إلى ذلك، قالت الوكالة في تقرير، الأربعاء، إنها تنشر هذه التصريحات غير المنشورة لقاسم سليماني والتي ألقاها خلال اجتماع مع قادة الحرس الثوري بمناسبة الربيع العربي عام 2011، وبعد مرور خمسة أشهر على أحداثها.
وأفادت الوكالة بأن سليماني قال في معرض تحليله للثورة المصرية عام 2011 وعن إمكانية توغل إيران بمصر، نحن نعتقد أن ما يحدث في المنطقة هو من طبيعة "الثورة الإسلامية".
كما تحدث خلال الاجتماع المذكور عن "مؤسسي الإخوان المسلمين" معتبرا أنهم يحظون بقداسة لدى النظام الإيراني.
"نحترم سيد قطب والبنا"
وأضاف: "أحد شوارعنا الرئيسية سمي باسم حسن البنا، وهو المؤسس الرئيسي لجماعة الإخوان المسلمين. كما أن من أكثر الشخصيات احتراما بين علماء الدين لدينا هو سيد قطب، حيث كانت أهم أعمال المرشد الأعلى (خامنئي) هو ترجمة شرح كتب سيد قطب. هؤلاء هم مؤسسو جماعة الإخوان المسلمين".
كما أكد سليماني أن "حركة حماس التي تتهم اليوم بالتحالف مع إيران، هي الفرع الرئيسي لجماعة الإخوان المسلمين". وتابع: "الأصدقاء الرئيسيون لثورتنا مثل أردوغان في تركيا، وأحمد شاه مسعود ورباني في أفغانستان، ومهاتير محمد في ماليزيا، إلخ .. هم شخصيات رئيسية في جماعة الإخوان المسلمين".
ورأى أن "هناك أوجه تشابه على مستويات أخرى حيث كتب العديد من المفكرين والكتاب المصريين عن الثورة في إيران".
واعتبر قائد فيلق القدس الإيراني السابق أن كل هذه العوامل تمهد الطريق للوجود الإيراني في مصر من خلال تمكين جماعة "الإخوان المسلمين" من السلطة في مصر.
يذكر أن المرشد الإيراني، علي خامنئي، قال في خطاب في 4 فبراير عام 2011، حول الثورة المصرية وقبيل أيام من تنحي مبارك، إن "ما يجرى فى مصر من ثورة ضد مبارك، يشبه تماما الثورة الإيرانية ضد شاه إيران"، داعيا إلى تطبيق نموذج الثورة الخمينية في مصر ضمن مشروع سمّاه "الصحوة الإسلامية".
علاقات تاريخية مع التيارات المتشددة في إيران
وأعلنت إيران مرارا وتكرارا رفضها لأي قرار أميركي حول تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية ما يفسر عمق العلاقة بينها وبين نظام ولاية الفقيه وجذورها التاريخية.
وتعود علاقة الجماعة بالتيارات الدينية في إيران إلى الخمسينات من القرن الماضي، من خلال اجتماع في عام 1954 بين سيد قطب، القيادي في الجماعة ونواب صفوي، مؤسس منظمة " فدائيي الإسلام"، المقرب من الخميني آنذاك.
وتوحد التنطيمين في الأهداف السياسية رغم اختلافهما في ثنائية "الخلافة والإمامة". ومنذ ذلك الحين استقت معظم التيارات الدينية في إيران مفاهيم "الإسلام السياسي" من جماعة الإخوان المسلمين.
وكان نواب صفوي واسمه الحقيقي مجتبى ميرلوحي (1924-1955)، رجل دين في الحوزة الشيعية في قم، قد لعب دوراً كبيراً في ربط الأصولية الشيعية بالحركات الأصولية الإسلامية الأخرى من خلال تأسيس "جمعية أنصار الإسلام " التي كانت تروج لمناهضة الغرب وتتهم الشاه بالتبعية للاستعمار، وتدعو لإنشاء جبهة إسلامية واحدة.
وعلى غرار نهج جماعة الإخوان المسلمين، اتخذ نواب صفوى نهج العنف والاغتيالات، وقام من خلال منظمته " فدائيي إسلام" بتصفيات واغتيالات ضد سياسيين وشخصيات إيرانية، من بينها عملية اغتيال فاشلة لرئيس الوزراء حسين علاء، عام 1955.
وحُكم على صفوي بالإعدام ونُفذ الحكم به في عام 1956 حيث لم يقبل الشاه وساطة كل من الخميني وجماعة الإخوان المسلمين في مصر.
تأثر خامنئي بصفوي والإخوان
ويقول المرشد الإيراني الحالي علي خامنئي، في سيرته الذاتية القصيرة أنه أصبح مهتماً بالأنشطة السياسية بعد لقائه بـ"نواب صفوي" في مدينة مشهد بإيران.
ومن المعروف أن خامنئي قام بترجمة كتب لـ"سيد قطب"، وهي المجلدين الأولين لتفسير "ف? ظلال القرآن" و"المستقبل لهذا الدين" و"الإسلام ومشكلات الحضارة" من العربية إلى الفارسية.
وكانت جماعة الإخوان المسلمين في مصر من أول المرحبين بالثورة الإيرانية عام 1979 ومن أشد الداعمين لتشكيل نظام روح الله خميني.
يشار إلى أن القيادي الإخواني يوسف ندا، قال في مقابلة تلفزيونية، إن الإخوان شكلوا وفداً لزيارة الخميني عندما كان في المنفى في باريس لدعمه، وأن ثالث طائرة تهبط لإيران بعد طائرة الخميني بعد الثورة هي طائرة وفد الإخوان الذي قدم لإيران لتهنئة الخميني.
ويقول الباحث الايراني مهدي خلجي من معهد "واشنطن" في دراسة سابقة، إن الثورة الإيرانية منحت الثقة للإخوان المسلمين بأنهم أيضاً قادرون على قلب نظام الحكم العلماني في بلدهم كما فعل الإيرانيون ضد الشاه، لكن بعد قيام متطرف إسلامي باغتيال الرئيس المصري أنور السادات في عام 1981، اضطرت جماعة "الإخوان" إلى اتخاذ موقف حذر من إيران، على الأقل في العلن.
وعقب فوز محمد مرسي، برئاسة مصر، كانت إيران أول المهنئين له، وكثرت الخطب في صلاة الجمعة في إيران، بالثناء على مُرسي والدعوة للتقارب مع مصر. وزار الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد القاهرة وفي شباط/فبراير 2012 وهي الزيارة الأولى لرئيس إيراني لمصر منذ اندلاع الثورة الإيرانية.
وكانت صحيفة "التايمز" البريطانية قد كتبت في 8 يناير 2013 أن سليماني قام بزيارة سرية إلى القاهرة، أجرى خلالها محادثات مع مسؤولين كبار مقرّبين من الرئيس السابق، محمد مرسي، وكذلك مع مستشاره عصام الحداد، ومسؤولين من جماعة الإخوان، بغية تكوين جهازَيْن أمني واستخباري خاصَّيْن بالإخوان، يكونان منفصلَيْن عن أجهزة الدولة في مصر، لكن إيران نفت حينها وجود هذه الزيارة.
وبعد سنوات من سقوط مرسي، تتواصل إيران بالجماعة وعناصرها في المنفى خاصة في تركيا ودول أخرى. والتقى في تموز/يوليو 2017، التقى آية الله محسن أراكي مستشار المرشد الإيراني، بنائب مرشد الإخوان إبراهيم منير والعضو البارز فيها جمال بدوي، وأكد على تنمية التعاون العلمي بين الحوزات الدينية الشيعية والسنية، بحسب وكالة "فارس".
وأثار اللقاء حفيظة جماعة الإخوان المسلمين السورية التي انتقدت لقاء منير بأراكي ومشاركته في مؤتمر "الوحدة الإسلامية" في لندن والذي نظمته منظمة إيرانية يرأسها اراكي، وصفته بأنه "خيانة لدم الشهداء الذي أهرقته الميليشيات الإيرانية".
وكانت مصادر "العربية"، قد كشفت في 14 ديسمبر الجاري، عن أن تحقيقات مصرية كشفت عن نقل الإخوان أموالهم إلى إيران مؤخراً.