تبدأ اليوم الإثنين في مدينة جينيف السويسرية الإجتماعات الأخيرة والحاسمة لملتقى الحوار السياسي الليبي والتي ستخصص لإختيار القيادة السياسية الجديدة في ليبيا التي ستدير مرحلة انتقالية حتى موعد إجراء الانتخابات نهاية العام الحالي.
وبينما يترقب الليبيون معرفة هوية قادة بلادهم تجري الأمور في العاصمة طرابلس عكس التيار، بدأ رئيس حكومة الوفاق فايز السراج العمل على حماية منصبه الحالي مدعوما بالمليشيات المسلحة في طرابلس والزاوية وغريان وبقية مدن الغرب الليبي.
وقبل ساعات من بدء الإجتماعات، تحركت الأحد مئات الآليات العسكرية على متنها مسلحون في موكب ضخم من المنطقة الغربية نحو العاصمة طرابلس، وأعلنت في بيان مصوّر، توحيد صفوفها وحل خلافاتها وفتح الطرق بين المناطق ودعم عودة كل المهجرين، كما أكدت رفضها لمخرجات الحوار السياسي، ودعت فايز السراج إلى إعادة لم شمل المجلس الرئاسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى إدارة البلاد إلى حين إجراء الإنتخابات.
عملية وهمية
كما هاجمت الميليشيات المسلحة في بيانها، وزير الداخلية وأحد أبرز المرشحين لمنصب رئيس الحكومة فتحي باشاغا، وأعلنت رفضها لعملية صيد الأفاعي بالمنطقة الغربية التي يعتزم باشاغا إطلاقها لملاحقة المهربين، معتبرة أنها عملية وهمية من أجل مصالح سياسية.
وتعليقا على ذلك، اعتبر المحلل السياسي سليمان العتيري أن المليشيات المسلحة التي تحولت اليوم من المنطقة الغربية إلى العاصمة طرابلس هي الجناح العسكري الذي بدأ فايز السراج في تأسيسه لحمايته، والذي يطالب ببقائه في السلطة.
وتوقع العتيري في تصريح لـ"العربية.نت"، أن لا يستطيع هذا الجناح العسكري الصمود في حال تم تشكيل حكومة جديدة بنهاية الأسبوع الجاري وإضفاء الشرعية عليها، حيث تتغير الولاءات المجموعات المسلحة من حكومة إلى حكومة، لكنه لا يستبعد تمسك السراج بمنصبه ورفضه التنازل عليها.
كما أشار في هذا السياق أن السراج يأمل في فشل الحوار السياسي في تشكيل سلطة تنفيذية جديدة وبدأ يجهز نفسه للسيناريو الذي سيكون بديلا لهذا الفشل والمدعوم من عدد من الميليشيات المسلحة ومن جهات سياسية داخلية، ويتمثل في إعادة ترميم المجلس الرئاسي بشكله الحالي وبرئاسة فايز السراج وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولاها شخصية توافقية من الشرق الليبي، مشيرا إلى أن السراج تعرّض في الفترة الأخيرة لإنتقادات من البعثة الأممية والسفير الأميركي بليبيا، وأصبح ينظر إليه على أنّه من الأطراف المعرقلة للحوار السياسي من أجل الإستمرار في السلطة.
ميليشيا قوات الردع
هذا وكان السراج قد أكد أنه سيسلم السلطة نهاية أكتوبر 2020 بمجرد تشكيل سلطة تنفيذية جديدة، لكن مع تعثر جولات الحوار السياسي بدأ في تعزيز سلطته ونفوذه، عندما أعاد هيكلة مليشيا "قوات الردع" الخاصة تحت قيادته، ثم أنشأ جهاز دعم الاستقرار بصلاحيات واسعة تحت قيادة زعيم الميليشيا عبد الغني الككلي، وكلاها منخارج الجماعات الموالية لوزير الداخلية فتحي باشاغا.
وفي ذات السياق، اعتبر المحلل السياسي أبو يعرب البركي، أن البيان الصادر عن مليشيات المنطقة الغربية والعاصمة طرابلس هو "إعلان حرب و تحالف موجه ضد شخص وزير الداخلية فتحي باشاغا و تأكيد بأن وصوله للسلطة سيطلق موجة من العنف في غرب البلاد و العاصمة طرابلس بتقاتل بين الميليشيات"، مضيفا أن هذا البيان هو "إنذار علني كذلك للبعثة الأممية وللمجتمع الدولي بخطورة هذا التعيين".
وأضاف البركي في تصريح لـ"العربية.نت"، أن فائز السراج سيكون مستفيدا من هذا الوضع، حيث سيكون سيناريو ترميم المجلس الرئاسي هو البديل عن فشل الحوار لأسباب سلمية ، مشيرا إلى أن الحرب بين المليشيات باتت أمرا واقعا في طرابلس و لم يعد منتظرا إلا إطلاق أول رصاصة.