بدأ طرفا الصراع الليبي عملية إطلاق وتبادل الأسرى الذين تم القبض عليهم خلال العملية العسكرية التي شنها الجيش الليبي ضد قوات حكومة الوفاق في العاصمة طرابلس، وهي نقطة ضوء جديدة علق عليها الليبيون آمالهم لإزالة تراكمات الحرب ولمّ شتات أبناء الشعب الواحد، في واحدة من أصعب وضبابية الفترات التي تمر بها البلاد، التي تقف على حافة صراع عسكري جديد.
تعد هذه العملية التي جرت مساء أمس الجمعة واحدة من التفاهمات القليلة، التي تم الالتزام بها بين طرفي الأزمة في ليبيا منذ الاتفاق السياسي الموقع عام 2015، كما أنها تشكل تنفيذا لإحدى مخرجات اجتماعات اللجنة العسكرية 5+5 والتي تتعلق بمعالجة القضايا الإنسانية التي ترتبت على الصراع العسكري بين الطرفين خلال السنوات الأخيرة، وفي مقدمتها تبادل الأسرى والمخطوفين والجثامين.
عملية التبادل
وجرى تبادل الأسرى تحت إشراف أعيان وقادة ميدانيين من مصراتة والزنتان والزاوية في منطقة الشويرف غرب البلاد، حيث تسلم الجيش الليبي 33 أسيراً مقابل 15 أسيراً من قوات الوفاق ينحدر أغلبهم من مدن الزاوية وصبراتة وطرابلس وصرمان وتاجوراء.
ولطالما مثلت مسألة الأسرى واحدة من أهم القضايا الخلافية التي عززت الانقسام والكراهية بين شرق وغرب ليبيا، كما أنها من أكثر الملفات الشائكة في الوقت الحالي، حيث لا يعرف أي طرف أعداد الأسرى الذي يحتفظ بهم الطرف الآخر، بسبب غياب أي عملية توثيق.
باشاغا يعلق
وتعليقا على خطوة تبادل الأسرى، قال وزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا، في تدوينه على حسابه الشخصي بموقع تويتر "في هذه الليلة تغمر الفرحة عائلات ليبية فرحا بعودة أبنائهم وأحبتهم بعد مساعٍ وإشراف من لجنه 5+5 وفق اتفاق وقف إطلاق النار"، مؤكدّا أنّه "لا سبيل لقيام الدولة الا بالتوافق واتباع السبل السلمية لإدارة خلافاتنا".
من جهته، اعتبر مقرر لجنة حقوق الإنسان، أحمد حمزة، في تدوينة على صفحته بموقع "فيسبوك"، أنها خطوة إيجابية تمت ستسهم في نزع فتيل التوتر وتفتح الباب لحسن النوايا، وتشكل بادرة أمل في حل أكبر أزمة تواجهها ليبيا، تشجع على تنفيذ تفاهمات أخرى في طريق تحقيق وحدة ليبيا.
ترحيب أممي
في السياق ذاته، رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بالنجاح الكبير المتمثل بتنفيذ عملية تبادل محتجزين من الطرفين بإشراف اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، والتي تمت بجهودٍ ومساعٍ حميدة قام بها المشايخ والأعيان والحكماء.
كما حثّت الطرفين على تسريع وتيرة تنفيذ كافة بنود وقف إطلاق النار الموقع بين الطرفين بتاريخ 23 أكتوبر 2020 في جنيف، بما في ذلك استكمال تبادل كافة المحتجزين المشمولين بالاتفاق.
تفاؤل حذر
بيد أن هذه الأجواء التي تدعو إلى التفاؤل تبقى محدودة، ففي هذه الأوقات التي تتحرك فيها البعثة لتحويل الاتفاق إلى سلام دائم على الأرض يمهد الطريق لتوحيد مؤسسات البلاد وسلطتها التنفيذية، يضع طرفا النزاع أيديهم على الزناد في جبهات القتال على طول خطوط التماس الجفرة – سرت، وتعكس تصريحات مسؤوليهم كلها اتجاها واحدا، وهو العودة للسلاح والمواجهة، لتبقى احتمالات إلتزاماتهما بالهدنة ضعيفة وأمرا مشكوكا.
تهديد حفتر
والخميس، دعا قائد الجيش الليبي خليفة حفتر قواته للاستعداد لحمل السلاح وتصويبه نحو تركيا التي تستمر في إغراق البلاد بالسلاح والمرتزقة وترفض منطق السلام لطردها من البلاد، بينما أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات الوفاق محمد قنونو استعدادهم للرد على أي هجوم وللعودة إلى محاور القتال، وهو تصعيد يطرح أسئلة عدة بشأن مصير اتفاق وقف إطلاق النار ومخرجات اللجنة العسكرية المشتركة، خاصة بعد تعثّر المسار السياسي ووصوله إلى طريق مسدود، بسبب الخلافات حول المناصب التنفيذية القادمة.