رسم المرشحان للرئاسة الاميركية مرة أخرى صورة متناقضة لشخصيهما وحملتهما الانتخابية يوم الاثنين، فقد توجّه المرشح الديموقراطي جو بايدن الى ولاية ويسكونسن، وألقى خطاباً في منطقة تحوّلت للتصويت الى دونالد ترمب في الدورة الماضية وقبله ميت رومني في العام 2012.
بايدن كان يرتدي الكمامة، وتحدّث في خطابه عن انه يشعر بآلام الناخبين وهو واحد منهم، وانتقد سياسات الرئيس الاميركي في الخفض الضريبي والتجارة، وانتقد اداء الرئيس الاميركي خلال ازمة كورونا، لكنه لم يتحدّث عن ترشيح وتعيين قاض جديد في المحكمة العليا خلفاً للقاضية روث بايدر غينزبرغ.
الجماهير عند ترمب
انتهى خطاب بايدن بعد نصف ساعة تقريبا بدون تصفيق ولا حماس جماهيري، لأن المرشح الديموقراطي يرفض مع حملته تعريض سلامة المؤيدين للخطر، ويتمسك بايدن ايضاً بتقدّمه في استطلاعات الرأي وهو يحظى الآن بـ 48 % مقابل 41 % لمنافسه الجمهوري، فيما يبقى 7 % من الاميركيين من المترددين بحسب آخر استطلاع رأي جرى خلال نهاية الاسبوع.
ترمب شغل الاعلام منذ الإثنين، عندما قال انه سيعلن اسم "قاضية" لعضوية المحكمة العليا، ثم وقّع أمراً تنفيذياً لفرض عقوبات إضافية على ايران، وبعد الظهر توجّه بالطائرة الى مدينة دايتون بولاية اوهايو، وألقى خطاباً جماهيرياً حضره الآلاف، ثم توجّه الى مطار توليدو بالولاية ذاتها، وألقى خطاباً امام حشد لا يقلّ عدداً ولا حماساً.
من الملاحظ ان الجمهور الذي جلس خلف الرئيس الاميركي، وظهر واضحاً على الكاميرات، كان يحمل لافتات كتب عليها: "املأ المقعد" في دعوة واضحة الى الرئيس باستكمال اجراءات تعيين قاض جديد في المحكمة العليا.
الرئيس الاميركي خصص وقتاً كافياً وفي بداية خطابه للتحدّث عن هذه القضية وقال لجمهوره، فيما الجمهور يردد "املأ المقعد"، انه سيرشّح اسماً بنهاية الاسبوع، وستكون سيدة، وذكر ان اعضاء المحكمة العليا "يحدّدون مسار البلاد لسنوات طويلة بشأن قضايا الحياة او التعديل الدستوري الثاني"
ويقصد الرئيس الاميركي هنا ان مسألة الاجهاض في الولايات المتحدة هي قضية مطروحة على المحاكم الاميركية، ويأمل الكثيرون من معارضي الاجهاض ان يصل الوقت، وتصبح أكثرية القضاة في المحكمة العليا من "مؤيدي الحياة" ويُسقطون القرار القديم الذي سمح بالاجهاض.
يعتبر الرئيس الاميركي الآن ان ترشيح وتنصيب عضو جديد للمحكمة العليا مسألة مهمة جداً، اولاً لأنه "محظوظ"، كما قال، في اختيار مرشح، ويحدث الآن انه يختار ثلاثة قضاة في ولاية واحدة.
ويشعر الجمهوريون ثانياً ان امامهم فرصة ذهبية ولا تعوّض لكسب مقعد "محافظ" في المحكمة العليا، وسيطبع هذا المقعد هوية المحكمة وتوجهاتها في تفسير الدستور الاميركي لسنوات طويلة.
ومن اللافت جداً للانتباه ان مسألة تعيين القضاة خصوصاً في المحكمة العليا مسألة على أهمية عالية لدى الناخبين الاميركيين، وقد أشار أستطلاع للرأي اجرته "مؤسسة بيو" الشهر الماضي إلى ان الاميركيين بنسبة 64 % يعتبرون ان اختيار قضاة المحكمة العليا مهم وهذا يأتي مباشرة بعد الاوضاع الاقتصادية وشؤون الضمان الصحي.
من المنتظر ان تظهر خلال الايام المقبلة تفاصيل أكثر عن ترشيح "قاضية" للمحكمة العليا، فيما يواجه الرئيس الاميركي معارضة محدودة من قبل عضوتين في مجلس الشيوخ الاميركي ومعارضة "شرسة" من قبل الديموقراطيين الذين يعتبرون ان على الرئيس الاميركي الامتناع عن ترشيح أحد بانتظار نتائج الانتخابات الرئاسية.
الجمهوريون يرون، من جهتهم، ان لديهم فرصة لن تتكرر، وهي أن الرئيس الاميركي جمهوري، كما ان الاغلبية في مجلس الشيوخ الاميركية جمهورية، ويستطيع الطرفان التوافق على ترشيح وتثبيت عضوة في المحكمة العليا تضمن "وجهة" الحياة الاميركية لعقود مقبلة وبصرف النظر عن ما يحدث في الانتخابات بما في ذلك خسارة ترمب للبيت الابيض او خسارة الجمهوريين للأكثرية في مجلس الشيوخ.