وجهت إيران حلفاءها في شتى بقاع الشرق الأوسط إلى البقاء في حالة تأهب قصوى وتفادي توترات مع الولايات المتحدة من شأنها أن تمنح إدارة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب سبباً لشن هجمات في الأسابيع الأخيرة له في منصبه، حسبما قال مسؤولون عراقيون لوكالة "أسوشييتد برس".
وهذا الطلب وجهه قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني خلال اجتماع في بغداد هذا الأسبوع.
يذكر أنه في ظل ولاية ترمب، تصاعدت التوترات مع إيران، ووصلت إلى ذروتها بداية العام بالضربة الجوية الأميركية التي قتلت قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، قرب مطار بغداد. وشنت إيران هجوماً صاروخياً باليستياً رداً على الضربة القاتلة التي شنت بطائرة مسيرة، كما استهدفت جنودا أميركيين في العراق وأصابت بعضهم.
وكان ترمب قرر عام 2018 انسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاق النووي الإيراني المبرم مع القوى العالمية، بهدف منع طهران من تطوير أسلحة نووية، وأعاد فرض عقوبات معوقة على إيران، ما أدى إلى شل اقتصادها.
ومنذ ذلك الحين، تخلت إيران عن جميع القيود المفروضة على برنامج تخصيب اليورانيوم، رغم محاولة شركاء دوليين آخرين في الاتفاق إنقاذه دون جدوى.
بيد أن هناك قلقاً متزايداً بشأن ما قد يفعله ترمب بحق إيران قبل مغادرته منصبه، بما قد يشمل توجيه ضربة محتملة لأعداء الولايات المتحدة بالخارج.
وأمس الخميس، حذر مستشار المرشد الإيراني في مقابلة مع "أسوشييتد برس" من أن أي هجوم أميركي على إيران يمكن أن يؤدي إلى "حرب شاملة" في المنطقة.
وقال حسين دهقان الذي خدم في الحرس الثوري الإيراني قبل أن يصبح وزيراً للدفاع في عهد الرئيس حسن روحاني: "نحن لا نرحب بالحرب. لا نؤيد البدء بالحرب".
ولا يبدو أن القلق متجذر في أي شيء ملموس، لاسيما أن ترمب أمر في الواقع بإكمال سحب القوات الأميركية من العراق وأفغانستان بحلول منتصف يناير.
وأثارت إقالة ترمب لوزير الدفاع مارك إسبر بعد يومين من الانتخابات موجة من التكهنات حول ما إذا كان الأمر مرتبطاً بخطة أوسع لتوجيه ضربة في الخارج.
ويعتبر العراق، حيث بدأت المنافسة بين الولايات المتحدة وإيران، ساحة محتملة. فقد دفعت الهجمات المتكررة على السفارة الأميركية في بغداد في الشهور الأخيرة إدارة ترمب للتهديد بإغلاق البعثة، في خطوة أثارت أزمة دبلوماسية وأدى التراسل في كواليس القنوات الدبلوماسية لهدنة غير رسمية قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الأميركية.
وقبل شهرين من تولي إدارة بايدن، أوصل الجنرال الإيراني إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس طلب طهران خلال اجتماع مع فصائل الحشد الشعبي المدعومة من إيران والساسة في بغداد هذا الأسبوع، وفقاً لسياسيين عراقيين بارزين حضرا الاجتماع.
وبحسب ما نقلته وكالة "أسوشييتد برس" عن السياسيين العراقيين كانت "توقفوا لتجنب منح ترمب فرصة البدء في جولة واحدة بواحدة جديدة من العنف". كما قال للميليشيات العراقية "تحلوا بالهدوء وأوقفوا الهجمات في الوقت الحالي ضد التواجد الأميركي في العراق".
ولو حصل هجوم أميركي على حلفاء إيران فسيكون رد طهران "متماشياً مع نوع الضربة"، وفقاً لما نقله أحد السياسيين العراقيين عن قاآني.
وأكد مسؤول في الحكومة العراقية أيضاً اجتماع قاآني بفصائل مدعومة من إيران في العراق هذا الأسبوع.
في الوقت نفسه في لبنان، نصح حسن نصر الله زعيم ميليشيا حزب الله الأنصار والحلفاء بضرورة التحلي بالحذر خلال الأسابيع المتبقية لترمب في الرئاسة.
وقال نصر الله في تصريحات متلفزة في بداية الشهر الجاري إنهم جميعاً يجب أن يتحلوا بالحذر في الشهرين المقبلين ليمرا بسلام، لكنه حث أنصاره على الاستعداد لمواجهة أي خطر، وعلى الرد إن قامت الولايات المتحدة أو إسرائيل بهجوم.
لكن بعد ساعات فقط من إيصال قاآني رسالة إيران في بغداد، وبينما كان لا يزال في العراق، أطلِق وابل من صواريخ كاتيوشا على المنطقة الخضراء شديدة التحصين في العاصمة العراقية، لتهبط على بعد أمتار قليلة من السفارة الأميركية. وتسبب بعض الصواريخ التي سقطت خارج المنطقة الخضراء في مقتل طفل وإصابة خمسة مدنيين.
يمكن أن يشير الهجوم - المناقض لتعليمات تجنب التصعيد - لخلاف محتمل في صفوف قادة الميليشيات أو خطة متعمدة من الفصائل لإرسال رسائل مختلطة وإبقاء نواياها غامضة.
ويُعتقد أن ميليشيا غير معروفة إلى حد كبير باسم "أصحاب الكهف" وعلى صلة بكتائب حزب الله العراقية، هي التي شنت الهجوم الصاروخي بعد إعلانها مسؤوليتها عنه. من جانبها، نفت كتائب حزب الله إطلاقها الصواريخ، وزعمت أن هدنة بدأت في أكتوبر ما زالت سارية.
وناقض قيس الخزعلي، قائد ميليشيات عصائب أهل الحق النافذة المتحالفة مع إيران، ذلك الزعم قائلاً في مقابلة متلفزة الخميس إن الهدنة قد انتهت.