أصبحت العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حالة طوارئ فرضتها الميليشيات خشية اتساع التظاهرات المطالبة بالعدالة من قَتلة عبدالله الأغبري، الذي قتل منذ أسبوعين بصنعاء في واحدة من أسوأ عمليات التعذيب الجسدي، وفي جريمة مروعة هزت الرأي العام اليمني.
وكشفت وثيقة صادرة عن ميليشيات الحوثي بمنع أي مظاهرات جديدة، بعد أن أثارت التظاهرات الجماهيرية الحاشدة مخاوف الحوثيين من تحولها لحركات احتجاجية مناهضة لسلطتها.
وعقب المظاهرة الحاشدة التي انطلقت من ميدان السبعين مرورا بشارع التحرير وصولا إلى شارع القيادة حيث المحلات التي شهدت جريمة تعذيب وقتل الشاب الأغبري، والتي رفعت فيها شعارات كثيرة منها "الشعب يطالب بإعدام السفاح"، ثارت ثائرة المليشيات الحوثية وقياداتها وإعلامييها ونشطائها الذين سارعوا إلى مهاجمة المظاهرات التي خرجت والداعين والمشاركين فيها.
حملة اعتقالات
ونفذت الميليشيات حملة خطف واعتقالات عقب المظاهرة شملت 30 مدنيا، وداهمت عددا من المطابع، وصادرت الآلاف من اللافتات التي طبعت شعارات للمسيرة الجماهيرية، بحسب الشبكة اليمنية للحقوق والحريات.
"خمسة ذئاب بشرية"
وفي تعليقه على هذه التوجيهات الحوثية، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني مساء أمس الأربعاء، إن قيام ميليشيات الحوثي المدعومة من ايران بمنع تنظيم التظاهرات المطالبة بمحاسبة قتلة الشاب الاغبري على يد خمسة من الذئاب البشرية بينهم ضابط في الأمن الوقائي "التابع للميليشيات" واعتقال 30 مشاركا في الاحتجاجات الشعبية، يؤكد مساعيها لدفن القضية والتغطية على المتورطين فيها".
وأكد الإرياني في تغريدات على صفحته بموقع تويتر، أن هذه الاجراءات تندرج ضمن سياسات ميليشيات الحوثي القمعية بحق المواطنين القاطنين في مناطق سيطرتها والمستوحاة من أساليب الحرس الثوري الايراني في قمع الاحتجاجات الشعبية، وتكشف عن مدى القلق الحوثي من تصاعد الغضب الشعبي جراء ممارساتها الارهابية وتطورها الى ثورة عارمة تطيح بها.
كما حذر من استمرار هذه الاجراءات القمعية بحق المواطنين في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي، داعيا للإفراج الفوري عن المعتقلين على ذمة الاحتجاجات.
إلى ذلك، طالب المجتمع الدولي والمبعوث الخاص لليمن مارتن غريفثس بتحمل مسئولياتهم الإنسانية في حماية المدنيين ووقف آلة الإرهاب الحوثية المدعومة من ايران.
وكان الشاب الأغبري لقي حتفه في 26 أغسطس الماضي على يد "عصابة" مكونة من عدة أشخاص، أثناء جلسة تعذيب استمرت 6 ساعات، في جريمة لاقت أصداء واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تسريب مقاطع فيديو وصور عن هذه الجريمة التي ما يزال الغموض يشوب تفاصيلها.
وتحولت الجريمة إلى قضية رأي عام، وسط مطالبات حقوقية وشعبية بالقصاص من المنتهكين وإدانة الجريمة مجتمعيا تجنبا لتزايد مؤشر الجريمة بين اوساط المجتمع.
وتحاول ميليشيات الحوثي إخفاء الجرائم التي يرتكبها عناصرها وقياداتها في صنعاء والمحافظات التي تسيطر عليها، إلا أن التسريبات التي تظهر بين الحين والآخر تدل على الفوضى الأمنية وازدهار العصابات الإجرامية، رغم احترازات الميليشيات بعدم وصول الجرائم إلى وسائل الإعلام، وعدسات الراصدين.