وقالت صحيفة "الاقتصادية" في افتتاحيتها اليوم التي كانت بعنوان ( لا عدالة في اللقاحات .. الاقتصادات مترابطة) : تركز مجموعة من الدراسات العالمية على الفجوة الحاصلة في تلقي لقاحات فيروس كورونا المستجد، بين الدول الغنية وبين الدول النامية أو الأشد فقرا. فاللقاحات وصلت بالفعل إلى الدول المتقدمة مبكرا، في حين لا تزال متأخرة في الوصول إلى الدول التي تعاني أوضاعا اقتصادية كبيرة أصلا، وزادت مخاطرها في أعقاب أزمة الوباء الذي أصاب الاقتصاد العالمي كله. وهذه النقطة عند مناقشتها تعد حساسة كثيرا، نظرا إلى ارتباطها بانتشار وباء لا يزال العالم خاضع لتداعياته، بل لخطر الانتشار بصورة أكبر مرة أخرى، كما يحدث الآن في بعض الدول، وفي مقدمتها بريطانيا، التي تعاني سلالة جديدة للفيروس القاتل، ما دفعها إلى العودة بقوة إلى حالة الإغلاق بشدة مرة ثانية، فظهور اللقاحات المختلفة، لم يضمن بعد السيطرة الكاملة على الوباء، وأمام العالم فترة أخرى من الزمن لحسم أمر هذه الجائحة. وهناك انتقادات كثيرة وجهت للدول المتقدمة في مسألة التعاطي مع اللقاحات، حيث تتعرض لاتهامات سمتها منظمة الصحة العالمية "القومية"، أي أن اللقاح يوزع على أساس قومي، أو بمعنى آخر، أن اللقاحات تذهب بسرعة أكبر للدول الغنية. وأردفت :وترى غرفة التجارة العالمية، أن "القومية" في مجال اللقاحات تكلف الاقتصاد العالمي 9.2 تريليون دولار، واللافت أن نصف التكلفة تتحملها الدول الأكثر ثراء. دون أن ننسى، أن هناك بعض الاختلافات في الرؤى بين هذه المنظمة والدول المتقدمة، أدت إلى موقف متطرف اتخذه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، ضدها، حين سحب عضوية بلاده منها. لكن هذه الاختلافات، وبصرف النظر عن مستواها، لا تلغي حقيقة الفجوة في تلقي اللقاحات بين الدول الفقيرة والغنية. لا شك أن فيروس كورونا عزز حقيقة يعرفها الجميع، وهو أنه عالمي بما يكفي، وأضراره شاملة أيضا، ولا بد أن يكون هناك تعاون دولي كامل لمواجهته، وأنه لا يمكن السيطرة عليه وعلى أضراره والخسائر التي ولدها، إلا بالتعاون والتنسيق العالمي الكاملين. وأضافت أن الاقتصاديون متفقون حول هذه النقطة، الذين يؤكدون أن الأضرار المالية في الدول الغنية لا يمكن إصلاحها، ما لم يتم التصدي لتداعيات الأزمة في الدول النامية. وهذا صحيح إلى أبعد الحدود، ويكرس حقيقة أن هذا الفيروس لا ينتهي إلا بحرب عالمية شامله ضده، فحتى إغلاق الحدود بين الدول لم يؤد إلى حمايتها من وصول الوباء إليها وانتشاره على نطاق واسع ضمن الحدود المغلقة! ومن هنا، لا بد من أن يشمل التعاون المطلوب عمليات إيصال اللقاحات إلى المناطق التي تحتاج إليها، بصرف النظر عن أي اعتبارات وطنية أو قومية. والأمر لا يختص باللقاحات فحسب، بل يشمل أيضا دعم الآليات الطبية اللازمة للكشف السريع عن الإصابات بالفيروس في الدول الفقيرة، وهذا يتطلب رصد الأموال اللازمة من الدول الغنية أيضا، أي أن الأمر يشمل كل مراحل الفيروس. ومن هنا، تنظر منظمة الصحة العالمية إلى هذه المسألة على أنها ليست عملا خيريا، بل هي - ببساطة - منطق اقتصادي. وختمت:وأيا كانت التفسيرات، إلا أن التعاون الدولي هو، المحور الرئيس لمواجهة أكبر أزمة صحية دولية منذ أكثر من 100 عام. وهنا، يجب التحذير من النزعة القومية في هذا المجال، التي تهدف - في الواقع - إلى دعم أهداف سياسية في المدى القريب فقط. فالمسألة ليست محلية، ولا تختص بأمة دون غيرها، إنها قضية عالمية، لا تنفع معها محاولات الانزواء. وعلى هذا الأساس، ترتفع الأصوات هنا وهناك من أجل الوصول إلى أفضل حالة، ليس فقط لتوفير اللقاحات لجميع الأمم، بل أيضا لتهيئة الأوضاع فيها لمواجهة الوباء في كل مراحله المختلفة // انتهى // 06:41ت م 0007