دفعت التطورات الأخيرة الحاصلة في المنطقة على ما يبدو، مع ارتفاع منسوب التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، الحكومة العراقية إلى التأهب، خشية اندلاع أي مواجهة أميركية إيرانية.
فقد أفادت معلومات لصحيفة "واشنطن بوست" بأن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أبلغ مستشاريه الآن أنه مستعد لإصدار أوامر برد مدمر إذا قُتل أي أميركي في الهجمات المنسوبة إلى إيران وفصائلها في العراق.
كما لفت تقرير الصحيفة الأميركي إلى أن رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، يتعرض لضغوط من قبل مسؤولين أميركيين لتصعيد حملة حكومته على الميليشيات المدعومة من إيران في العراق، والتي استهدفت صواريخها مراراً خلال العام الماضي مواقع دبلوماسية وعسكرية يستخدمها الأميركيون.
تأهب وخوف من صراع
ومع تصاعد التوترات، هناك مخاوف من أن الأعمال الاستفزازية من قبل أي من الجانبين يمكن أن تؤدي إلى صراع غير مقصود.
يأتي هذا التأهب مع تزايد التوترات في المنطقة بشكل أكبر أمس الجمعة إثر مقتل العالم النووي الإيراني البارز، محسن فخري زاده في هجوم قرب طهران.
واتهم مسؤولون إيرانيون إسرائيل بأنها وراء عملية الاغتيال، مما أثار احتمال أن تنتقم طهران أو وكلاؤها في الشرق الأوسط من أهداف غربية.
يشار إلى أن إحدى الميليشيات أطلقت الأسبوع الماضي صواريخ باتجاه السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء شديدة التحصين ببغداد، منتهكة بذلك هدنة سارية قبل شهر. ولم يتسبب الهجوم في وقوع إصابات بين الأميركيين أو قوات الأمن العراقية.
وبعد الهجوم الصاروخي في 17 نوفمبر على السفارة الأميركية، نفت كتائب حزب الله المدعومة من إيران تورطها، قائلة إن الهدنة لا تزال سارية المفعول، مما سلط الضوء على الانقسامات الواضحة في معسكر الميليشيات والتهديدات المحتملة التي تشكلها الفصائل التي تقصف من تلقاء نفسها.
إغلاق السفارة الأميركية
يذكر أنه في مكالمات مع الكاظمي والرئيس العراقي، برهم صالح، أواخر سبتمبر، هدد وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، بإغلاق سفارة واشنطن في بغداد ما لم يتم كبح جماح الهجمات الصاروخية للميليشيات.
وفي السياق، يشار إلى أن مسؤولين أميركيين أكدوا بحسب الصحيفة أن خطة إغلاق السفارة ما زالت ممكنة، وصدرت تعليمات لمسؤولي الإدارة للتحضير لسيناريوهات مختلفة.
وبينما نصح مسؤولون أميركيون مؤخرا ترمب بعدم توجيه ضربة استباقية لإيران، بحسب مسؤول كبير، فإنهم أشاروا إلى أن ترمب توعد بأن مقتل أي أميركي هو خط أحمر ومن شأنه أن يؤدي إلى انتقام فوري و"ساحق".
قائد فيلق القدس في بغداد
وبعد أيام من لقاء ترمب مع مستشاريه لمراجعة الإجراءات المحتملة ضد إيران، زار قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قآاني المسؤول عن العمليات الخاصة لطهران في الخارج بغداد للحث على ضبط النفس.
كما حذر الميليشيات والفصائل التابعة لبلاده من أي تصعيد للهجمات على أهداف أميركية قبل مغادرة ترمب منصبه، وفق ما أفاد أفراد مطلعون على الأمر.
من جهته، أصر متحدث باسم كتائب حزب الله على أن ضبط النفس هو أفضل مسار، خاصة أن إدارة ترمب بصدد سحب بعض القوات الأميركية من العراق.
وكان مسؤولون أميركيون أعلنوا أن مستويات القوات في العراق ستنخفض من 3000 إلى 2500 بحلول 15 يناير.
إلى ذلك أشار تقرير واشنطن بوست إلى أن الانقسامات الظاهرة داخل معسكر الميليشيات قد تجعل من الصعب، حتى بالنسبة لأكثر الميليشيات نفوذاً ودعما من طهران، الحفاظ على الهدوء خلال هذا الوقت الحساس.
غارات وصواريخ
يذكر أن الولايات المتحدة اشتبكت مراراً مع إيران وحلفائها على الأراضي العراقية. وفي أوائل يناير، قتلت أميركا قائد فيلق القدس قاسم سليماني وزعيم الميليشيا العراقية أبو مهدي المهندس في هجوم بطائرة بدون طيار بالقرب من مطار بغداد الدولي.
ورداً على ذلك، أطلقت إيران صواريخ باليستية على قواعد تستضيف عسكريين أميركيين.
وبعد أشهر، شنت واشنطن غارات جوية على موقع قيل إنه مرتبط بكتائب حزب الله، بعد أن ألقت باللوم على الميليشيا في هجمات صاروخية أسفرت عن مقتل جندي أميركي وبريطانيين على قاعدة عسكرية عراقية شمال بغداد.
والأسبوع الماضي أيضا استهدفت صواريخ الميليشيات محيط السفارة الأميركية، ما أدى إلى مقتل شابة عراقية تبلغ من العمر 18 عاماً.