رفض المجلس الأعلى للقضاء الليبي، الأحد، التفاهمات التي توصل إليها طرفا النزاع في مدينة بوزنيقة المغربية والتي تقوم على تقسيم مناصب المؤسسات السيادية على منطق المحاصصة المناطقية والتوزيع الجغرافي، وقال إن المناصب يجب أن يتم توزيعها على أساس الكفاءة.
والسبت، اتفق ممثلون عن البرلمان الليبي والمجلس الأعلى للدولة على التقسيم الجغرافي للمناصب العليا للمؤسسات القيادية للبلاد، وتوافقوا على تولي إقليم طرابلس (منطقة الغرب) على مناصب النائب العام وديوان المحاسبة والمفوضية العليا للانتخابات، وتحصل فزان (الجنوب) على المحكمة العليا، وهيئة مكافحة الفساد، فيما تحصل برقة (الشرق) على المصرف المركزي، وهيئة الرقابة الإدارية.
وواجه هذا التوافق رفضا واسعا في ليبيا وانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، باعتبار أن المشاركين في الحوار اعتمدوا في توزيع المناصب على نظام قائم على المحاصصة بدل اختيار الكفاءات الوطنية التي تخرج البلاد من أزمتها، وهو ما يهدد بإجهاض هذا التوافق بخصوص توحيد المؤسسات السيادية الذي يأتي في سياق الترتيبات الخاصة بالحل السياسي للأزمة الليبية.
وفي هذا السياق، أعلن المجلس الأعلى للقضاء رفضه لمنطق مبدأ المحاصصة المناطقية وغيرها التي اتجهت لها حوارات بوزنيقة بخصوص المناصب السيادية، خاصة فيما يتعلق منها بعمل السلطة القضائية وتوزيعها إلى جهات ومناطق بعينها.
وأوضح في بيان أن أعمال الهيئات القضائية ورئاستها منظمة بنصوص قانونية وظهيرا دستوريا، موضحا أنه لا يمكن الركون لرأي مجموعة لا تأخذ شكل القانون الصادر عن مجلس تشريعي منتخب موحد، ولافتا إلى أن السلطة القضائية في ليبيا هي الوحيدة المنتخبة وفقا للقانون.
وأشار المجلس إلى أن السلطة القضائية موحدة لكل الليبيين وأن استهدافها بهذا التوزيع سينال من هذه الوحدة، مؤكدا أنه لن يقف متفرجا على أي اعتداء على وحدته واستقلاله دون سند قانوني أو دستوري.
واعتبر أن إدخال المناصب القضائية في أتون المحاصصة المقيتة يعد تدخلا سافرا في القضاء وانتهاكا صارخا لاستقلاله وحياده وضربا لوحدته واستقراره الذي ظل راسخا في الوقت الذي انقسمت فيه كل السلطات، مشيرا إلى أن ما جرى في مدينة بوزنيقة المغربية محاولة لضرب السلطة القضائية المتماسكة شرقا وغربا وجنوبا، محذّرا من المساس بمكانة القضاء لدى الشعب الليبي، ومهددا بإجراءات للرد على أي تجاوزات.
وحول قدرة المجلس الأعلى للقضاء على إيقاف تفاهمات حوار بوزنيقة وإلزام طرفي الحوار على إعادة النظر فيها، قال مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أحمد حمزة، في تصريح لـ"العربية.نت"، إن القانون يسمح بذلك وينص على أنه لا يحق التدخل في شؤون المؤسسة القضائية وفرض تعيين مناصبها السيادية من قبل السلطة التشريعية والاحتكام في ذلك إلى معايير مناطقية وجهوية، مشيرا إلى أن السلطة القضائية هي التي تختار مرشحها لمنصبي المحكمة العليا والنائب العام.
وأضاف حمزة أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تتضامن مع المجلس الأعلى للقضاء وترفض التدخل السافر في شؤونه وفرض هذه المحاصصة المقيتة على السلطة القضائية، ومحاولة إقحام المؤسسة الوحيدة التي بقيت موحدة ومستقلة في ليبيا فيها، وتعتبر أن ما جاء في تفاهمات حوار بوزنيقة فيما يتعلق بالسلطة القضائية يعتبر تدخلا ومساسا بسيادة واستقلال القضاء.