تصرّ تركيا منذ سنوات على التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط، الأمر الذي يثير غضب الاتحاد الأوروبي خاصة اليونان وقبرص، على اعتبار أن أنقرة تتحرك في منطقة بحرية خارج حدودها، ما يُنذر بحصول صدام أكبر من الذي جرى، يوم أمس الخميس، بين سفينة يونانية وأخرى تركية.
وتفاقمت الخلافات بشكلٍ أكبر بين أنقرة وأثينا ونيقوسيا بداية الأسبوع الحالي، بعد أن ساندت باريس العاصمتين الأوروبيتين دبلوماسياً، داعية أنقرة إلى ضرورة التوقف الفوري عن عمليات التنقيب التي بدأتها في البحر المتوسط يوم العاشر من آب/أغسطس الجاري.
وقال آيكان أردمير النائب السابق في البرلمان التركي لـ"العربية.نت" إن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتهج استراتيجية عدائية في شرق البحر المتوسط، لذلك ساهم في منع اتحادات الطاقة الدولية من المضي قدماً في المشاريع المشتركة للتنقيب عن الغاز".
وأضاف مدير البرنامج التركي في مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)"، التي تتخذ من واشنطن مقرّاً لها، أن "أردوغان يسعى لكسب مقعد على طاولة مفاوضات المتوسط مع جيرانه في قبرص واليونان ومصر وبالتالي الحصول على عائدات الطاقة من هذه المنطقة"، رغم أنها قريبة من تركيا جغرافياً، وتقع خارج حدودها وفق القانون الدولي للملاحة.
وتابع: "هذه الاستراتيجية غير الحكيمة أدت إلى زيادة عزلة تركيا مع الخارج، وساعدت في ترسيخ التحالف المناهض لها في شرق المتوسط، ما يعني أن أنقرة تخاطر بإثارة صراع عسكري في المتوسط مع اليونان وقبرص ومصر نتيجة سياسات رئيسها".
ولم يلتفت أردوغان لدعوات المعارضة في بلاده والتي اقترحت عليه "اللجوء إلى الحوار" مع دول الجوار لحل الصراع البحري معها، وقال في خطاب داخل البرلمان قبل أيام إن "أنقرة ستواصل تطبيق خططها على أرض الواقع". كما هدد بأن أي هجوم على سفينة تركية للتنقيب عن النفط والغاز في مياه البحر المتوسط المتنازع عليها "سيُدفع ثمنه باهظاً".
ورأى أردمير في هذا الصدد أن "التصعيد التركي المستمر شرق المتوسط سياسياً وعسكرياً، يساعد أردوغان شعبياً من خلال تحويل انتباه جماهيره عن الأزمة الاقتصادية الحالية والناجمة جراء سوء إدارة حكومته وفسادها".
كما شدد على أن "التوترات الإقليمية المتزايدة تقوض مناخ الاستثمار في تركيا وتؤدي إلى ازدياد في معدل هروب رؤوس الأموال إلى الخارج، وهذا يعني تعميق المشاكل الاقتصادية في الداخل التركي. وبشكل عام، استراتيجية أنقرة عديمة الفائدة، وسيكون لها تداعيات طويلة الأمد على البلاد".
وتصاعدت التوترات هذا الأسبوع عقب إرسال تركيا سفينة مسح إلى المنطقة، تحت حراسة سفنٍ حربية، لرسم خارطة بتفاصيل منطقة بحرية بهدف التنقيب المحتمل عن النفط والغاز، وهي منطقة تدعي كل من تركيا واليونان خضوعها لولايتها.
وتتشارك اليونان وتركيا في عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو) لكن علاقاتهما مشحونة بالتوترات منذ فترة طويلة. وتتراوح الخلافات بينهما من حدود الجرف القاري البحري والمجال الجوي إلى جزيرة قبرص المقسمة.
وفي عام 1996 كانت الدولتان على وشك الدخول في حرب بسبب التنازع على ملكية جزر صغيرة غير مأهولة في بحر إيجه.