عادت لوائح التصفيات والتهديدات تسري في الشارع العراقي خلال الساعات الماضية. فقد تداول العديد من ناشطي العراق فيديو حمل اسم الجوكر، وتضمن صوراً لناشطين وإعلاميين، على وقع إيقاع "هوليودي" وتهديدات بالقتل.
وعلى الرغم من أن أي تعليق رسمي لم يصدر حتى الساعة، إلا أن الفيديو أعاد التذكير بعمليات الاغتيال العديد التي شهدتها البلاد، على مدى السنوات الماضية، والتي ارتفعت وتيرتها منذ أكتوبر العام الماضي، مع توسع التظاهرات في مختلف المحافظات، وارتفاع الأصوات ضد الطبقة السياسية الحاكمة، والميليشيات المسلحة.
فخلال الفترة الماضية، دفعت عشرات عمليات الاغتيال التي وقعت، العديد من ناشطي المجتمع المدني العراقي والعاملين في مجال حقوق الإنسان والصحفيين إلى الفرار مما يقولون إنه هجوم مستمر من جماعات مسلحة.
وقد أدى رحيل هؤلاء، الذين تتراوح أنشطتهم بين توعية العراقيين بشأن حقهم في التصويت وقيادة الاحتجاجات ضد ما يعتقدون أنها تجاوزات، بحسب ما أكدت جماعات حقوقية، إلى إضعاف حركات المجتمع المدني التي كانت نشطة منذ عقود.
44 عملية خطف و74 محاولة قتل
وفي هذا السياق، أفادت جمعية الأمل الحقوقية المستقلة، لوكالة رويترز، بأن ما لا يقل عن 44 عملية خطف و74 محاولة قتل نشطاء وقعت في العام الماضي، معظمها في بغداد وجنوب العراق.
فقد وثقت 39 واقعة قتل على الأقل منذ أكتوبر 2019 عندما خرج آلاف العراقيين إلى الشوارع في احتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة، مطالبين بفرص عمل ورحيل النخبة الحاكمة التي قالوا إنها فاسدة.
وقال حسن وهاب من جمعية الأمل "ارتفعت وتيرة الاغتيالات والتهديدات من بداية التظاهرات وتصاعدت بشكل مخيف... بدينا نشعر بقلق شديد بسبب مغادرة الناشطين إثر تهديدهم بالقتل... بدينا نخسر جزء من مصادرنا التي تعمل على الأرض".
عجز الشرطة
ولعل الأخطر من ذلك، عجز الشرطة والأمن عن حماية هؤلاء. فقد أكد 5 ناشطين فروا من العراق خلال الأشهر الماضية، لوكالة رويترز أن الشرطة المحلية نصحتهم بالمغادرة لأنها لا تستطيع ضمان حمايتهم من الجماعات المسلحة.
وتأكيدا على ذلك، قال مسؤول عسكري، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن قوات الأمن غالبا ما تكون عاجزة عن حماية النشطاء من الجماعات المسلحة المارقة لأن داعمين سياسيين أقوياء يقفون خلف تلك الجماعات، دون أن يسمي أيا منها.
أمل مفقود
يأتي هذا على الرغم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي تولى منصبه في مايو، تعهد بتحقيق العدالة للنشطاء الذين قُتلوا أو تعرضوا لتهديد من الجماعات المسلحة.
فمع تشكيل الحكومة الجديدة لما يقرب من 35 لجنة لمواجهة التحديات، ومنها السعي لتحديد المسؤولين عن مقتل المتظاهرين، لم يسفر عن أي ملاحقة قضائية حتى الآن.
وتعليقا على تلك النقطة، قال محمد الدهامات، شقيق أمجد أحد الناشطين الذين قتلوا قبل أشهر في مدينة العمارة، إنه فقد كل الأمل الذي كان لديه في الكاظمي.
كما أضاف، متحدثا من منزل أمجد حيث تعيش والدتهما أيضاً، أنه جرى إبلاغ عائلته بأنهم سيطّلعون على نتائج التحقيق في وفاة شقيقه في غضون ثلاثة أشهر وأن أربعة أشهر مرت دون أن يتواصل معهم أحد.
مؤسسات الدولة مخترقة
في المقابل، قال مسؤول حكومي، طلب عدم الكشف عن هويته، إن مؤسسات الدولة "اخترقتها" أحزاب وجماعات مسلحة لا مصلحة لها في معاقبة قتلة المحتجين.
وتعهدت الحكومة بقمع ما تقول إنها جماعات مسلحة إجرامية تحاول زعزعة استقرار البلاد، وفرض سيطرة الدولة على الأسلحة في إطار جهود للحد من نفوذ الفصائل المسلحة، لكن شيئا لم ينفذ حتى الآن.