دخل تنظيم الإخوان في ليبيا في صراع مع رئيس حكومة الوفاق، فايز السراج، حول السيطرة على قطاع الإعلام الرسمي، على خلفية تعيين الكاتب الصحافي محمد بعيو على رأس المؤسسة الليبية للإعلام، ما أثار بلبلة وهلعا داخل الجماعة خوفاً من إعادة ترتيب وتنظيم المشهد الإعلامي الذي تبسط عليه سيطرتها منذ 2011، وتتخذّه أداة للدعاية لأجندتها السياسية والدينية.
والخميس الماضي، عيّن السراج بعيو في منصب رئيس المؤسسة الليبية للإعلام، لتكون من ضمن مهامه الإشراف على كل مؤسسات الإعلام المملوكة للدولة من قنوات وصحف ورقية ومحطات إذاعية ومواقع إلكترونية وعددها 16، من داخل العاصمة طرابلس.
ويعتبر بعيو الذي شغل سابقا منصب المستشار الإعلامي لمحافظ مصرف ليبيا الصديق الكبير، من أهم الشخصيات المناهضة لتنظيم الإخوان والمؤيدة للجيش لكنها محسوبة أيضا على نظام معمر القذافي، إذ شغل عدة مناصب في قطاع الصحافة في ظل النظام السابق، وعرف بتصريحاته الإعلامية الداعية لعدم التصالح مع الإخوان المسلمين.
فبمجرد أن أعلن هذا التعيين، انتفض الإخوان وأنصارهم والقنوات الموالية لهم ضد هذا القرار وتحرّكت صفحاتهم الممولة على مواقع التواصل الاجتماعي وشنّت هجوما شرسا ضد بعيو الذي وصفوه بـ"بوق القذافي وأحد أزلام الطاغية"، قبل أن تنتقل الجماعة إلى الميدان وتتحرك على الأرض، حيث نظمت قيادات من التنظيم، أمس الأحد، مظاهرة أمام مقرّ المجلس الرئاسي في طرابلس، لمطالبة السراج بإلغاء قرار التعيين وتحذيره من مغبّة عدم التراجع عنه.
"انقلاب"
في هذا السياق، انتقد القيادي في التنظيم سعد العبيدي قرار السراج، معتبراً أنه "انقلاب على ثورة فبراير".
بدوره، هاجم أشرف الشح المستشار السياسيّ السابق في "مجلس الدولة الاستشاريّ" السراج، قائلا إنه "سيغرق ليبيا والشعب، ولن يصدر عنه أيّ حلّ للأزمة الليبية".
واعتبر في تصريح إعلامي على قناة "ليبيا الأحرار" التي تبثُّ من تركيا، أنّ قرار تكليف محمد بعيو" إهانة ليس فقط للإعلاميين والمدونين، بل للمتلقّين كلّهم، ويعد صفعة لكل من دافع عن السراج وأدائه السيئ ".
" يقفل الشاشات ويخرس الإذاعات"
وقبل ذلك، هدّد إعلاميون ومدونون ليبيون موالون للإخوان بـ"عصيان مدني يقفل الشاشات ويخرس الإذاعات"، في حال عدم التراجع عن قرار التعيين.
وفي ليبيا، أصبحت وسائل الإعلام الرسمية، التي استغلَّت على مدى عقود كبوقٍ لنظام معمر القذافي، طرفا خاضعا عبر إدارته إلى سيطرة بعض الميليشيات المسلّحة المحسوبة على تنظيم الإخوان، تبثّ أجندته.
كما ساعدت، حسب الإعلامي الليبي شعبان بركة، إلى حدّ ما قيادات التنظيم في تكريس نفوذهم في مفاصل الدولة والاستمرار في السلطة.
لعل هذا ما يفسّر، بحسب المتحدث، سبب الهجمة الشرسة التي قادتها الجماعة وحلفاؤها ضد قرار تعيين بعيو، خاصة أنّه سيكون الجبهة الإعلامية للسراج ضدّ الإخوان.
وأضاف بركة في تصريح للعربية.نت، أن تنظيم الإخوان يخشى كذلك من فتح قطاع الإعلام وتفكيكه وبالتالي خروجه عن سيطرته بعد سنوات من التحكم فيه واستخدامه منصة للدعاية والتسويق لأجنداتهم وأفكارهم ومنبرا للتحريض على العنف والكراهية.
من جانبها، دافعت الكاتبة الصحافية سالمة المدني، عن تعيين بعيو، وأشادت بخبراته الإعلامية وكفاءته ومهنيته التي تؤهله للنجاح في هذا المنصب، دون الأخذ بعين الاعتبار ولاءاته وانتماءاته السياسية.
وقالت المدني عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك "إن الهجمة الإخوانية الشرسة ضده لا بد من التصدي لها لأنهم يريدون أذنابهم فىي المواقع القيادية"، مضيفة أن "بعيو لا يبتز ولا يساوم، يعرف قدرات فريق العمل ويعطى الخبز لخبازه".