لحظات وصوت رهيب أعاد إلى ذاكرة الآلاف صور الحرب، ولمن لم يعشها خيل إليه أنه يشهد على "يوم الآخرة" بحسب ما قال شهود عيان عدة من قلب العاصمة التي شوهت معالمها بالكامل.
بعد الصدمة.. غضب
فقد قال أحد الشبان ويدعى وليد عاصي لوكالة رويترز "لا نستطيع أن نصدق أننا خرجنا أحياء" مضيفا "كان الناس ينزفون الدم، راقدين على الأرض، ويركضون في الشوارع... كان كابوسا".
يدرك اللبنانيون جيدا ألا ثقة بتلك الطبقة الحاكمة من السياسيين، فهم اختبروهم على مدى سنوات كما يؤكدون.
فهذه الطبقة التي أهملت وجود 2750 طنا من نيترات الأمونيوم الخطير لسنوات بفعل الإهمال او التواطؤ لا يمكن الوثوق بها بعد الآن.
وفي حين لا تزال الصدمة تخطف أنفاس أهل لبنان حتى الساعة، إلا أن النقمة آتية لا محال.
فبعد الصدمة سيأتي الغضب، كما أكد وليد.
تعليق المشانق
غضب تردد منذ الثلاثاء ولا يزال بين الناشطين في لبنان على مواقع التواصل الذين دعوا إلى تعليق المشانق، ومحاسبة كل مسؤول عن هذا الإهمال الذي خطف أكثر من 135 قتيلا بلحظات مروعة لم يشهد لها مثيل آلاف اللبنانيون الذين عاشوا الحرب وفصولها على مدى سنوات وجولات عديدة.
فقد استيقظ السكان في بيروت صباح أمس الأربعاء واليوم الخميس على عاصمة يعشش فيها الخراب، ويسكنها الموت.
في وقت لا تزال فرق الإنقاذ تنبش الأنقاض بحثا عن ناجين في مدينة تئن بالفعل تحت وطأة الانهيار المالي وتفشي فيروس كورونا.
وأسفر الانفجار عن مقتل ما لا يقل عن 135 شخصا وإصابة 5000 وتشريد ما يصل إلى 250 ألفا من منازلهم بعد أن مزقت موجات الصدمة الأبواب وحطمت النوافذ على بعد أميال من موقع الانفجار.
ومن المتوقع زيادة أعداد القتلى في الانفجار الذي قال المسؤولون إن السبب فيه مخزون ضخم من المواد شديدة الانفجار تم تخزينها لسنوات في ظروف وأوضاع غير آمنة بالميناء.
وبالنسبة للكثير من اللبنانيين، يمثل الانفجار أحدث ضربة ينحون باللائمة فيها على زمرة النخب السياسية الطائفية التي تحكم البلاد منذ عقود.
فعلى الرغم من تعهد الحكومة بمحاسبة المسؤولين عن الانفجار، إلا أنه بالنسبة للملايين من سكان العاصمة والبلاد أجمع بدا ذلك وعدا آخر من الوعود الفارغة التي سئموا منها.
ويحتج آلاف اللبنانيين منذ أكتوبر على الهدر والفساد الذي دفع بالبلاد إلى الخراب المالي. وانهارت العملة المحلية منذ ذلك الحين، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وزيادة الفقر.