اختطفت مليشيات مسلحة تابعة لحكومة الوفاق في ليبيا، ليل الأربعاء، رئيس المؤسسة الليبية للإعلام محمد بعيو، على خلفية قرار يقضي بإحالة مدير قناة "ليبيا الأحرار"، الذراع الإعلامية لهذه الجماعة، إلى التحقيق بتهمة تبديد واختلاس أموال، وآخر يقضي بإزالة شعار "بركان الغضب" من القنوات الرسمية.
وفقدت العربية.نت الاتصال بمحمد بعيو، عندما كانت في تواصل معه عبر تطبيق "واتساب" تحدث فيه عن هجوم يتعرض له منزله الواقع في منطقة السبعة بالعاصمة طرابلس من قبل عناصر مسلحة، قبل أن يتم الإعلان عن اختطافه رفقة اثنين من أبنائه، ثم تنشر صور له وهو محتجز داخل إحدى مقرات كتيبة "ثوار طرابلس" التابعة لحكومة الوفاق.
"بركان الغضب"
وتزامنا مع الهجوم على منزل بعيو، اقتحمت مليشيات مسلحة مقر القناة الرسمية وأجبرت العاملين فيها على إرجاع شعار "بركان الغضب" على الشاشة، بعد إزالته واستبداله بشعار "إعلام السلام".
والثلاثاء، وجه رئيس المؤسسة الليبية للإعلام محمد بعيو خطابا إلى وكالة الأنباء الرسمية، أمر فيه بالتوقف نهائيا عن بث ونشر كل ما يتعلق بـ"الحرب الأهلية"، وكل ما يؤجج مشاعر الحقد والكراهية ويرسخ ثقافة الانتقام والثأر ضمن البث العام، وذلك دعما للمسار السياسي الحالي الذي جعل الحوار والمفاوضات بديلا عن القتال والجبهات، وتوّعد مديري القنوات والإذاعات باتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم في حال عدم الالتزام بتوجيهاته.
"حرب أهلية"
وعقب هذا القرار، شنت المليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق وقيادات من تنظيم الإخوان وأنصارهم والقنوات الموالية لهم، هجوما شرسا ضدّ بعيو، بعد أن وصف ما اعتبروه "عملية تحرير العاصمة" بـ"الحرب الأهلية"، وأمر بإزالة شعار "بركان الغضب" من القنوات الرسمية، وطالبت المجلس الرئاسي بعزله من منصبه.
وتعليقا على ذلك، أعلن بعيو في تدوينة نشرها على صفحته بموقع "فيسبوك" قبل اختطافه واحتجازه، تلقيه تهديدا من آمر كتيبة "ثوار طرابلس" أيوب أبوراس، حذّره فيها من مغبّة عدم مراجعة تعيينات قام بها لشخصيات موالية لخليفة حفتر، وتعرّضه إلى حملة شرسة من أبواق الإخوان، بعد إحالته للمدعو سليمان دوغة، مالك قناة "ليبيا الأحرار" ، إلى التحقيق بتهمة تبديد واختلاس 85 مليار دينار، ومحاربته للفساد في الأجهزة الإعلامية.
وأضاف بعيو "أعرف أنها معركة وطنية مقدسة بين مشروع الدولة الموعودة المنشودة، وبين واقع الإجرام والإرهاب والفساد، وسأخوضها بشجاعة وشرف، وحتى لو كنت شهيدها وهذا ما أتمناه، لن أتراجع ويقيني بالله يقيني شر أعداء الله".
ودخل تنظيم الإخوان في ليبيا في صراع مع محمد بعيو منذ شهر سبتمبر الماضي، تاريخ تعيينه من طرف رئيس حكومة الوفاق فايز السراج على رأس المؤسسة الليبية للإعلام، وتكليفه بمهمة الإشراف على كل مؤسسات الإعلام المملوكة للدولة، وذلك خوفا من إعادة ترتيب وتنظيم المشهد الإعلامي الذي تبسط عليه سيطرتها منذ 2011، وتتخذّه أداة للدعاية لأجندتها السياسية والدينية.
ضد الإخوان
ويعتبر بعيو الذي شغل سابقا منصب المستشار الإعلامي لمحافظ مصرف ليبيا الصديق الكبير، من أهم الشخصيات المناهضة لتنظيم الإخوان والمؤيدة للجيش لكنها محسوبة أيضا على نظام معمر القذافي، إذ شغل عدة مناصب في قطاع الصحافة في ظل النظام السابق، وعرف بتصريحاته الإعلامية الداعية لعدم التصالح مع الإخوان المسلمين.
وفي ليبيا، أصبحت وسائل الإعلام الرسمية، التي استغلَّت على مدى عقود كبوق لنظام معمر القذافي، طرفا إلى سيطرة بعض الميليشيات المسلّحة المحسوبة على تنظيم الإخوان، تبثّ أجندته.