ولم تنتهِ مفاعيل الفشل عند الاجتماع الرئاسي الذي دام 10 دقائق فقط الاثنين، بل اشتعلت بعده "حرب أوراق" وبيانات بين رئاسة الجمهورية وبيت الوسط (دارة الرئيس الحريري) تخللها رشق التهم والمسؤوليات حول عرقلة تشكيل الحكومة منذ أكثر من خمسة أشهر.
وعلى وقع استمرار تداعيات حرب البيانات خلال الساعات الماضية، فُتح باب التساؤل واسعا حول الوسائل التي قد يلجأ إليها رئيس الجمهورية لسحب ورقة التشكيل من رئيس الحكومة، خصوصاً أنه سبق أن دعا الحريري إلى التنحّي إذا لم يكن قادراً على التأليف.
وسائل دستورية
في الإطار، أوضح مستشار رئيس الجمهورية أنطوان قسطنطين لـ"العربية.نت" "أن رئيس الجمهورية بما يُتاح له من وسائل دستورية لن يتأخّر في القيام بأي إجراء أو اتّصال من شأنهما أن يدفعا في اتّجاه تشكيل حكومة".
كما أشار إلى "أن هناك مشاورات مستمرة ومكثّفة على أمل أن تظهر نتائجها في الأيام القليلة المقبلة".
خطاب معدّ سلفاً
إلى ذلك، قال مستشار عون "ما حصل بالأمس كان مُفاجئاً من قبل الحريري، فهو أتى إلى القصر الجمهوري وفي جيبه خطاب معدّ سلفاً، بما فُهم منه لاحقاً بأنه لم يأتِ الى قصر بعبدا لمناقشة الملف الحكومي، وإنما لتسجيل موقف من على منبر القصر الجمهوري وهذا أمر مؤسف وهو ما استدعى توضيحاً من رئاسة الجمهورية". ولفت إلى "ان رئيس الجمهورية أرسل إلى الرئيس المكلّف عناوين حول آلية التشكيل".
يشار إلى أنه عقب انتهاء اجتماعه مع رئيس الجمهورية، كشف الحريري "أن الرئيس أرسل له مساء الأحد تشكيلة كاملة من عنده، فيها توزيع للحقائب على الطوائف والأحزاب، مع رسالة يقول فيها إنه من المستحسن تعبئتها. وتتضمن الورقة ثلثا معطلا لفريقه السياسي، بـ 18 وزيرا أو 20 أو 22 وزيراً. كما طلب أن أقترح أسماء للحقائب حسب التوزيعة الطائفية والحزبية التي حضرها هو".
في المقابل، وعلى ضفّة "تيار المستقبل" الذي يرأسه الحريري، لا يبدو أن المواقف تبدّلت، وسط إصرار بيت الوسط على معادلة اعتذار الرئيس المكلّف مقابل استقالة رئيس الجمهورية.
وفي السياق قال النائب عن "تيار المستقبل" عصام عراجي لـ"العربية.نت" "ما فعله رئيس الجمهورية أخيراً في حق الحريري هدفه إحراجه تمهيداً لإخراجه من المعادلة السياسية وهو ما لم ولن يحصل".
كما أشار الى "أن عون أراد تحويل رئيس الحكومة مجرّد باش كاتب في حين أن الدستور واضح لجهة صدور مراسيم تشكيل الحكومة بالاتّفاق بين رئيسي الجمهورية والمكلّف".
الحريري ماض بمهمته
إلى ذلك، أكد عراجي "أن الحريري ماضٍ في مهمته ولن يعتذر. البلد مُنهك اقتصادياً ومالياً ومعيشياً وصحياً ويحتاج الى حكومة في أسرع وقت، ومن المُفترض أن يكون رئيس الجمهورية واعياً لخطورة ذلك".
وفي حين تحدّث مستشار رئيس الجمهورية عن وسائل دستورية قد يلجأ إليها الرئيس في حال أصرّ الرئيس المكلّف على موقفه، أوضح النائب عراجي "أنه لا يوجد في الدستور مادة تتحدّث عن سحب التكليف أو تقييد مهمة الرئيس المكلّف بمهلة محددة كما يروّج فريق العهد والتيار الوطني الحرّ من مدة".
لا استقالة من البرلمان
إلى ذلك، أضاف "المعادلة واضحة وبسيطة. اعتذار الحريري عن مهمة تشكيل الحكومة مقابل استقالة عون ولا كلام غير هذه المعادلة".
وعمّا يروّج عن أن كتلة "المستقبل" قد تّتجه إلى الاستقالة من مجلس النواب ما يعني إسقاط رئاسة ميشال عون بسبب فقدان مجلس النواب شرعيته، أعلن عراجي "أن تيار المستقبل لن يستقيل من البرلمان، ولا خروج من دوّامة الفراغ التي ندور فيها إلا بتطور كبير".
تأتي تلك الصراعات بين الرئاستين على وقع أسوأ الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها البلد منذ عقود، مع فقدان الليرة اللبنانية لأكثر من 70% من قيمتها مقابل الدولار، وارتفاع نسبة العاطلين عن العمل ومعدلات الفقر.