"في بداية الحراك في لبنان كان هناك اتفاق ضمني بين الثوار على تحييد موضوع حزب الله وسلاحه"، إلا أن الوضع تغير كلياً خلال الأسابيع الماضية، هذا ما أكده أحد الناشطين اللبنانيين.
فقد أوضح فارس الحلبي، الناشط الذي ساهم منذ تشرين الأول/أكتوبر في تنظيم تظاهرات ضد الطبقة الحاكمة في لبنان، لوكالة فرانس برس هذا الواقع، قائلاً "في البداية، كان هناك اتفاق ضمني على تحييد موضوع حزب الله وسلاحه" الذي لطالما شكل عنواناً خلافياً في البلد. فأراد المحتجون تقديم مشهد عن الوحدة الوطنية والتركيز على ما يجمعهم، أي المطالبة بحلول للوضع الاقتصادي والمعيشي المزري ومحاسبة المسؤولين الفاسدين.
"كسر.. المحرمات"
وتابع: "لكن المشهد بدأ يتغير عندما تبين أن الحزب كان أول جهة انقضّت على الناس الذين كانوا يهتفون في الساحات "كلن يعني كلن"، ما ساهم في "كسر صورة وسطوة الحزب.. الذي طالته الشتائم ولم يعد هناك من محرّمات".
كما أضاف "حزب الله هو الحاكم الفعلي وكل شيء يحصل تحت نظره، والحاكم الفعلي هو دائماً من يتحمل المسؤولية عن أي نتائج سلبية تحدث".
ولعل في كلام الحلبي الكثر من الوقائع، فبعد أيام من انفجار المرفأ المروّع، الذي هز العاصمة في البرابع من أغسطس مخلفا أكثر من 180 قتيلا، علّق متظاهرون غاضبون من إهمال الطبقة السياسية وفسادها المشانق لمجسمات الزعماء، ولم يُستثن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، في مشهد لطالما كان في السابق يشعل "خلافات وتوترات" في البلاد.
إلى ذلك، أتى حكم المحكمة الدولية الخاصة في لبنان الذي أقر اتهام عضو من حزب الله في قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، ليزيد الطين بلة، فاتسعت دائرة الغضب الشعبي ضده.
محطات أثارت غضب اللبنانيين
على الرغم من تنامي الغضب بوجه الحزب المدعوم من إيران، يستبعد حتى الآن أقلها، خبراء وناشطون إضعاف سطوته، لا سيما في ظل احتفاظه بترسانة عسكرية ضخمة.
إلا أن الحزب ومنذ 7 أيار/مايو عام 2008 يوم انتشر عناصره في شوارع بيروت بالسلاح متوعدين كل من يمس بشبكة الاتصالات الخاصة به، بدأ يثير غضباً كثراً في لبنان.
كما أدت الحرب السورية وانخراطه عسكرياً فيها، إلى جانب النظام المكروه في لبنان عامة إثر سنوات من تواجده هناك، إلى رفع نسبة الغضب والانتقادات ضده.
منذ ذلك الحين، واصل حزب الله الذي يملك ترسانة عسكرية أكبر من الجيش، مراكمة خسارته شعبيا
سقوط حكومتين
وحين بدأت التظاهرات ضد الحكومة السابقة، قبل أشهر، شهدت ساحتا رياض الصلح والشهداء حيث يتجمع المتظاهرون في وسط العاصمة، مراراً توتراً ومواجهات جراء مهاجمة شبان موالين لحزب الله المتظاهرين وضربهم تدمير خيم اعتصامهم.
وكان حزب الله من أشد الممانعين لسقوط الحكومة آنذاك، لكنها استقالت تحت ضغط الاحتجاجات. وشُكِّلت حكومة جديدة بمباركة منه برئاسة حسان دياب لم تصمد بدورها إلا بضعة أشهر، فسقطت أيضا تحت ضغط الشارع بعد انفجار بيروت المروع الذي قتل 181 شخصاً وجرح أكثر من 6500، ودمّر مساحات واسعة من العاصمة.
وشكلت هذه الحوادث أيضاً، ضربة جديدة له في الشارع اللبناني، ورفعت من منسوب الغضب تجاهه أيضاً.