عادةً ما تكون المرحلة الأخيرة من الحملة الرئاسية عبارة عن مزيج متواصل من السفر والتصريحات والسهر والكافيين والأدرينالين إلا أن المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن يتخذ نهجًا أقل نشاطا متذرعا بفيروس كورونا على عكس الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
ومنذ اختياره في 11 أغسطس للسناتور كامالا هاريس كنائبة له، غاب بايدن 22 يومًا حيث إما لم يظهر علنًا أو عقد جمع تبرعات عن بعد فقط أو غادر من منزله في ديلاوير للكنيسة فقط، وفقًا لوكالة "أسوشييتد برس"، حيث قام بـ 12 زيارة خارج ولاية ديلاوير خلال تلك الفترة، بما في ذلك يوم الجمعة عندما ذهب إلى واشنطن وقدم التعازي للقاضية الراحلة روث بادر جينسبيرغ.
وخلال نفس الفترة أجرى الرئيس دونالد ترمب 24 رحلة نقلته إلى 17 ولاية مختلفة، دون احتساب زيارته الشخصية لنيويورك لرؤية شقيقه المريض في المستشفى أو نزهات الغولف في عطلة نهاية الأسبوع وكان يضرب بقوة في فلوريدا وجورجيا وفرجينيا وواشنطن العاصمة يوم الجمعة وحده!
ومع ذلك، يصر مساعدو بايدن على أن نهجه مقصود، ويظهر احترامه لإرشادات الصحة العامة التي تهدف إلى منع انتشار فيروس كورونا وتقديم تناقض مسؤول مع ترمب، الذي استأنف مسيرات حملته على نطاق واسع.
لكن الديموقراطيين لا يتفقون مع هذا النهج، ويقول بعض الديمقراطيين إنه من المهم أن يبث بايدن في حملته مزيدا من الطاقة. وقال رئيس الحزب الديمقراطي في تكساس، جيلبرتو هينوجوسا، إن عدم السفر بسبب الوباء كان "عذرًا ضعيفًا للغاية.. اعتقد أن لديه طائرته الخاصة. ليس عليه أن يجلس مع مسافة واحدة بين شخص آخر على شركة طيران تجارية مثلما أفعل".
سيناريو 2016 قد يتكرر
وكان السباق بين بايدن وترمب ظل ثابتًا بشكل عام لعدة أشهر. وحافظ بايدن على تقدم مريح في معظم استطلاعات الرأي الوطنية لكن ترمب بدأ يقلص الفارق في إستطلاعات الرأي وبات متقدما في فلوريدا الهامة جدا وأريزونا.
أكثر من ذلك، يتزايد القلق الديموقراطي من إستطلاعات الرأي، حيث أظهرت معظم استطلاعات الرأي التي كشفت عن وجود تنافس أو حتى تقدم للديموقراطيين في الولايات الجمهورية تقليديًا أنها مؤشرات خاطئة للديمقراطيين في عام 2016.
وبعد أربع سنوات، يواجه بايدن أسئلة ملحة حول ما إذا كانت حملته تنظم وتتواصل مع الناخبين. فعندما زار شارلوت بولاية نورث كارولينا يوم الأربعاء لحضور قمة اقتصادية للسود، قالت كوليت ألستون، رئيسة التجمع المحلي الديموقراطي للأميركيين من أصل إفريقي، إنها اكتشفت ذلك قبل يوم واحد فقط - عندما شاهدته على التلفزيون.
وحضر الحدث 16 شخصًا فقط، وحذرت ألستون من أن بايدن لا يصل إلى السكان المحليين الذين تعتقد أنه بحاجة إليهم: "الأشخاص الذين يقولون لا أهتم لوا أريد حقًا التصويت". وأضافت "أعتقد أنه يستطيع الفوز بولاية نورث كارولينا لكن هل يمكنه الفوز بها بناءً على ما يفعله الآن؟ لا، هذه ليست الطريقة للفوز بها".
غياب الرسائل
وبالإضافة إلى السفر أكثر، حث بعض الديمقراطيين بايدن على توسيع رسالته، فبينما ألقى خطابات منفصلة حول قضايا مثل إصلاح العدالة الجنائية، وتغير المناخ، وشغور المحكمة العليا، يتجاهل بايدن هذه القضايا إلى حد كبير خلال حملته. وعندما يظهر أمام الناخبين، فإنه يركز بشكل عام على الفيروس وسوء إدارة ترمب له.
وقال ديفيد أكسلرود، الخبير الاستراتيجي والمستشار السابق للرئيس باراك أوباما، إن حملة بايدن "حكيمة" للتركيز على الوباء لأنها "ربطة حول عنق الرئيس". لكنه قال إنها ستكون "فرصة ضائعة" لبايدن إذا لم يتحدث أكثر عن المضي قدمًا في المحكمة العليا، خاصة التأثير الذي يمكن أن يكون لها على قانون الرعاية الصحية.
وأضاف أكسلرود: "إن مستقبل قانون الرعاية بأسعار معقولة وخاصة مستقبل الحماية للأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية مسبقًا هو قضية مهمة للغاية، وهو ما دفع الديمقراطيين للفوز بمجلس النواب في عام 2018".
وقال جيم كيسلر، نائب الرئيس التنفيذي للمجموعة الديمقراطية المعتدلة: "في كل مرة يظهر فيها ترمب ويكون لديه حشد من دون قناع ويقول إن هذا الشيء مبالغ فيه، فإن الديمقراطيين يربحون معركة كوفيد-19".
كما يجادل موظفو حملة بايدن على أنه يحافظ على جدول زمني قوي حتى عندما لا يسافر، ويقوم بالعديد من الأحداث عبر الإنترنت. وأصبحت حملته قوة لجمع التبرعات من خلال الأحداث الافتراضية إلى حد كبير. لقد جمع 364 مليون دولار في أغسطس، مما سمح له باغراق الإذاعات والتلفزيونات في جميع أنحاء البلاد بالاعلانات وتجاوز إنفاق ترمب.
لكن ترمب يرى أن التناقض في السفر فرصة للقول إنه رغم جدوله المزدحم يظهر أنه يتفوق على بايدن في أنشطته الانتخابية. وهاجم الرئيس حملة بايدن الخميس قائلا إنه لن يكون لديه أي أحداث عامة لهذا اليوم.
وقال ترمب: "هل رأيتم أنه قام بغطاء هذا الصباح مرة أخرى؟" في إشارة إلى إعتماده على الإعلانات بدلا من مقابلة الجمهور . وأضاف ترمب في تجمع حاشد في فلوريدا "الغطاء هو عندما لن تقوم بحملتك اليوم. لذلك فهو يقوم بغطاء طوال الوقت. وقارن ترمب بينه وبين بايدن "أنا في تكساس. أنا في أوهايو. أنا في نورث كارولينا، وساوث كارولينا. أنا في ميشيغان. أنا في كل مكان".
إستعداد للمناظرة
وأمضى بايدن الخميس في الاستعداد لأول مناظرة ضد ترمب الأسبوع المقبل. بينما كان ترمب يجري سلسلة من الحملات الانتخابية يوم الجمعة، بدءًا بمسيرة جماهيرية للمشجعين اللاتينيين في ناديه للغولف في دورال بولاية فلوريدا حيث أمضى الليلة التي أعقبت حدث جاكسونفيل هناك. وحضر ترمب أيضًا في حدثً للتمكين الاقتصادي للسود في أتلانتا، ثم عاد إلى واشنطن لحضور مائدة مستديرة في فندق ترمب الدولي. بدلاً من العودة إلى البيت الأبيض، إتجه بعد ذلك إلى نيوبورت نيوز بولاية فرجينيا لإلقاء خطاب مسائي. بينما لم يقض بايدن الليلة في أي مكان أثناء حملته الانتخابية، حيث عاد إلى ديلاوير للنوم في المنزل كما يفعل كل ليلة.
النهج الحذر الذي يشتهر به بايدن لا تشاركه زوجة بايدن جيل فيه، فهي كانت في واشنطن مع زوجها صباح الجمعة ولكنها سافرت بعد ذلك إلى ولاية مين، بعد توقف حملتها أربع مرات في فرجينيا في اليوم السابق. كما أنها ذاهبة إلى ولاية أيوا، السبت، وهي ولاية أخرى لم يزرها زوجها بعد في الأشهر الأخيرة.