لا يوجد أي بوادر بتجاوز الأزمة الاقتصادية وكما أسلفنا سابقا أن كل هذه المعالجات ما هي إلا مسكنات مؤقتة لها تبعات باهظة و سلبية مستقبلا ارتفاع حدة التذبذب بالأسعار وارتفاع النزعة المضاربية طاغية على الاستثمار بسبب ارتفاع عناصر الإنتاج وضعف الهامش لدى المنتجين و البطالة المتزايدة و ضعف القوة الشرائية يقلل من ربحية الشركات مما يدفعها لتقليل التكاليف بتسريح مزيد من العمالة بتغذية راجعة تعزز الانكماش.
وبما أننا دولة ريعية و تعتمد على البترول كسلعة لها نصيب وافر من المضاربة في نهاية الدورة الاقتصادية مما يجعل اثر الأزمة لا يظهر إلا متأخرا.
ولا زال الطلب على السيولة كبير جدا وهو ما يجعل جميع الأصول و السلع مهددة بالهبوط وخاصة ما يلقى اهتمام لدينا الأسهم و العقار و البترول في مرحلة الركود و على مستوى التجارة لا ينصح بدخول نشاط جديد أو التوسع بالنشاط الحالي إذا كان رأس المال كبير ويحتاج دورة طويلة ليعود في الأزمة يفضل اخذ الركود واحتمال تفاقم ضعف الطلب بالاعتبار كعامل أساسي في دراسة جدوى مشروع جديد أو توسع في الركود يجب أن تكون السياسة الاستثمارية متحفظة ومتقشفة مع زيادة الاحتفاظ بالسيولة قدر الإمكان لارتفاع قيمتها بشكل اكبر من الاستثمار.
عند شراء المعدات و إنشاء المباني بالأسعار الحالية على مستوى الطلب الحالي قد يحتاج رأس المال 7 سنوات ليعود يزيد وينقص حسب النشاط لكن مع ضعف الطلب وكثرة العرض وشدة المنافسة على الطلب الضعيف ستنخفض الأسعار وتتضاعف مدة عودة رأس المال وقد تصل إلى الخسارة.
على سبيل المثال المشروع بتكلفة 2.5 مليون ريال عام 2001 يعادل 17 مليون ريال تقريبا الآن وهذا التناسب يزيد وينقص حسب النشاط لذلك قد نجد المشاريع و المصانع بعد الأزمة وفي قاع الركود مستقبلا تنشأ بتكلفة تقل 70% عن التكلفة الحالية.
لو فرضنا ارتفاع قيمة السيولة 17% سنويا في ذروة الركود و الاستثمار يحقق 10% هنا نجد أن الاحتفاظ بالسيولة أفضل هناك فرص وهناك اعتبارات أخرى يجب أن لا تغفل مثل حاجة السوق لخدمة أو منتج رغم الركود أيضا السبق وما يوفره من قاعدة عملاء وخبرة.
إنتاج السلع الأساسية مثل الغذاء و الكساء و ما هو غير كمالي لا غنى عنها حتى في فترات الركود مع مراعاة أهمية سرعة دوران رأس المال و في القطاع الخدمي كالخدمات ذات الأفكار المبتكرة المؤتمتة إشرافية أو رقابية أو تسويقية و التي يقل فيها العنصر البشري و المالي لأقصى حد.
في مرحلة الركود يجب أن تكون السلع سريعة الدوران مع عدم الاحتفاظ بالمخزون لفترة طويلة لتتمكن من مجارات أسعار السلع مع هبوطها.
من المعطيات الحالية و طول فترات التذبذب فيها أميل أن هذه الأزمة اكبر من أزمة أواخر السبعينات لذلك قد يصاحبها ضغوط سياسية اكبر.
الركود و الرواج تبادل طبيعي للدورة الاقتصادية والركود عبارة عن تصحيح سعري لعناصر الإنتاج وخاصة الخامات و الأصول ومتوسط الأجور.
ردود الفعل من الناس و الحكومات بسبب آثار الركود غالبا ما تكون غير منطقية ومتكررة بنفس الصورة لكن بمسمى مختلف فقد يكون هناك مبالغة بضخ السيولة وهو تهديد غير مباشر لمن يملك سيولة لكن له سلبيات حيث أن الوضع السلبي للاقتصاد لا يشجع المستثمر بضخ سيولة في الاقتصاد الحقيقي فتتجه السيولة للمضاربة وأيضا يكون هناك رد فعل بالمثل من الدول الأخرى وهو يهدد استقرار العملات.
وإذا ذهبت الثقة بالعملة فسيكون هناك تضخم جامح يصعب السيطرة عليه ويكون هناك صعود للسلع و الأصول بسبب انهيار العملة وقد يكون هناك مبالغة بالتقشف و الأثرة من الطبقة الغنية و الحكومة دون مراعاة الطبقة المتضررة مما يخلق بيئة محبطة مناسبة للتدمير و العنف.
و الصواب ترك السوق لعوامله الطبيعية والبحث عن العيوب المهملة من تراخي الحكومات مع الطفرة والرواج والاكتفاء بالرقابة وذلك بمنع التصرفات التي تزعزع الثقة بين المتداولين وتهدم البيئة و المجتمع و الدعم بالبحث و التطوير وتوفير البنية التحتية مع ضمان عدالة التوزيع لتحقيق بيئة تنافسية عادلة و وشفافة و عدم تحديد الأسعار وترك ذلك للتراضي بين المتعاقدين لتوفير إنتاجية حقيقية ودعم وتشجيع المبادرات و الأعمال التطوعية و الاجتماعية ودعم المتضرر مباشرة.