شنّ الرئيس التنفيذي للمؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا مصطفى صنع الله هجوماً لاذعاً على محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، واتهمه بإهدار مئات المليارات المتأتية من إيرادات النفط لصالحه الخاص ولصالح حلفائه من تنظيم الإخوان المسلمين. وشدد صنع الله على تمسكه بقرار تجميد أموال النفط وحجبها عن المصرف المركزي إلى حين تحقيق تسوية سياسية بين الأطراف المتصارعة تضمن توزيعاً عادلاً لهذه الأموال.
وهذا الاتهام هو فصل جديد من فصول معركة كسر العظام بين جناحين في حكومة الوفاق تدور رحاها حول السيطرة على إدارة أموال النفط وقيادة المؤسسات المالية والاقتصادية الكبرى في ليبيا. الجناح الأول يقوده رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج ووزير ماليته فرج بومطاري ومعهما رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، والآخر يمثله محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير ومعه قيادات تنظيم الإخوان التي تسيطر على مجلس إدارة المصرف وكذلك رجال أعمال مدينة مصراتة المستفيدين من الاعتمادات التي يصدرها المحافظ.
وفي تسجيل مصوّر نشره مساء الأحد، دافع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله عن قراره تجميد أموال مبيعات النفط في حسابات المصرف الليبي في الخارج إلى حين وجود شفافية وآلية واضحة لصرف الإيرادات من قبل المصرف المركزي وإجراء تدقيق مالي شامل في كيفية صرف أموال النفط خلال السنوات الماضية.
وأرجع صنع الله هذا القرار إلى "السياسة النقدية الفاشلة التي يتبعها محافظ المصرف المركزي" واعتبر أنها "كانت سبباً في إقفال النفط في عدة مناسبات، متسائلاً: "حققنا في السنوات الأخيرة 186 مليار من مبيعات النفط ومشتقاته، فأين ذهبت هذه الأموال التي دخلت إلى حسابات المصرف المركزي؟".
وأوضح في هذا السياق، أن أموال النفط ذهبت إلى "القطط السمان" و"الديناصورات" وإلى أناس كانوا معدمين فتحوّلوا فجأة إلى أصحاب المليارات، بعد أن تحصلوا عليها عبر اعتمادات وهمية من المصرف المركزي، في حين لم يستفد منها الليبيين الذين تدهورت أوضاعهم المعيشية.
وأشار إلى أن هذه الأموال يتم الحصول عليها بصعوبة كبيرة وجهد وتعب من العاملين في الحقول البرية والبحرية النفطية وكذلك من المؤسسة الوطنية للنفط التي تدخلت في أكثر من مرة لحل مشاكل الإغلاق، لكن "هناك جهات الآن تتباكى عليها وتريد الحصول عليها بكل سهولة وهي التي لم تصدر أي بيان مساندة عندما تم إقفال النفط"، وذلك في إشارة إلى المصرف المركزي.
وقال صنع الله إن محافظ المصرف المركزي يريد فقط الحصول على الأموال ثم توزيعها على أطراف معينة في مناطق محدودة من أجل الحصول على مكاسب وإنشاء مراكز قوة، وكذلك استثمارها في مساهمات فاشلة تسبّبّت في خسائر مالية فادحة للبلاد ولم تعد بالنفع على الليبيين، داعياً إلى ضرورة توقف هذا "العبث والفوضى" وحماية الثروة الليبية. وأكد أن المؤسسة لن تحوّل أي أموال إلى المصرف المركزي قبل أن يتبين لها كيفية صرفها.
وجاء هذا البيان رداً على مراسلة وجهها محافظ المصرف المركزي الليبي الصديق الكبير، الأسبوع الماضي، إلى رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، اتهمه فيها بإخفاء نحو 3.2 مليار دولار من إيرادات النفط وعدم إدراجها في موازنة الدولة. وأكدّ فيها رفضه قيام المؤسسة "بحجب الإيرادات" عن حسابات الدولة لدى المصرف المركزي، بسبب حاجة الدولة للنقد الأجنبي لتلبية الطلب عليه من اعتمادات مستندية وحوالات مباشرة شخصية وأرباب أسر، وللتأثير في سعر الصرف وتوفر السيولة.
وبدأت حرب الاتهامات حينما اتهم المصرف المركزي المؤسسة الوطنية للنفط بالتلاعب في البيانات منذ عدة أعوام، وطالب بمراجعتها والتحقق منها، وذلك في إشارة إلى وجود عمليات فساد وتلاعب بالأرقام وعدم تطابق بين الإيرادات النفطية والإنفاق، وهي الاتهامات التي وصفتها المؤسسة بـ"المغالطات".