فقد صمد التنظيم مثبتا قدرته على حماية نفسه في جبال وكهوف البادية والتهرب من قوة النيران المتفوقة، بحسب تقرير مفصل لمركز "واشنطن انستيتيوت"
اهتمام ثابت
إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن الوقائع على الأرض تشير إلى أن داعش لا يزال مهتما بسوريا لا بل اهتمامه آخذ بالازدياد، على الرغم من تنفيذه المزيد من الهجمات الإرهابية في غرب/وسط إفريقيا.
ففي أعقاب عملية ناجحة قام بها التنظيم في الصيف الماضي لإخراج سجنائه من السجن في جلال آباد، أفغانستان، حثت النشرة الإخبارية الرسمية التابعة للتنظيم، "النبأ"، الصادرة في 6 أغسطس، "الولايات" الأخرى على الحذو حذوَ منفذي تلك العملية.
وهنا شكّلت سوريا هدفاً رئيسياً بسبب التركيز الكبير لمؤيدي تنظيم في كل من مخيم "الهول" و"سجن الحسكة المركزي" (الذي يضم5,000 سجين).
تهديد متصاعد
إلى ذلك، أشار التقرير إلى ثلاثة عوامل تشي بتنامي خطر عودة داعش في سوريا:
أولا قدرة التنظيم مثبتة على شن هجمات، فلم يتغير عدد الهجمات التي يتبناها داعش في سوريا بشكل كبير خلال الأشهر العديدة الماضية؛ فمنذ بداية هذا العام وحتى 17 آذار/مارس وقعت 106 هجمات، مقارنة بـ 101 هجمات في الربع الأخير من عام 2020.
خصومه محبطون
أما العامل الثاني فيعود إلى إحباط خصومه، فعلى مدى السنوات الماضية، أحبط شبح هجمات التنظيم المتسلسلة القوات التي تقاتل ضده سواء "قوات سوريا الديمقراطية"، أو النظام ، حتى إن تلك القوات تخلت عن مدن معينة في منتصف الليل خوفاً من عدم قدرتها على حمايتها - ما أدى بشكل أساسي إلى التنازل عنها لصالح السيطرة الجزئية على الأقل لداعش.
لعل ذلك، ما يدل على عدم استعداد أي من الطرفين (قوات الأمن التابعة للنظام وقسد على حد سواء) لتكبد خسائر كبيرة من أجل الاحتفاظ بالمناطق التي ينشط فيها التنظيم.
في المقابل، لا يزال مقاتلو داعش وأنصارهم في مراكز الاحتجاز ملتزمين إلى حدّ كبير بقضيتهم، ما يجعل الوضع محفوفاً بالمخاطر
السيطرة على السكان المحليين
كذلك، تشكل مسألة السيطرة على السكان المحليين، عاملا ثالثا، بحسب "واشنطن انستيتيوت"
فعند التسلل إلى مناطق النظام وتلك التابعة لـ "قسد"، يستخدم عناصر داعش أساليب مختلفة لزيادة نفوذ التنظيم على أكبر عدد ممكن من السكان.
ففي المناطق الريفية في البادية، غالباً ما يفرض حوكمة شبيهة بتلك التي تقوم بها المافيا من خلال ابتزازه للشركات، ورعاة الغنم، وغير ذلك من العمليات ضد السكان المحليين.
أما أولئك الذين لا يمتثلون لمطالبه فيواجهون الموت أو الاختطاف أو مصادرة ممتلكاتهم، ولم يفعل النظام الكثير لمنع تلك الانتهاكات، والأمر عينه بالنسبة لـ «قوات سوريا الديمقراطية».
وبالكاد تحافظ قوات الأسد على سيطرتها في بعض المناطق (السخنة، السلمية)، في حين تَقلّص نفوذ الأكراد بسبب هجمات داعش على "المتعاونين" المحليين.
ومن بين العديد من زعماء القبائل والمجتمعات الذين استُهدفوا بسبب تعاونهم مع الأكراد، قُتل أحد شيوخ قبيلة العُقيدات في يناير.
كذلك، في 13 مارس، نشر داعش قائمة بأسماء سكان بلدة جديد عكيدات في دير الزور، مهددين بقتلهم وتدمير منازلهم إذا لم "يتوبوا".
وتشكّل تكتيكات التنظيم هذه مبعث قلق على نحو خاص في مخيم "الهول" وسجن الحسكة. وقد أصبحت عمليات قطع الرؤوس والإعدامات الفورية بمسدسات كاتمة للصوت وعمليات قتل أخرى شائعة بشكل متزايد في "الهول" (41 جريمة قتل هذا العام وحده، مقارنة بثلاث وثلاثين حادثة موثقة في عام 2020 كله). كما تتزايد الاتصالات مع الخارج - فقد أصبح من السهل لسكان المخيّم الحصول على أسلحة والتواصل مع المهربين لإدخال الناس إلى المخيم وإخراجهم منه، كما يمكن لبعض السجناء في الحسكة الحصول بسهولة على هواتف محمولة.