أجبر البنك المركزي الإيراني العراق على اتفاق للإفراج عن أصول إيران المالية، قائلة إنها مجمدة لدى بغداد.
وأوضح أن الأصول التي سيفرج عنها العراق ستستخدم لشراء بضائع أساسية.
وفيما تشهد إيران انهيارا تاريخيا لعملتها وحصارا تماما لاقتصادها جراء العقوبات الأميركية، توجه محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي، إلى العاصمة العراقية بغداد، مع وفد مصرفي وتجاري بهدف استحصال ديون لطهران رغم الحظر المالي على البنوك الإيرانية.
وكانت وسائل إعلام إيرانية توقعت بالفعل أن الهدف من الزيارة هو مناقشة الإفراج عن الأصول الإيرانية المحجوبة في العراق، وتتعلق بالديون المرتبطة ببيع الغاز والكهرباء للعراق.
وتقول مصادر رسمية، إن ديون إيران على العراق بنحو 3 مليارات دولار، حيث أعفت العقوبات الأميركية العراق من أجل تسهيل شراء الكهرباء لمدة 60 يوما.
وتواجه إيران حاليا نقصا في النقد الأجنبي حيث كان سعر الدولار في السوق الإيرانية المفتوحة في أبريل حوالي 160 ألف ريال (16 ألف تومان)، لكنه انخفض إلى عتبة 320 ألف ريال (32 ألف تومان) حاليا.
انخفاض التجارة مع العراق
وكان رئيس غرفة التجارة الإيرانية العراقية يحيى آل إسحاق، قد أعلن الأسبوع الماضي، عن الانخفاض الكبير في التبادل التجاري مع العراق، قائلا إن صادرات إيران للعراق انخفضت بنسبة 15 إلى 20% خلال الأشهر الستة الماضية.
وأكد أن "عائدات صادراتنا إلى العراق هذا العام بلغت حوالي 3.5 مليار دولار منذ أواخر مارس/آذار الماضي، مقارنة بنحو 12 مليار دولار في العام الماضي".
وأضاف: "بعض معاملاتنا مع العراق بالريال وبعضها تبادل بالحقائب، وهو ما لم يعد ممكناً بسبب وباء كورونا".
الالتفاف على العقوبات
وفي إشارة إلى طريقة الالتفاف على العقوبات والحظر المالي على إيران، أكد آل إسحاق أن "التحويلات بين البلدين تتم عبر شركات الصيرفة ومؤسسات القطاع الخاص التي تكون من نوع مختلف ويمكن في بعض الأحيان مقايضتها بالبضائع وأحيانا الصرف بالدينار أو بعملات أخرى".
وكانت إيران قد أعلنت في وقت سابق عن انخفاض الصادرات غير النفطية للعراق إلى النصف، حيث يعد العراق ثاني أكبر وجهة تصدير للبضائع الإيرانية بعد الصين، وبلغت وارداته من إيران 1.8 مليار دولار، وفقا للأرقام الرسمية.
وفي يوليو /تموز الماضي، أعلن الأمين العام للغرفة التجارية الإيرانية العراقية المشتركة حميد حسيني، عن تأسيس شركة في العراق لتسوية ديون لإيران بقيمة 5 مليارات دولار، لكنه أوضح أن الدفع لم يكن نقديا بسبب العقوبات، بل مقابل شراء العراق مواد وسلع أساسية لإيران.
وتحاول طهران استخدام القناة المالية العراقية لتلبية مشترياتها الخارجية والتحايل على العقوبات الأميركية، لكن نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري، قد اعترف بعدم تمكن طهران من نقل أية أموال بسبب العقوبات المالية والمصرفية، قائلا إن "الولايات المتحدة لا تسمح لنا بنقل دولار واحد حتى من الأموال الإيرانية الموجودة في مختلف دول العالم".
واتجهت واشنطن نحو تضييق الخناق على طهران مع تكشف المزيد من الشركات الوهمية وطرق التحايل والكيانات التي زرعتها في المنطقة على مدى سنوات، خاصة في العراق.
وقد فرضت الخزانة الأميركية، في أبريل/ نيسان الماضي الماضية، عقوبات على 20 كيانا عراقيا وإيرانيا يقدمون الدعم لصالح قوات فيلق القدس، إلى جانب نقل المساعدات إلى الميليشيات العراقية الموالية لإيران مثل كتائب حزب الله العراقي، وعصائب أهل الحق وغيرها.
كوريا الجنوبية
وأدى نقص موارد النقد الأجنبي في إيران إلى سعي إيران بشدة للحصول على أموالها المحجوبة في دول أخرى مثل العراق وكوريا الجنوبية.
وتم تجميد 7 مليارات دولار من عائدات النفط الإيراني بسبب العقوبات الأميركية في البنوك الكورية الجنوبية، والتي تسببت في بعض الحالات في توترات لفظية بين البلدين.
وكان عبد الناصر همتي محافظ البنك المركزي الإيراني، قد قال في وقت سابق، إن أنباء خطة إدارة ترمب لفرض عقوبات على البنوك كان لها "تأثير نفسي" على سوق الصرف الأجنبي الإيراني.
لكن قيام وزارة الخزانة الأميركية بإدراج 18 مصرفاً إيرانياً في القائمة السوداء كانت معفاة سابقاً من بعض القيود الأميركية، أدى إلى انهيار العملة واستمرار سقوطها الحر.
وكانت صحيفة "دنياي اقتصاد" ( عالم الاقتصاد) الإيرانية، ذكرت في تقرير لها الأحد، أن وضع السوق الحالي بأنه نتيجة "الانفعال" إزاء العقوبات الأميركية الجديدة، قائلة إن "القلق من المستقبل دفع الكثير من الناس إلى دخول سوق العملات والذهب، وهناك خشية من استمرار ارتفاع أسعار الصرف".
في حين تركت العقوبات الأميركية الجديدة تأثيرا فوريا وبعيد المدى على سوق الصرف الأجنبي والاقتصاد الإيراني بشكل واضح، فقد وصف مسؤولو الحكومة الإيرانية مرارًا إجراءات الحكومة الأميركية بأنها "دعاية انتخابية".
وقال رئيس المجلس الاستراتيجي الإيراني للعلاقات الخارجية كمال خرازي، يوم الأحد، حول ضغوط العقوبات على الشعب الإيراني، إن "هناك ارتفاعا للأسعار، هذا صحيح، لكن شعبنا سيتحمل الضغوط الاقتصادية"، حسب تعبيره.
بدوره، أعلن البنك المركزي الإيراني أنه سيضخ 50 مليون دولار يوميا في السوق لمنع استمرار انهيار الريال، بدءا من يوم الاثنين.