في ظل تضارب المعلومات، حول جوهر الخلاف بين رئيس النظام السوري بشار الأسد، وابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف، أشار الأخير سابقا إلى مسألتين في آخر تدوينة له، في 14 من الشهر الجاري، الأولى، أن ثمة من اتهمه بأنه معارض "لعهد" بشار، والثانية، أنه سبق وحذّر الأسد، مطلع عام 2019، من قضايا معينة، ومخاطر حدوث "تداعيات كارثية" على النظام، بحسب مخلوف.
وللوقوف على دلالات ما صرّح به مخلوف، في هذا السياق، وحقيقة أصل خلاف الرجلين، المعلن منذ فترة، حاورت "العربية.نت" إحدى الشخصيات القريبة من أوساط الأسد ومخلوف، في الساحل السوري، وكان الحوار على مرحلتين، بسبب ظروف فرضت على محدِّث "العربية.نت"، ما بين يومي 4 و20 من الشهر الجاري، كانت الفترة الفاصلة بينهما، قد شهدت إطلاق مخلوف، مواقف جديدة، خاصة نقله بأن ثمة من صوَّره كـ"معارض للعهد".
وعلمت "العربية.نت" من محدّثها، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، بأن سبب الخلاف الجوهري، بين رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وابن خاله رجل الأعمال المعاقب دوليا على فساده، لا يرتبط، أصلا، بموضوع ضرائب أو تهريب أو فساد، كما تشيع أوساط النظام، أو مجرد حاجة الأسد إلى المال، بحسب تقارير إعلامية مختلفة.
وذكر المحدِّث بأن مخلوف، كان يتصرّف في السنوات الأخيرة، على أساس أن الأسد سيترك السلطة، بتسوية سياسية أو بدونها.
وبحسب المصدر، فإن محمد مخلوف والد رامي، الذي أعلنت وفاته منذ أسابيع، كان "مقتنعاً" أيضاً، بأن "نظام الأسد ذاهِبٌ" أي أنه كان في طريقه، للرحيل، أو التنحي، أو مغادرة السلطة، في شكل أو آخر.
"الرجوع إلى الخلف" قليلاً
كما كشف المصدر أن رامي وأباه، أرادا "البحث عن استمرارية بيتهما في السياسة" نزولا عند "اقتناعهما" بأن الأسد لا بدّ سيرحل، بحسب شخصية قريبة من الأب وابنه، كما نقل، في إطار تفسيره لحقيقة الخلاف الناشب، بين الرجلين، الأسد ورامي، منذ نهايات العام الماضي، وظهر إلى العلن، مع شهر نيسان/ أبريل الفائت، عندما بدأ مخلوف بالظهور المصوَّر وإطلاق مواقف، بعضها كان يحمل لهجة تهديد علنية، لنظام الأسد، ما لبث مخلوف أن حذفها، بعد أيام، من حسابه الفيسبوكي.
وتوجهت "العربية.نت" بسؤال للمصدر، عن الكيفية التي عرف فيها الأسد، أن خاله وابن خاله، مقتنعان برحيله؟ وهل هناك من طرف ثالث "سرّب" تلك "القناعة"؟ فقال: "لا يوجد تسريب. بل إن محمد مخلوف، تحدث مباشرة مع الأسد، وطرح نفسه كطرف يمكن أن يقوم بتسويات معينة مع الجهات كافة، لإنقاذ الموقف" على أن تقوم تلك المبادرة على مبدأ "رجوع الأسد، إلى الخلف" قليلاً.
دعم مفاجئ
وأشار المصدر، إلى أن الوقت الذي طرحت فيه هذه "المبادرة" كانت بحدود عام 2014، قبل التدخل العسكري الروسي، بشهور. وبحسب المصدر، فإن الأسد كان "يمكن أن يقبل، بتلك المبادرة" المخلوفية، لولا أن جاءه "دعمٌ" مفاجئ، قد يكون من إيران بصفة خاصة ودول أخرى عديدة، بأنهم معه "حتى النهاية"، فانقلب الأسد على "نقاش" تلك المبادرة التي صارت، لاحقاً، سببا بإنهاء نفوذ آل مخلوف، بالتدريج.
أما عن الدور الروسي المحتمل، بنقاش مبادرة "الرجوع إلى الخلف" قليلا، فكشف المصدر أن موسكو كانت على علم بها، دون أن تتدخل بتفاصيلها، لكنها "أعطت الضوء الأخضر، للأطراف" بحسب كلامه.
رامي أقرّ بأن ثمة في النظام من يصنّفه كمعارض للعهد
إلى ذلك، بيّن مصدر "العربية.نت" أن إشارة رامي مخلوف، الأخيرة، على حسابه الفيسبوكي، تؤكد الصورة التي يراه فيها نظام الأسد، في هذا السياق. وكان مخلوف، قد قال في تدوينته في 14 من الشهر الجاري: "أطلَقوا علينا، اسمَ معارضين للعهد" وهي المرة الأولى التي يكشف فيها مخلوف، أن ثمة في داخل النظام، من يتهمه بمعارضة النظام، حيث كشف أيضا، أنه سبق وحذر الأسد من "تداعيات كارثية" في الشهر الأول، من عام 2019، أي ما قبل "ظهورات" رامي المصورة، بخمسة أشهر.
وكشف أن تهجّم خالد العبود، النائب ببرلمان النظام، على روسيا والرئيس الروسي، والقوات الروسية في سوريا، في شهر أيار/ مايو الماضي، جاء في سياق "رسالة" من الأسد نفسه للروس، لإنهاء أي احتمال يتعلق بنقاش أي سيناريو رجوع للأسد إلى الخلف، مبيناً أن تهديدات العبود للروس، كانت تعني شيئا واحداً يريد الأسد قوله لموسكو: الساحل السوري بيد آل الأسد، لا بيد أي عائلة أخرى. بحسب المُحدِّث.
جيب بشار بانتظار نقود رامي
وعن إمكانية قيام الأسد، باعتقال ابن خاله، رامي، كشف مصدر "العربية.نت" بأن الأسد لن يقدم على مثل تلك الخطوة "لا لأن الأسد، ضعيف، ورامي، قوي" بل لأن الأسد يريد من رامي أن يقوم بتحويل أمواله المودعة خارج سوريا، إلى جيبه، وإذا قام باعتقاله "فقد تتعرقل تلك العملية"، مفسراً السماح بخروج أسرة رامي، في الأسابيع الأخيرة، خارج البلاد، بأنه للقيام بعملية تحويل مالي، وقد يكون كبيراً، سيدخل جيب الأسد.
وختم المصدر السابق، بأن ما وصفه بأخطر عبارة نطق بها مخلوف، في جميع ما صرّح به، كانت في قوله إن ثمة من أطلق عليه صفة "معارضٍ للعهد" أي أن ثمة في النظام، فعليا، من يتعامل معه، على أنه معارض لشخص الأسد، لا لنظامه، وأن هذا هو سرّ استعمال مخلوف كلمة "العهد" التي تشير إلى زمن شخص الحاكم، لا النظام السياسي العام المعمول به.