تعرّض رئيس البرلمان وحركة النهضة راشد الغنوشي إلى خسارة مدوية داخل حزبه، بعد تراجع عدد داعميه وممثليه في المكتب التنفيذي، عقب انتخابات داخلية أطاحت بأبرز أذرعه وأهم القيادات الداعمة له وصعّدت من نفوذ الجناح المناهض له، وهو ما ينبىء بتغيرات واسعة داخل الحزب باتت تهدد عرش الغنوشي.
وانتخب مجلس شورى حركة النهضة، السبت، مكتبا تنفيذيا جديدا للحزب من 17 عضوا، وأفرزت النتائج صعود قيادات من التيار المناهض للغنوشي الذي يطلق عليه "مجموعة الـ100"، بينما لم خسرت القيادات المحسوبة والمقربة من الغنوشي مواقعها بعد فشلها في الحصول على العدد الكافي من الأصوات.
ومن بين العناصر المناصرة الغنوشي، التي سقطت في هذه الإنتخابات التي اعتبرت بمثابة اختبار لوزن الجناحين المؤيد والمعارض للغنوشي، رفيق عبد السلام، صهر الغنوشي وذراعه الأيمن، وكل من رضا السعيدي وأنور معروف وسيدة الونيسي ورضا إدريس ومحمد القوماني، بينما صعد غريمه عبد اللطيف المكي، وزير الصحة السابق وأحد القيادات التي يقف وراء تشكيل فريق الـ100، الذي يقود منذ أشهر تحركات من أجل الإطاحة بالغنوشي من منصب رئاسة الحركة ويرفض التمديد له.
وفي مؤشر آخر على تصاعد نفوذ الشق المعارض للغنوشي داخل حركة النهضة وتقلّص الحلقة المحيطة به، أعلن القيادي البارز في مجلس شورى حركة النهضة، العربي القاسمي، الجمعة، استقالته من الحركة، احتجاجا على سياسيات الغنوشي وتجاوزاته، وهو ما فتح باب التساؤل حول مدى قدرة الحزب على الحفاظ على تماسكه لاسيما في ظل التصعيد المستمر بين الشق المناهض للتمديد لراشد الغنوشي والشق الآخر الموالي له.
"انحرافات كبرى داخل الحزب"
وبرر القاسمي استقالته في تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك، مشيرا إلى وجود انحرافات كبرى داخل الحزب، موضحا أن "لوبيات مصلحية انتهازية، أحكمت سيطرتها على حركة النهضة وتغلغلت في مواقع القرار وجعلت الحزب في خدمتها وانحرفت به عن غاياته وسخرته لخدمة غير الوطن"، وذلك في إشارة إلى القيادات الموالية لرئيس الحركة راشد الغنوشي داخل حركة النهضة.
وانتقد القاسمي بشدّة سياسات ومواقف الغنوشي، المتصلة بتهميش القيادات، التي ناضلت طويلا، مقابل تصعيد أناس لا علاقة لهم بالحركة إلى مواقع القرار والنفوذ، إلى جانب قدت تحالفات سياسية غير طبيعية، ورهن قرارها لأطراف حزبية غير مضمونة مما وضعها في شبه عزلة سياسية، وذلك في إشارة إلى تحالف الحركة مع حزب قلب تونس وكتلة ائتلاف الكرامة.
"خطر.. يتجاوز الحركة إلى الوطن"
وأشار إلى المعاملة السيئة التي أصبحت تتلقاها مجموعة الـ100 المخالفة لرئيس الحركة راشد الغنوشي في بعض مواقفه وأرائه وأدائه، معبرا عن استغرابه من عدم تفاعل الغنوشي مع استقالة قيادات من الوزن الثقيل من الحزب ومع الخسائر التي تكبدتها حركة النهضة جرّاء ذلك، مؤكدّا أن خطر النهضة وسياساتها وقياداتها أصبح يتجاوز الحركة إلى الوطن.
ومنذ أشهر، تشهد حركة النهضة في تونس صراعا بين قياداتها، بسبب خلافة راشد الغنوشي في منصب رئيس الحركة، حيث أصبحت الحركة منقسمة بين جناحين أحدهما مؤيد لبقاء الغنوشي في رئاسة الحركة عبر تجديد ترشُّحه لتولي دورة رئاسية ثالثة، بينما يرفض الفريق الآخر تعديل القانون الداخلي للحركة الذي ينص على عدم جواز تولي الغنوشي رئاسة الحركة لأكثر من دورتين متتاليتين.