اتهم سياسيون تونسيون حزب حركة النهضة بالتحريض على الحرب الأهلية والاقتتال في البلاد، على خلفية دعوة وجهها رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني إلى أنصار حزبه للنزول إلى الشارع والتصدي إلى المحتجين وقمعهم، في تصريح اعتبر بمثابة اعتراف نهضوي بامتلاكها "ميليشيات".
وقال الهاروني في حوار على قناة "الزيتونة" المحسوبة على النهضة، مساء أمس الأربعاء، إن الحركة وجهت دعوة لشبابها لمساندة القوات الأمنية ضد "المحتجين والمخربين"، مضيفا "عندما يعتدي أي كان على ممتلكات الدولة العامة والخاصة فإن أبناء النهضة سيحمون هذه الممتلكات".
وتابع "وجهنا دعوة لمناضلينا ومناضلاتنا لحماية دولتهم وإعانة شعبهم وألا يتركوا الغاضبين يخربون ما بناه الشعب التونسي ودولتهم الشرعية"، مضيفا أن "دعاة الانفجار" و"دعاة الثورة الثانية" و"دعاة ثورة الجياع"، لم ينجحوا في ذلك، على اعتبار أن هناك مؤسسات شرعية قادرة على الحوار.
"تصريح خطير"
في المقابل، وصف سياسيون ومراقبون تونسيون تصريح الهاروني بـ"الخطير" لما تضمّنه من تلويح باللجوء إلى العنف في مواجهة المحتجين الذين رفعوا شعارات مناوئة للنهضة خلال المظاهرات، وتحريضا على حرب أهلية.
ورأى النائب والقيادي بحزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني، تصريح رئيس مجلس شورى النهضة بالـ"خطير جدا"، مضيفا أنه "يثبت أن النهضة لا تؤمن بدولة القانون والمؤسسات، وأنها لا تختلف عن منظومة التجمّع الدستوري الديمقراطي التي كانت تلعب دورا أمنيا واستخباراتيا معاضدا لوزارة الداخلية ضد المواطنين".
وأردف في تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك، أن الأمن التونسي "لا يحتاج إلى "ميليشيات" النهضة التي تدخلت يوم 9 أبريل 2012 في شارع الحبيب بورقيبة وساهمت في قمع الاحتجاجات".
وأعاد تصريح الهاروني إلى الأذهان، الأحداث التي شهدها شارع الحبيب بورقيبة يوم 9 أبريل 2012، عندما قامت النهضة بالزج بميليشياتها لإجهاض مظاهرات واحتجاجات مناهضة للحكومة دعت إلى تنظيمها منظمات غير حكومية، حيث تحركت هذه الميليشيات لقمع المحتجين خلال فترة إشراف القيادي في حركة النهضة علي العريض على وزارة الداخلية.
"اعتداءات الميليشيات"
في السياق ذاته، اعتبرت المستشارة السابقة للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي سعيدة قراش، أن "الأمن هو من يحمي التونسيين وليس ميليشيات الأحزاب وروابطها"، موضحة أن "التونسيين يحمون بلادهم بانضباطهم وسلميتهم في الاحتجاج وصيانة الممتلكات العامة والخاصة وبعدم الاعتداء عليها، والأمن والقضاء بالدولة التونسية يقومون بردع المعتدين على الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة وليس منخرطي أحزاب في الحكم".
واستحضرت بدورها أحداث أبريل 2012، وقالت في تدوينة إن "التونسيين لن ينسوا اعتداءات الميليشيات والروابط التي عاضدت قوات الأمن خلال فترة حكم الترويكا".
إعلان حرب
إلى ذلك، رأى الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي محسن النابتي، أن الهاروني "أعلن الحرب الأهلية" على خلفية دعوته لأنصار حركته بالتصدي لما أسماها "أعمال التخريب والشغب في البلاد"، معتبرا أن هذه الدعوة هي "أسلوب ميليشياوي".
وأشار النابتي في تدوينة عبر صفحته بفيسبوك، أن "قبول الأجهزة الأمنية العمل جنبا إلى جنب مع ميليشيات حزبية، يعني الدخول رسميا لدولة الميليشيات والحرب الأهلية"، داعيا رئيس الحكومة هشام المشيشي إلى الرد على هذا التصريح.