في أول جلسة محاكمة، السبت، حملت عائلة عبدالله الأغبري، حزنها إلى قاعة كبرى في العاصمة اليمنية صنعاء، لم تتسع للراغبين بحضور الجلسة المنعقدة تحت إجراءات أمن مشددة، بعيدا عن وسائل الإعلام.
ورفضت المحكمة الطلب المقدم من محامي أولياء الدم، وضاح قطيش، بالسماح للصحافيين بحضور جلسات المحاكمة.
ووجهت النيابة العامة تهمة القتل العمد لخمسة متهمين، بينما اتهمت ثلاثة آخرين بينهم اثنان فاران من وجه العدالة "بتضليل القضاء وإخفاء معلومات، وأدوات الجريمة"، بحسب ما ذكرته منصة "يمن فيوتشر" الإعلامية.
هذا وكشف تقرير الطبيب الشرعي عددا صادما من آثار التعذيب الوحشي الذي تعرض له الأغبري، بينها "573 جلدة بالأسلاك، و187 صفعة، و88 لكمة"، كما أضيف في قرار اتهام النيابة أن الخمسة المتهمين انهالوا عليه عدوانا بوسائل وحشية مباشرة، بمختلف أنواع التعذيب ركلا وضربا وزبطا، كانت كافية لإزهاق روحه".
وطالبت النيابة بإعدام المتهمين تعزيرا ومحاكمة السادس لينال جزاءه بموجب القانون، وأيضاً محاكمة المتهمين السابع والثامن غيابيا.
وقال محامي عائلة الأغبري، وضاح قطيش، إن المحكمة استمعت لأقوال المتهمين كل على حدة، في مداولات استمرت منذ الساعة الثامنة صباحا، حتى الثالثة عصرا، خلال جلسة استماع قد تكون الأطول بتاريخ البلاد، وفق محامي أولياء الدم.
وقال قطيش، إنه "سجل طلب تصد لبقية المتهمين الذين لم يشملهم قرار الاتهام"، وفق منصة "يمن فيوتشر".
كما قررت المحكمة منح صورة ملف القضية لجميع الأطراف، كما وجهت النيابة بإحضار كامل الأدلة المحرزة، والسماح لمحامي المتهمين بلقائهم في السجن المركزي.
وطلبت المحكمة من نقابة المحامين تقديم عون قضائي للمتهمين الذين لم يستطيعوا تكليف محامين للجلسة القادمة المقررة الأربعاء المقبل.
وكان الشاب عبدالله الأغبري لقي حتفه في 26 أغسطس الماضي على يد عدة أشخاص في صنعاء الخاضعة تحت سيطرة ميليشيات الحوثي، أثناء جلسة تعذيب استمرت 6 ساعات، في جريمة لاقت استنكارا واسعا بعد تسريب مقاطع فيديو وصور عن هذه الجريمة التي لا يزال الغموض يشوب تفاصيلها.
وتحولت الجريمة إلى قضية رأي عام، وسط مطالبات حقوقية وشعبية بالقصاص من المنتهكين وإدانة الجريمة مجتمعيا، تجنبا لتزايد مؤشر الجريمة بين أوساط المجتمع.
وشهدت العاصمة اليمنية صنعاء حينها، تظاهرات جماهيرية حاشدة للمطالبة بسرعة القصاص من القتلة المجرمين، والكشف عن الدوافع الحقيقية لارتكاب الجريمة ومن يقفون خلفها.
وأثارت ردود الفعل حالة من الخوف في أوساط ميليشيات الحوثي واعتبر حقوقيون أن المقطع صورة لحوادث تجري في سجون الجماعة بعيداً عن العدسات.
كما أصدرت الميليشيات توجيهات بمنع أي تظاهرات أخرى ونفذت حملة اختطافات عقب المظاهرة الحاشدة في صنعاء شملت 30 مدنيا، وداهمت عدداً من المطابع، وصادرت الآلاف من اللافتات التي طبعت شعارات للمسيرة الجماهيرية.
وأشار مراقبون إلى أن الخوف والهلع الذي أصاب ميليشيات الحوثي جراء المظاهرات التي خرجت في قضية الأغبري والحملة الإعلامية التي شنت ضدها قدمت دليلا على مدى الخوف الذي تعيشه الميليشيات من الناس وتخوفها أكثر من إتاحة أي مجال لحرية الناس للتعبير عن آرائهم ومواقفهم تجاه أي قضية - حتى ولو كانت جنائية - خوفاً من أن يتحول ذلك إلى فرصة للناس لإظهار غضبهم ورفضهم لحكم الميليشيات لهم بالقوة والقهر والقمع وتشكل حركة شعبية ضدهم.