بدت استقالة السفير الأميركي إلى الصين وكأنها لغز، خصوصاً أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو غرّد حول هذه القضية من دون الكثير من التفاصيل.
لكن الساعات الماضية كشفت عن أن السفير الحالي "تيري براندستاد" وكان حاكماً لولاية ايوا الأميركية يترك منصبه في العاصمة الصينية ليشارك في الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي دونالد ترمب.
الرئيس الأميركي كان أول من كشف عن ذلك في اتصال هاتفي مع عضو مجلس الشيوخ من ايوا "جوني ارنست" يوم السبت الماضي، ويبدو أنها بحسب الصحافة المحلية مع مجموعة من الناخبين قد وضعت الرئيس ترمب على مكبّر الصوت من هاتفها، وسأل الرئيس الأميركي عن "اريك برانستاد" مدير حملته في الولاية، ثم اشار ترمب إلى أن والد اريك، اي السفير الاميركي في بكين سيترك منصبه ويعود الى الولايات المتحدة للمشاركة في الحملة الانتخابية.
توتر مع الصين
عزت الكثير من التقديرات الصحافية استقالة براندستاد الى التوتر بين الصين والولايات المتحدة خلال الأسابيع الماضية بسبب عمليات التجسس العلمي التي تقوم بها الصين على الولايات المتحدة، وفرض الولايات المتحدة قيوداً على الدبلوماسيين الصينيين في الولايات المتحدة، وتوجيه الاتهامات لبعض الاميركيين بالتجسس لحساب الصين او بالعمل في مشاريعها من دون الابلاغ عن ذلك.
بدأ التوتر يتصاعد بين الولايات المتحدة والصين بسبب فيروس كورونا، ويسمّيه الرئيس الأميركي الفيروس الصيني، ويتهم الصين مباشرة بالتقاعس عن اتخاذ الاجراءات الضرورية لمنع وصوله الى الولايات المتحدة، ويربط الرئيس الاميركي ذلك بموت قرابة 200 الف شخص واصابة قرابة 7 ملايين، بالاضافة الى اصابة الاقتصاد الاميركي بهزة عنيفة وفقدان أكثر من 20 مليون اميركي لأعمالهم ومدخولهم خلال انتشار الجائحة.
صوت براندستاد
سيكون السفير براندستاد أفضل متحدّث باسم حملة ترمب عن العلاقات مع الصين ويستطيع الترويج لاستفادة المزارعين الأميركيين من "المرحلة الاولى من الاتفاق التجاري" بين الولايات المتحدة والصين، وفي تغريدته عن الاستقالة قال السفير الاميركي انه فخور بعمله "وبتحقيق نتائج ملموسة للناس في الوطن".
فالحاكم السابق لولاية ايوا يتحدّث عن أن الرئيس الأميركي ضمن خلال هذا الاتفاق أن تشتري الصين منتوجات زراعية أميركية بقيمة 32 مليار دولار خلال العامين 2020 و 2021 اضافة الى الكمية المعروفة وتصل قيمتها في العامين الى 43 مليار دولار.
هذا انجاز كبير للرئيس الاميركي دونالد ترمب ولسفيره براندستاد حاكم الولاية السابق، وهي ولاية مشهورة بمنتجاتها الزراعية ويعتبر المزارعون فيها انهم يستفيدون جداً من هذا الاتفاق التجاري الذي ضمن تسويق منتجاتهم لسنتين مقبلتين وبكميات أكبر.
ايوا المتأرجحة
بالاضافة الى هذا، من الممكن اعتبار الولاية متأرجحة في الانتخابات الأميركية، فالرئيس الاميركي فاز فيها ضد هيلاري كلينتون العام 2016 لكنه يتقوّق على جو بايدن هذه السنة وبحسب آخر الاستطلاعات بـ 2 % فقط، ويحتاج لكل دعم لضمان فوزه فيها، وسيكون الحاكم السابق للولاية صوتاً مساعداً مع الناخبين، ليس المزارعين فقط بل ايضاً الناخبين الذين يعانون من انتشار "وباء المخدرات".
فقد توفي 46 ألف شخص في الولايات المتحدة العام 2018 بسبب استعمالهم العقاقير ومشتقات الهيرويين، ومن بينهم 28 الف وفاة بسبب تناولهم مادة "الفنتالين"
تنتج الصين هذه المادة بالأطنان وتصدّرها الى الولايات المتحدة، ويقول بيان السفارة الأميركية في بكين إن السفير بارنستاد عمل مع السفارة على ضمان خفض الصين تصديرها من هذه المادة الى الولايات المتحدة ووضعها من ضمن خانة "المواد المراقبة".
نهاية مريرة
ربما تمنّى السفير بارنستاد ان تنتهي مهمته بأخبار جيدة مثل هذه، خصوصاً انه ذهب إلى بكين متسلّحاً بأن الرئيس الصيني شي جين بينغ كان صديقاً لولاية ايوا، فهو أمضى في العام 1985 اسبوعين في الولاية من ضمن زيارة لوفد صيني وللإطلاع على الانتاج الزراعي الأميركي، لكن العلاقات بين الرئيسين ترمب وشي وبين حاكم ايوا السابق والحكومة الصينية بعيدة تماماً عن التقارب القديم.