وقالت صحيفة "الاقتصادية" في افتتاحيتها اليوم التي كانت بعنوان ( الطاقة المتجددة .. المعادلة تغيرت ) : لم تعد الطاقة المتجددة مجرد محاولات أخلاقية للحفاظ على البيئة وحق الأجيال والتقليل من الغازات التي تزيد من مشكلة الاحتباس الحراري، بل لقد تحولت الآن فعليا إلى صناعة قوية جاذبة للاستثمارات وتدر عوائد اقتصادية هائلة، ولها مستقبل واعد جدا وقد اتجهت معظم دول العالم للبحث عن إنتاجها وتنفيذ مشاريعها لفوائدها الاقتصادية المتعددة. ذلك هو شعار المستقبل لأغلب دول العالم بما فيها النامية، التي بدأت في التوسع في تطبيقات الأنظمة الذكية والخضراء، فهذه الطاقة التي تسمى كذلك المتجددة تتجه تدريجيا لتصبح الخيار الأمثل للاستدامة الطاقوية والحصول عليها من مصادر متوافرة ومتاحة للجميع، حيث تحقق مكاسب كثيرة وأضرارا قليلة للإنتاج والاستهلاك. وأضافت :ولكن المشكلة الرئيسة التي واجهتها هذه الصناعة أصبحت من التاريخ، كما أن الدعم الحكومي الضخم، مع الابتكار المتواصل عزز من تسيد هذه الصناعة لتصبح المصدر الأول لتوليد الكهرباء في العالم عام 2025 أمام الفحم، وفقا لتقارير الوكالة الدولية للطاقة التي أكدت أن مصادر الطاقة المتجددة قد استحوذت على ما يقرب من 90 في المائة من القدرات الإنتاجية الجديدة، خصوصا من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمصادر الكهرومائية، ستبلغ هذه القدرات الجديدة مستوى قياسيا جديدا عند 200 جيجاواط، وهذا الارتفاع في القدرات الإنتاجية يقترب من 10 في المائة بشكل خاص في الاتحاد الأوروبي والهند، وفق التقرير. ورأت :لكن ما العوامل الكامنة خلف هذه القفزات والتغيرات العميقة في هذه الصناعة الجديدة، لعل أول هذه الدوافع كما نشر في عدة تقارير متخصصة يكمن في أن الطاقة المتجددة كانت غير موثوقة ولا يمكن الاعتماد عليها، فالرياح لا تهب دائما كما يجب وفي الوقت المناسب، والشمس تغيب نصف اليوم، ولكن التقدم التكنولوجي الضخم قضى على هذه الشكوك تماما، ومثال ذلك ما طورته إسبانيا من قدرات لتوليد الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية على مدار 24 ساعة حتى في غياب الشمس، حيث تم تطوير منصات ضخمة تتابع مرور الشمس عبر السماء، وتعكسها حرارتها في مكمن لتسخين الملح المصهور الذي ينقل ليسخن بخارا يعمل على تشغيل التوربينات التي تولد الكهرباء. وأردفت أن الدافع الثاني قد جاء من اهتمام الحكومات بمثل هذه الابتكارات القادرة على تغيير معادلة توزيع إنتاج الطاقة بين الأحفورية والمتجددة، وتلبي الحاجة المتزايدة لتوليد الكهرباء وفي الوقت نفسه تحافظ على الموارد المحدودة والاستجابة للمطالب العالمية للحد من الانبعاثات الكربونية للاقتصادات خاصة أن هذه المسألة بدأت تلقي بظلال مخيفة وتكاليف إنسانية ضخمة مع تغيرات المناخ الصعبة والفيضانات والعواصف والتلوث البيئي الذي يقود إلى أمراض مكلفة مرهقة للأنظمة الصحية. أما الدافع الثالث فيأتي من كون هذا الاتجاه المتصاعد والتعاون المثمر بين الابتكارات الجديدة والدعم الحكومي الكبير قد ولد فرصا لقطاع التمويل الذي هو بحاجة إلى مشاريع أكثر استدامة وتدر عوائد جيدة على المستثمرين. وبينت :فلقد أكد تقرير الوكالة الدولية أن مصادر الطاقة المتجددة "ستصبح عام 2025 المصدر الرئيس للإنتاج الكهربائي في العالم، كما ستشهد الأعوام المقبلة طفرة في مجال مصادر طاقة الرياح في البحر قد تصل إلى خمس سوق طاقة الرياح نظرا للتراجع السريع في تكاليف الإنتاج. وهنا فإن هذه الأنباء دون شك تضع المستثمرين أمام صناعة ستدر المليارات من العوائد، مع تناقص المخاطر المتعلقة بالاستدامة أو تفاقم المشكلات البيئية ما يهدد هذه المشاريع، إضافة إلى أن تكلفة الطاقة المتجددة قد وصلت إلى مستويات منخفضة جديدة حسب تقرير لبرنامج الأمم المتحدة البيني، واستنتج التقرير أن الاستثمارات المستقبلية ستوفر الكثير كلما تزايدت قدرة الطاقة المتجددة، فقد انخفضت تكاليف الكهرباء المتولدة من محطات الطاقة الشمسية الجديدة في النصف الثاني من عام 2019، 83 في المائة عما كانت عليه قبل عقد من الزمن. وختمت:إن هذه العوامل حقيقة هي الدافعة لاقتصاد الطاقة المتجددة كفيلة بأن تصنع تحولات كبيرة في المستقبل القريب، وستكون تأثيراتها غير محدودة سواء في السباق العالمي للفوز بهذه الطاقة، كما أن مراكز القوى الاقتصادية والسياسية قد تتأثر بحسب هذه التحولات. تلك هي الطاقة المتجددة التي تمنح المجتمعات استدامة مستهدفة في كثير من برامج ومشاريع التنمية على المدى البعيد، فهي طاقة مستمدة من الموارد الطبيعية التي تتجدد أي لا تنفد، وتختلف جوهريا عن نوعية الطاقات الأخرى من بترول وفحم وغاز طبيعي. // انتهى //07:34ت م 0009