"العربية.نت" بالقول إن القرارات المصرية بخصوص غزة والسودان لها شقّين، أولهما إنساني وثانيهما إستراتيجي مرتبط بالأمن القومي. فالشق الإنساني لا مجال فيه لمزايدات أو بحث عن تفسيرات، فمصر تقوم بالدور الإنساني في كل مرة تتعرض فيها غزة لاعتداءات إسرائيلية، وتقوم بفتح معبر رفح لإدخال المساعدات، ونقل الجرحى والمصابين وعلاجهم في مستشفياتها، وتقدم مواد غذائية وإغاثية وأدوية وخلافه. وفي العدوان الأخير قامت بإرسال سيارات إسعاف وأرسلت أطنانا من الأدوية والمستلزمات الطبية.
وأضاف أن التدخلات المصرية للقيام بدور الوساطة وبذل الجهود لوقف العدوان ووقف النار يندرج ضمن البعد الإنساني الذي تقوم به مصر أيضا، حرصا على أرواح وحياة سكان غزة، مشيرا إلى أنه عند استتاب الوضع الإنساني في غزة، فهذا يؤدي للاستقرار في القطاع، وبدروه يؤدي للاستقرار في مصر، وسيناء.
ويقول إن بعض الدول تستغل الظروف في غزة، وتتدخل تحت غطاء العمل الإنساني، لكي تدفع بأموال وأسلحة وذخيرة وإنشاء أنفاق، من أجل إحداث توتر واضطرابات في غزة، وتشويه للقضية الفلسطينية، وزجّها في صراعات، مؤكدا أن التدخل المصري لإرساء العمل الإنساني ضروري لمنع تدخل دول أخرى تهدف لتحقيق مآرب سياسية، وهز استقرار غزة ومن ثم مصر والمنطقة، وهو ما كان يجري منذ سنوات، ومازالت المنطقة تعاني من تداعياته.
ويكشف الحلبي أن الشق الإستراتيجي يتطلب ترسيخ الاستقرار في غزة ومنع اللجوء للأنفاق لتهريب الأسلحة والذخائر والمتفجرات التي تهدد الأمن القومي المصري والعربي، وتوفير فرص عمل لأبناء القطاع، وتوفير حياة كريمة لهم، ومنع استغلالهم من جانب بعض الدول، واستخدامهم وتجنيدهم في تنظيمات إرهابية، واستخدام القضية الفلسطينية، كأوراق ضغط لتحقيق مصالح هذه الدول، بعيدا عن مصالح الفلسطينيين أنفسهم، موضحا أن قوى إقليمية تستغل القضية الفلسطينية، لتحقيق مطامعها السياسية وخلق مناطق تواجد ونفوذ لها في المنطقة.
ويضيف أن تدخل مصر إنسانيا في غزة وتوفير احتياجات القطاع وإعادة إعماره سيقلل من إنشاء أنفاق قد تستخدم في المسّ بأمن مصر، وقد تستخدم في تسلل إرهابيين، وتهريب كل ما هو غير مشروع، ويمكن أن يهدد الأمن القومي، موضحا أن مصر عانت كثيرا من الأنفاق وأقامت شريطا حدوديا عازلا لمواجهتها ومواجهة التهريب.
ما ينطبق على غزة ينطبق على السودان - كما يقول اللواء الحلبي - فضمان مصر لديون السودان يأتي انعكاسا لنفس الدور المساند والداعم للسودان بعد ثورة أطاحت بنظام عمر البشير، ومن الطبيعي أنه بعد الثورات تكون الأوضاع غير مستقرة وتحتاج لإعادة ترتيب أوراق وتنظيم أولويات، ومواجهة أزمات اقتصادية.
وأضاف أن مؤتمر باريس لدعم السودان، والذي أقيم بمشاركة مصر، كان خطوة ممتازة لحل مشكلات السودان جذريا ووضع البلاد على المسار الصحيح، وبالطريقة التي تمكّن الحكومة الجديدة من توفير الاستقرار، ومن ثم منع استغلال الظروف المعيشية والاقتصادية والأزمات في خلق حالة من الإحباط لدى الشعب السوداني وإحداث توترات تؤدي لاضطرابات تؤثر على استقرار السودان ودول الجوار ومنها مصر.
وقال إن السودان دولة عربية شقيقة وحليفة، وتقف مساندة وداعمة لمصر في ملف سد النهضة، ووقوف مصر معها ضروري، من أجل خلق مواقف موحدة في المحافل الدولية لكي توضح وتكشف عدالة قضية الدولتين في أزمة السد، وتقوي موقفهما، المبني على أسباب ومبررات صحيحة.
وأضاف أنه ومن خلال مؤتمر باريس الأخير، طرحت الدولتان مصر والسودان قضية سد النهضة وكسبا دعما دوليا مؤيدا لهما ما يجعل كلمتهما هي الأعلى في المفاوضات.