فتحت السلطات القضائية في تونس تحقيقا في صفقة مشبوهة لتوريد النفايات الإيطالية ودفنها في الأراضي التونسية، هزت الرأي العام، وتورطت فيها أجهزة في الدولة، وسط دعوات إلى ضرورة محاسبة كل من له علاقة بهذه "الجريمة".
وفي التفاصيل، قال رئيس لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد في البرلمان المكلفة بمتابعة هذه القضية بدرالدين القمودي في تصريح لـ"العربية.نت"، إن القصة بدأت عندما تنبه مواطنون نهاية شهر يونيو الماضي إلى انبعاث روائح كريهة من داخل عدد من الحاويات أثناء نقلها على الشاحنات من ميناء سوسة التجاري إلى مخازن إحدى الشركات الخاصة.
وتابع أنه بعد تزايد حالة الاستياء وتحرك المجتمع المدني ومطالبته بالكشف عن طبيعة هذه الشحنة الموردة، فتح تحقيق ليتبين أن شركة خاصة مختصة في تدوير النفايات وإعادة تصديرها وقعت عقدا مع إيطاليا يقضي بتوريد 120 ألف طن من النفايات خلال عام، وقامت بتوريد حوالي 282 حاوية من تلك النفايات، تسلمت منها مخازنها 70 حاوية في حين لا تزال 212 حاوية داخل الميناء، مشيرا إلى أن هذه النفايات لم تكن إلا القمامة وفضلات منزلية تريد السلطات الإيطالية التخلص منها، لكن القانون التونسي يمنع توريدها لخطورتها على البيئة وصحة المواطن.
"أطراف نافذة"
إلى ذلك، قال القمودي إن "اللجنة البرلمانية تولت معاينة بعض الحاويات ووقفت على خطورة حمولتها"، متهما جهات عليا في جهاز الديوانة ووزارة البيئة، بتسهيل دخول تلك المواد إلى البلاد، تحت رعاية شركة تتمتع بامتيازات جبائية وتحت غطاء نفايات بلاستيكية صناعية قابلة لإعادة التدوير والتصدير.
كما أكد أن القضاء فتح تحقيقا ويتولى البحث في كل ملابسات هذه العملية، مشيرا إلى أن إدخال هذه الشحنة من النفايات يعد "جريمة" قامت بها عصابات تلقت مساعدات وتسهيلات من أطراف نافذة داخل أجهزة رسمية بالدولة.
البيئة تنفي
في المقابل، نفت وزارة الشؤون المحليّة والبيئة، في بيان، علاقتها بتلك الصفقة، وأشارت إلى أنها لم تقدّم قطعا أي ترخيص لهذه الشركة أو غيرها لتوريد نفايات من الخارج، مضيفة أن الشركة التي ورّدت هذه النفايات تعمّدت القيام بعدد من المغالطات في مختلف إجراءاتها، خاصة فيما يتعلق بإجراءات التوريد المحددة بالتشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية، وكذلك بخصوص تصنيف النفايات ضمن ملف التصريح الديواني، إضافة إلى مخالفة ما جاء بدراسة المؤثرات على المحيط والتي تحدد التزامات الشركة لتعاطي نشاطها.
وكان رئيس الحكومة هشام المشيشي، أقال مدير وكالة التصرف في النفايات التابعة لوزارة البيئة، في قرار لم يرض التونسيين الذين اعتبروا أنه مجرد خطوة لامتصاص غضب الرأي العام، وسط دعوات بضرورة محاسبة كل المتورطين في هذه الجريمة والمتلاعبين بصحة التونسي.
إلى ذلك، انتقدت المنظمات الناشطة في المجال البيئي، ما وصفته بـ"الإرهاب البيئي" الذي يهدد حياة وصحة التونسيين، وشدّدت على رفضها "تحويل تونس لمصب لنفايات أوروبية، احتراما لكل المعاهدات الدولية التي وقعتها تونس".