دعا رئيس الحكومة المكلف، مصطفى أديب، الاثنين، الأطراف السياسية اللبنانية إلى تسهيل تشكيل الحكومة التي كان من المفترض الإعلان عنها قبل أسبوع، فيما لا تلوح في الأفق حلول لتبديد العراقيل أمام ولادتها.
ولا يزال الثنائي "أمل" و"حزب الله" متشبّثان بمطالبهما بشأن الحكومة التي تعطل تشكيل حكومة إنقاذية، إذ نقلت مصادر مطلعة على لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون برئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد تمسك عون بمبدأ المداورة الشاملة في الحقائب.
واقترح عون أن يسمي هو وزيراً مسيحياً لحقيبة المال يضمنه شخصياً، لكن مقترحه قوبل بالرفض من ميليشيا حزب الله، وفق مصادر لصحيفة "نداء الوطن"، وقالت إن الحديث انتهى بقول الميليشيا إن وزير المال يجب أن يكون من طائفتها.
وأضافت أن مصادر دبلوماسية قالت إن الفرنسيين باتوا يميلون إلى التعامل معه باعتباره مطلباً غير ميثاقي لا سيما في ضوء رفض مختلف المكونات اللبنانية له. وتوقعت المصادر ذاتها أنّ مغادرة السفير الفرنسي برنار فوشيه بيروت السبت الماضي بعد انتهاء مهامه ستؤثر على مشهد التواصل الفرنسي المباشر مع ميليشيا حزب الله، خاصة أن السفيرة التي ستخلف فوشيه لا يعرف بعد نهجها في التعاطي مع حزب الله، الذي كان مرتاحا للسفير المنتهية ولايته.
لا حلول في الأفق
وكانت القوى السياسية، تعهدت وفق ما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ختام زيارته إلى بيروت مطلع الشهر الحالي، بتشكيل "حكومة بمهمة محددة" مؤلفة "من مجموعة مستقلة" وتحظى بدعم كافة الأطراف السياسية في مهلة أقصاها أسبوعان.
لكن مساعي التشكيل تراوح مكانها مع إصرار الثنائي الشيعي ممثلاً بحزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، وحليفته حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، على تسمية وزرائهم والتمسّك بحقيبة المالية، الأمر الذي تعارضه أطراف أخرى، أبرزها زعيم تيار المستقبل سعد الحريري.
وقال أديب في بيان الاثنين إن "أوجاع اللبنانيين (...) تستوجب تعاون جميع الأطراف من أجل تسهيل تشكيل حكومة مهمة محددة البرنامج سبق أن تعهدت الأطراف بدعمها". وشدد على أن لبنان "لا يملك ترف إهدار الوقت".
ويطمح أديب إلى تشكيل حكومة اختصاصيين هدفها وقف الانهيار الاقتصادي المتسارع الذي يشهده لبنان منذ عام. ودعا أديب كافة الأطراف إلى "العمل على إنجاح المبادرة الفرنسية فوراً ومن دون إبطاء، والتي تفتح أمام لبنان طريق الإنقاذ ووقف التدهور السريع"، معتبراً أن "أي تأخير إضافي يفاقم الأزمة ويعمّقها".
وأكد أنه سيواصل العمل من أجل تشكيل الحكومة، بعد تقارير إعلامية تحدثت عن احتمال تخليه عن هذه المهمة الصعبة.
وتمارس فرنسا ضغوطاً منذ انفجار المرفأ المروّع في 4 آب/أغسطس على القوى السياسية لتشكيل حكومة تنكب على إجراء إصلاحات عاجلة مقابل حصولها على دعم مالي دولي لانتشال البلاد من أزمتها.
عرقلة التأليف توتر علاقة المرجعيات الدينية
إلا أن الثنائي الشيعي يبدو متمسكاً بحقيبة المالية، ويقول مراقبون إن العقوبات الأميركية الأخيرة على وزيرين سابقين، بينهما المعاون السياسي لبري وزير المالية السابق علي حسن خليل ثم على شركتين قالت واشنطن إنهما مملوكتان لحزب الله، زادت من إصرار الثنائي.
وتعارض أطراف سياسية المطلب مصرة على مبدأ المداورة، أي عدم احتفاظ أي جهة بحقيبة معينة.
وقال الحريري، الزعيم السني الأبرز في لبنان، الأسبوع الماضي إن وزارة المالية "ليست حقاً حصرياً لأي طائفة"، معتبراً أن رفض المداورة "انتهاك موصوف بحق الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان".
وانتقد البطريرك الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، الأحد، المطلب أيضاً، متسائلاً "بأي صفة تطالب طائفة بوزارة معينة كأنها ملك لها، وتعطل تأليف الحكومة، حتى الحصول على مبتغاها؟".
وبدوره، استنكر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، المرجعية الشيعية الأعلى في لبنان، "ما صدر عن مرجعية دينية كبيرة بحق الطائفة الإسلامية الشيعية ولما انحدر إليه الخطاب من تحريض طائفي يثير النعرات".