وقد أدرك الملك عبدالعزيز بحنكته أن التلاحم والتواصل بين القيادة والشعب وسياسة الباب المفتوح هما من أفضل السبل وأنجعها لخدمة الوطن والمواطنين ولتقدم البلاد ورقيها، ففي الحفل الذي أقامه الملك عبدالعزيز في جده في الخامس والعشرين من محرم عام 1355هـ الموافق السابع عشر من أبريل 1946م بمناسبة انتهاء موسم الحج وقرب سفره إلى الرياض، قال رحمه الله: "المقصد من اجتماعنا الليلة أن نتناصح ونتعاضد ويطلع كل منا على ما عند الآخر من جهة ومن جهة أخرى لنودعكم لأننا على جناح سفر وسنغادر هذا البلد قريبًا وإنه ليُعزّ علينا مغادرته ولكن المصلحة تقضي بهذه التنقلات ثم هناك مسألة أحب أن أشرحها لكم لأن في نفسي منها شيئًا ... أنا لا أحب أن أشق على الناس ولكن الواجب يقضي بأن أصارحكم.. إننا في أشد الحاجة إلى الاجتماع والاتصال بكم لتكونوا على علم تام بما عندنا ونكون على علم تام بما عندكم، وأود أن يكون هذا الاتصال مباشرة وفي مجلسي لتحملوا إلينا مطالب شعبنا ورغباته وتحملوا إلى الشعب أعمالنا ونوايانا.. إنني أود أن يكون اتصالي بالشعب وثيقاً دائما لأن هذا أدعى لتنفيذ رغبات الشعب.. لذلك سيكون مجلسي مفتوحا لحضور من يريد الحضور". واستمرارا على نهجه الكريم في توجيه النصح للرعية وشرح مالها وما عليها قال -رحمه الله- في الخطاب الذي ألقاه في الحفل التكريمي الذي أقيم على شرفه بمناسبة سفره إلى الرياض في الثاني من صفر 1355هـ الموافق للرابع والعشرين من أبريل 1936م: "إنّ على الشعب واجبات وعلى ولاة الأمر واجبات.. أما واجبات الشعب فهي الاستقامة ومراعاة ما يرضي الله ورسوله ويصلح حالهم والتآلف والتآزر مع حكومتهم للعمل فيما فيه رقي بلادهم وأمتهم ... إن خدمة الشعب واجبة علينا لهذا فنحن نخدمه بعيوننا وقلوبنا ونرى أن من لا يخدم شعبه ويخلص له فهو ناقص". ومن ذات المنطلق الذي أدار به الملك عبدالعزيز شؤون بلاده ومواطنيه بنى رحمه الله علاقات بلاده مع أشقائها العرب والمسلمين وأقام علاقات قوية مع المجتمع الدولي. وكان صريحًا في تعامله مع القضايا التي تهم أمته على الصُّعُد كافة وقد أثبتت الأحداث المتعاقبة حتى يومنا هذا رؤيته الصائبة ونهجه الصحيح في أقواله وأفعاله فكانت تلك الرؤية وذلك النهج القاعدة والأساس القويم الذي تسير عليها المملكة في جميع تعاملها داخليًا وخارجيًا. ورحل والدنا الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بعد أن أرسى منهجًا قويمًا سار عليه أبناؤه من بعده لتكتمل أطر الأمن والسلام وفق المنهج والهدف نفسه. وكان الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - أول السائرين على ذلك المنهج والعاملين في إطاره حتى برزت ملامح التقدم واكتملت هياكل عدد من المؤسسات والأجهزة الأساسية في الدولة. وجاء من بعده رائد التضامن الإسلامي الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - فتتابعت المنجزات الخيّرة وتوالت العطاءات وبدأت المملكة في عهده تنفيذ الخطط الخمسية الطموحة للتنمية. // يتبع //09:33ت م 0031