الشاب نايف على الكرسي المتحرك بعد الانتهاء من العملية. «الاقتصادية»
عبد العزيز العنزي من المدينة المنورة
استقرت حالة الشاب نايف بن ناصر النزاوي، الذي ضرب واحدة من أروع صور الوفاء والبر، بعد أن تبرع لوالده ناصر النزاوي بـ65 في المائة من كبده، متحملا معاناة الألم، والزمن الطويل الذي استغرقته عملية نقل أجزاء من كبده لوالده، حيث أجريت له عملية إزالة الصديد الناجم عن عملية نقل الكبد.
نايف كان قد رافق والده في رحلة علاجه إلى أمريكا، آملا في أن يعود ووالده سويا إلى أرض الوطن، ولم يكتف بمرافقة والده طيلة الأشهر الخمسة الماضية، إلا أنه وبعد أن انتهت جميع الفحوص الطبية المبدئية أصر على زرع أجزاء من كبده لوالده، ورفض رفضا قاطعا تبرع أي شخص آخر له، وأصر على أن يحمل جسد والده أجزاء من كبده، وبعد إكمال الإجراءات الأولية قبل العملية، استعد نايف ووالده لدخول غرفة العمليات، استعدادا لعملية نقل الكبد من نايف وزراعتها لوالده، واستمرت العملية 20 ساعة، وبعدها قاد الأطباء بشرى نجاح العملية لنايف، والذي تهلل وجهه بشرا وسعادة وهو يقدم كبده من أجل أن يرى والده سليما معافى، وشكر الله على أن وفقه في تقديم أغلى ما يملك لوالده.
إلا أن قضاء الله وقدره لم يمهل نايف الكثير من وقت الفرح، حيث تعرض والده بعد 48 ساعة لجلطة قلبية تسببت في تدهور حالته الصحية، عندها قرر نايف مغادرة سريره الأبيض، رغم حاجته إلى الراحة بعد العملية، فتوجه لغرفة والده ونظر إليه، ولم يكن يعلم أنها «النظرة الأخيرة» وكان يدعو الله أن يكتب له الشفاء والعودة إلى المدينة المنورة، إلا أن حالة والده لم تسمح بذلك، حيث لقي وجه ربه بعد دقائق قليلة من «النظرة الأخيرة»، عندها تأثر نايف كثيرا.
«الاقتصادية» أجرت اتصالا هاتفيا بنايف في أمريكا، حيث كان متأثرا، وقال « رحم الله والدي، لقد كان الوالد والأخ والصديق، والحمد لله على قضائه وقدره، لقد أصررت على أن لا يسبقني أحد إلى البر بوالدي، وتمسكت بقراري بنقل 65 في المائة من كبدي لوالدي، على أمل أن أراه سليما معافى كأقل ما يمكن أن أقدمه لهذا الولد الحبيب»، مضيفا قدمت لوالدي أغلى ما أملك، ولو احتاج إلى كل ما أملك لقدمته له، كيف وهو من أوصى عليه رب العالمين (وبالوالدين إحسانا) وقال «لن أنسى النظرة الأخيرة لوالدي وهو تحت تأثير المخدر، حيث نظر إليّ مبتسما، وهو يتمتم بذكر الله وكأنه يودعني ويدعو لي، وكان عندي أمل بأن نعود سويا إلا أن الله اختاره، والحمد لله على أن وفقني لخدمته في حياته وقبل مماته.
من ناحيتها عبرت أم نايف عن حزنها لفقد زوجها، وقالت: عشت لحظات عصيبة عندما أخبرني الأطباء بوفاة زوجي بعد فترة قليلة من إجراء عملية نقل الكبد، كوني في الغربة وحدي حيث زوجي توفي، وابني على السرير الأبيض، ومعي طفل وطفلة صغيرين، أرى الألم والحزن يرتسمان على وجهيهما البريئين. وتضيف الأم الصابرة فتقول: وجدت نفسي مخيرة بين أمرين أحلاهما مر: مرافقة جثمان زوجي أو البقاء بجانب ابني الذي عانى آلاما ومضاعفات بعد عملية نقل كبده، حتى وصل شقيق زوجي وقام بإنهاء إجراءات ومرافقة الجثمان، وأنا متفرغة للعناية بابني، الذي يتماثل للشفاء بحمد الله تعالى.