حفّزت السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا التي استلمت مهامها مذ 3 أسابيع، عديد الدول على الإسراع في إجراء زيارات إلى ليبيا لعقد اتصالات وتفاهمات مع القادة الجدد، في خطة قال مراقبون إنها تستهدف التموقع من جديد في السوق الليبية الواعدة بمشاريع الإعمار والفرص التجارية والاستثمارية الهائلة من أجل إعادة التواجد اقتصاديا وبشكل أكبر في هذا البلد الذي مزقته الصراعات المسلحة.
واليوم الاثنين، وصل رئيس الوزراء المالطي روبرت بيلا إلى العاصمة طرابلس، حيث كان في استقباله رئيس الحكومة الليبي عبد الحميد الدبيبة، في زيارة سيبحث من خلالها الطرفان ملف الأصول الليبية المجمدة في مالطا، والهجرة غير القانونية، والتعاون التجاري وفتح المجال الجوي بين البلدين، إضافة إلى إعادة افتتاح السفارة المالطية في ليبيا.
وتأتي زيارة بيلا بعد ساعات من زيارة المجلس الأوربي شارل ميشيل إلى ليبيا، حيث بحث مع المسؤولين الليبيين سبل دعم أوروبا للعملية السياسية في ليبيا من أجل تعزيز الاستقرار في البلاد ومضاعفة التعاون في كافة القطاعات، وقبل يوم من وصول رئيسي الوزراء الإيطالي ماريو دراغي واليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، مع توقع مزيد من زيارات للوفود الأجنبية في الأيام القادمة، إلى جانب وجود تحركات تونسية وأخرى مصرية لبحث سبل تطوير التبادل التجاري مع ليبيا وإعادة تفعيل الاتفاقيات المجمّدة وإحياء المشاريع المتوقفة.
وفي هذا السياق، اعتبر المحلل السياسي محمد الرعيش لـ"العربية.نت"، أن هذه الزيارات الدولية في ظاهرها دعم للسلطة الجديدة وللاستقرار في ليبيا لكنها تخفي وراءها محاولات لحجز موقع والفوز بأوفر نصيب من كعكة إعادة الإعمار بليبيا، وفتح المجال للعمل ثانية في ليبيا وتصدير منتجات شركاتها إلى السوق الليبية، إضافة إلى قطاعي النفط والغاز الذي يعدّ المحرك الأكبر، مضيفا أن كل الدول التي ترتبط بمصالح مع ليبيا نزلت بكل ثقلها الديبلوماسي من أجل الحفاظ على مصالحها ومزيد دعمها، وهي زيارات تحمل في طياتها تنافسا كبيرا بين هذه الدول على الفوز بحصّة أكبر في ليبيا.
ونفس الفكرة ذهب إليها المحلل السياسي فرج الفركاش، الذي أكد أن كل هذا الحراك الأوروبي نحو ليبيا ينطلق من عدة دوافع أغلبها اقتصادية، ويأتي في إطار محاولة التموضع للحصول على نصيب من كعكة إعادة الإعمار مستقبلا في ليبيا، رغم تنوع دوافع وأهداف كل دولة على حدة.
ولفت فركاش في حديث مع "العربية.نت"، إلى مواضيع أخرى تقلق أوروبا خاصة بعد اتضاح استحالة الحل العسكري، وأهمها ملف الهجرة غير شرعية، مشيرا إلى أنّ الاصطفاف الأوروبي مع ليبيا رغم تقاطع مصالحها فيها، يستهدف كذلك الحدّ من التواجد والنفوذ الروسي والتركي في ليبيا.
وبعد عقد من الحرب والاشتباكات المسلّحة في ليبيا، تحتاج عدّة قطاعات إلى الإصلاح لاستعادة عافيتها، على غرار قطاع النفط والغاز وقطاعات المواصلات والكهرباء والبنية التحتية المدنية.