أزاح رئيس حكومة الوفاق فايز السراج مصطفى المانع أحد أهم القيادات النافذة تنظيم الإخوان من منصبه في المؤسسة الليبية للإستثمار التي تعدّ إحدى أبرز مراكز القوى المالية في ليبيا، وذلك في أحدث حلقة من مسلسل الصراع بين السراج المدعوم من وزير المالية والإقتصاد فرج بومطاري ومحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير المسنود من قيادات تنظيم الإخوان.
ويرى مراقبون، أن التنافس بين الطرفين للسيطرة على الموارد المالية للدولة والتسابق من أجل التحكم في القرار الاقتصادي والنقدي للبلاد، هو أحد محركات هذا الصراع، خاصة مع عودة إيرادات النفط إلى التدفقّ.
وفي تصريح للعربية.نت، اعتبر الخبير الإقتصادي رمزي الجدي، أن السراج يرى أن المؤسسات المالية أصبحت خارج سلطته بعد سيطرة قيادات تنظيم الإخوان على إدارتها خاصة المؤسسة الليبية للاستثمار التي ينخرها الفساد وتدار من قبل مجموعة مغلقة من الليبيين المقيمين في تركيا، مشيرا إلى أن إقالة أحد أبرز قياداتها الذي هو في نفس الوقت يشغل منصب المستشار القانوني لمحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، هومحاولة من السراج لتحجيم نفوذ الكبير واستعادة السيطرة على هذا الصندوق السيادي.
وإلى جانب المؤسسة الليبية للإستثمار، دخل المصرف الليبي الخارجي الذي تودع في حساباته إيرادات مبيعات النفط، في أزمة صراع بين السراج والصديق الكبير، حيث يسعى كل طرف إلى افتكاك صلاحية إدارة هذا المصرف، مستندا في ذلك إلى القوانين واللوائح.
وفي هذا السياق، أصدر السراج يوم الثلاثاء الماضي، قرارا يقضي بتشكيل لجنة عمومية تتولى تعيين مجلس إدارة جديد للمصرف الخارجي، لكن محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، اعتبر هذا الإجراء مخالف للقانون الذي ينص على أن تشكيل مجلس الإدارة هو من صلاحيات المركزي.
ويرى الكاتب والسياسي الليبي سليمان البيوضي في تصريح لـ"العربية.نت"، أن الصراع القائم في طرابلس بين السراج والصديق الكبير هو صراع مواقع، حيث يسعى الأول إلى استهداف المحسوبين من تنظيم الإخوان الذين يسيطرون على مواقع القرار بالمؤسسات المالية، لكن الجماعة فهمت هذه الحملة واستخدمت ديوان المحاسبة الذي يقوده الإخواني خالد شكشك للرد على ذلك، عبر إحالة تقرير ضد السراج إلى مكتب النائب للتحقيق ضده في قضايا مالية.
والخميس، أكدّ رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك إحالة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج وعدد من المسؤولين إلى النائب العام للتحقيق بشأن مخالفات مالية متعلقة بصندوق التأمين الصحي، لافتا إلى أن هذه الإحالة لا تعني بالضرورة ارتكاب جرائم جنائية.
مراكز صناعة القرار
وتبعا لذلك، حذّر الرئيس السابق لسوق الأوراق المالية سليمان الشحومي من تداعيات هذا الصراع الذي يدور بين مراكز صناعة القرار الاقتصادي المالي في ليبيا، موضحا في تدوينة نشرها على حسابه الشخصي بوقع "فيسبوك"، أن هذا الوضع سيزيد من تعميق الأزمة المالية والنقدية أكثر فأكثر ويقضي على أي فرصة لمعالجات ملحة لتحسين الأوضاع المتردية على مستوى الإقتصاد الكلي للدولة وعلى المستوى الجزئي للمواطنين، تتطلب تنسيقا وتعاونا وبرنامجا إقتصاديا يدفع نحو الإستقرار وحل الازمات بدل إشعالها وزيادة حدتها.