عاد الهدوء، اليوم السبت، إلى العاصمة العراقية بغداد بعد ليلة من التوتر أشعلته تهديدات ميليشيا "عصائب أهل الحق" بتحرك ميداني، قابلها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بتحدٍ، مؤكداً استعداده للمواجهة.
فعلاقة الكاظمي مع الفصائل التي توصف بالولائية في العراق (نسبة إلى ولائها لإيران) شابها الكثير من التوتر والمواجهات منذ تسلمه رئاسة الوزراء.
تحركات جريئة
فخلال أول شهرين له في السلطة، نفذ الكاظمي سلسلة تحركات جريئة تضمنت مداهمتين، إلا أن النجاح لم يكتب للقبض على مسلحين، ما أظهر بحسب ما أفاد مسؤولون حكوميون وسياسيون ودبلوماسيون لوكالة رويترز في حينه، محدودية سلطاته في مواجهة تلك الفصائل.
وشكل اعتقال قوات مكافحة الإرهاب في يونيو الماضي 14 فرداً من مقاتلي كتائب حزب الله المتهمة بالتورط في شن هجمات صاروخية على منشآت أميركية، نقطة فارقة في سياسة رئيس الوزراء، ورسمت آمالاً في أوساط العديد من العراقيين، لا سيما الناشطين في تحركات تشرين، إلا أن تلك الآمال بفرض هيبة الدول وكبح السلاح المتفلت سرعان ما أحبطت.
خيبة واخفاق
فقد دخل مسلحو حزب الله في حينه المنطقة الخضراء وسط بغداد بمركبات "رسمية" من أجل الضغط على السلطات للإفراج عن زملائهم. ليتم لاحقاً الإفراج عن الجميع باستثناء واحد فقط.
كذلك أخفقت المداهمة الثانية في البصرة، بجنوب البلاد في شهر مايو في تقديم أي شخص للقضاء. وألقت قوات الأمن العراقية القبض على أعضاء في جماعة "ثأر الله" الموالية لإيران متهمين بإطلاق النار على محتجين وأغلقت مقر الجماعة. لكن الشرطة أعلنت لاحقا أنه تم إطلاق سراح المعتقلين كما أُعيد فتح مكتب الجماعة.
ففي القضيتين قال القضاة إنهم لم يجدوا أدلة كافية لمحاكمة أعضاء الفصيلين المسلحين.
غير أن مداهمة يونيو وإشادة الولايات المتحدة بها، أثارت غضب الفصائل التي تنظر بالفعل للكاظمي بعين الارتياب، باعتباره صديقا مقربا لواشنطن. وقال قيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق، في حينه إن واجب الكاظمي كرئيس للوزراء هو إجراء انتخابات مبكرة والتعامل مع الأزمتين الاقتصادية والصحية، وليس مواجهة الفصائل المسلحة!
رسم نفس السيناريو
وها هي عملية توقيف أحد المتهمين عن إطلاق الصواريخ في العصائب، تعيد رسم نفس السيناريو، إلا أن الكاظمي الذي جال أمس في وسط بغداد، وجه رسالة غير مباشرة لمتحديه، بأنه لن يتراجع هذه المرة.
وبينما يعلق مؤيدوه آمالهم عليه اليوم من أجل فرض هيبة الدولة، يرى آخرون أنه عاجز عن مواجهة الفصائل حالياً، لاسيما في هذا الوقت الحساس، قبيل رحيل الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، وتسلم جو بايدن الرئاسة، ومع حلول الذكرى الأولى لاغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، في مطار بغداد في يناير الماضي، حيث تأهب العديد من تلك الفصائل خوفا من ضربة الأيام الأخيرة التي قد توجهها إدارة ترمب المغادرة!