وجدت الحكومة التونسية التي يقودها رئيس الوزراء المستقل هشام المشيشي، نفسها خلال الأيام الماضية أمام امتحان عسير بعدما باتت في مواجهة مباشرة مع الشارع، وعاجزة عن احتواء احتجاجات متصاعدة في مختلف أنحاء البلاد، تطالب بالتنمية والوظائف وتحسين الخدمات الاجتماعية، وذلك في الوقت الذي يتراجع فيه دعم النخب السياسية لها، ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرتها على الصمود أمام تلك الصدمات.
تعليقا على تلك التساؤلات، استبعد النائب في البرلمان حاتم البوبكري، قدرة المشيشي على إخماد نار الاحتجاجات واحتواء الغضب المتصاعد في ظل الوضع المالي والاقتصادي المتأزم الذي تعيشه البلاد، مرجحاً أن يؤدي هذا الوضع إلى سقوط حكومته بسبب الضغوط التي تواجهها سواء من التحالف البرلماني، الذي يريد إجراء تعديل وزاري، قد يؤدي رفضه إلى إسقاطها أو بسبب الضغوط الاجتماعية الناتجة عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد، ما يجعل هذه الحكومة عاجزة عن الاستجابة للمطالب المشروعة من المحتجين أو الإيفاء حتّى بتعهداتها.
نار "اعتصام الكامور"
وإضافة إلى ذلك، قال البوبكري في تصريح للعربية.نت، إن التعاطي الخاطئ للمشيشي مع ملف "اعتصام الكامور" في محافظة تطاوين وخضوعه للتفاوض مع تنسيقية المعتصمين، الذين أوقفوا إنتاج النفط وليس مع الجهات الرسمية، ثم تلبية كافة مطالبهم، شجع بقية الجهات على تشكيل تنسيقيات والخروج والاحتجاج للمطالبة بنصيبهم من التنمية وبتحقيق مطالبهم، إضافة إلى غياب الرؤية الاستراتيجية لهذه الحكومة التي تشكلت على قاعدة غير صحيحة، مشيرا في هذا السياق إلى أن حكومة التكنوقراط غير قادرة على إدارة ومعالجة الأزمات في أي بلد من العالم.
احتجاجات غير مسبوقة
وتشهد عدة محافظات تونسية خلال الآونة الأخيرة تحركات احتجاجية غير مسبوقة وصلت إلى حد تعطيل وحدات الإنتاج على غرار إنتاج الفوسفات بمحافظة قفصة، وغلق المجمع الكيميائي بمحافظة قابس، إذ يطالب المحتجون بحقهم من التنمية، على غرار ما تحقق في محافظة تطاوين بعد تسوية ملف الكامور.
وأكد البوبكري أن كل هذه المطالب التي يرفعها المحتجون مشروعة، لافتا إلى سيطرة مشاعر التوجس واليأس على التونسيين من المستقبل الغامض الذي ينتظرهم، وغياب رؤية وخطّة واضحة من الدولة، لكنه أشار إلى أن طريقة الاحتجاج خاطئة لأن تدمير المنشآت العمومية وتعطيل آلات الإنتاج سيضع عبئا إضافيا على موازنة الدولة ويؤثّر سلبا على موارد التونسيين في مختلف المجالات، داعيا إلى تجاوز هذه الطريقة الاحتجاجية ورفع المطالب في أطر سلمية.