ورفضت الأحزاب المعارضة الثلاثة القانون المثير للجدل وبينها حزب المعارضة الرئيسي (الشعب الجمهوري) وحزب الشعوب الديمقراطي (المؤيد للأكراد) ودعمها في ذلك نواب حزب "الخير" الذي يُعرف أيضاً بحزب "الصالح" أو "الجيد" وهو حزب قومي يعارض حزب "العدالة والتنمية" الحاكم الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقالت غولشاه دينيز آتالار النائبة في البرلمان عن حزب المعارضة الرئيسي وإحدى قادته الشبّان إن "القانون الجديد سيحد وربّما يحظر أنشطة ديمقراطية كبيرة على نطاقٍ واسع في البلاد"، في إشارة منها إلى فعاليات أحزاب المعارضة والتي عادة ما تقوم بتغطيتها على المنصّات الاجتماعية بعد سيطرة الحكومة على العديد من وسائل الإعلام عقب محاولة الانقلاب الفاشل عليها منتصف العام 2016.
حجب انتقاد الحزب الحاكم
وأضافت آتالار لـ"العربية.نت" وهي أيضاً رئيسة فرع نقابة المحامين الأتراك بأنقرة وخبيرة في تكنولوجيا المعلومات أن "هذا التشريع سيؤدي أيضاً إلى إزالة هائلة للأخبار والمحتوى الذي ينتقد حزب العدالة والتنمية الحاكم، فالمحاكم المحلية في السابق، تقبل جميع الطلبات ذات الدوافع السياسية لمنع الوصول إلى مواقع معينة، في حين ترفض تقريباً جميع الطعون المقدّمة بعد ذلك".
ومن المقرر أن يدخل التشريع الجديد والذي يُعرف بـ "قانون وسائل التواصل الاجتماعي"، حيّز التنفيذ بعد أيام عقب توقيعه من قبل أردوغان ومن ثم نشره في الجريدة الرسمية.
وفي الوقت ذاته سيلجأ حزب "الشعب الجمهوري" إلى الاعتراض عليه لدى "المحكمة الدستورية العليا" وهي أعلى هيئة قضائية في تركيا، لمنع دخوله حيز التنفيذ باعتباره يملك أكثر من مئة نائب.
تخويف وترويع الشعب
من جهته، قال حسين كاتشماز وهو محامٍ ونائب في البرلمان عن الحزب المؤيد للأكراد إن "القانون الجديد سيرغم شركات مواقع التواصل على تعيين ممثلين لها في تركيا كي تلتزم بالقوانين المحلية وإن لم تفعل ذلك، فستفرض الحكومة غراماتٍ مالية عليها".
كما أضاف في تصريح لـ"العربية.نت" أن "الهدف الرئيسي من هذا التشريع هو تخويف وتروّيع الشعب ومنعه من انتقاد الحكومة، فالقانون الجديد يُلزم ويطلب من مواقع التواصل، الحصول على بيانات المستخدمين، مثل هوياتهم ومواقعهم الجغرافية وغيرها من المعلومات، لذلك نرفضه بشدة".
وتابع قائلا "الحكومة تريد أن تسيطر على كل شيء في الدولة من خلال هذه التشريعات، حتى تود أن يكون لها نفوذ داخل الهيئات والمؤسسات النقابية، فقد سبق تشريع اليوم قانون آخر يفرض هيمنته على نقابة المحامين".
الأكثر تأثّراً
في المقابل، اعتبر اركان ساكان وهو بروفيسور وأستاذ في الصحافة والدراسات الإعلامية في جامعة بيلجي التركية للمعلوماتية أن "المستخدمين العاديين هم الأكثر تأثّراً بالقانون الجديد لأن التدابير الحكومية قريباً ستمنعهم من الاستمتاع بأنشطتهم اليومية على منصات التواصل، لكنّ المتمكّنين رقمياً سيستمرون في التحايل على الرقابة كما يفعلون دوماً".
وأضاف لـ "العربية.نت" أنه "عدا عن رغبة الحكومة في تقييد أنشطة مستخدمي المنصّات الاجتماعية، فهي أيضاً تستهدف الشبكات الاجتماعية الرئيسية وتعتزم الحصول منها على أكبر قدر ممكن من الأموال من عمالقة التكنولوجيا".
ويفرض التشريع الجديد على كبرى شركات وسائل التواصل الاجتماعي كفيسبوك وتويتر الاحتفاظ بمكاتب تمثيلية في تركيا للتعامل مع شكاوى من المحتوى على منصاتهم.
وسيؤدي عدم وجود مكتب تمثيلي إلى فرض غرامات كبيرة، وحظر الإعلانات وتقليص السعة، ما يبطئ شبكات التواصل الاجتماعي.
كما يتطلب القانون الجديد من مقدمي الخدمة الإبقاء على البيانات في تركيا، وهو ما اعتبره مكتب المفوض السامي الأممي لحقوق الإنسان أمس الثلاثاء، أنه "يقوض حق المواطنين في التواصل بدون كشف هوياتهم".
حفيد أردوغان
يذكر أن مشروع القانون نوقش لأول مرة في إبريل الماضي ثم ألغي تحت ضغط الأصوات المعارضة والشاجبة، إلا أن الرئيس التركي جدد دعوته لمزيد من التنظيم عقب تداول تعليقاتٍ مسيئة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد ولادة حفيده.
فقد تعرضت ابنته إسراء وزوجها وزير الخزانة والمالية براءت البيرق، أواخر يونيو الماضي لهجومٍ غير مسبوق عبر تويتر مع إعلان قدوم مولودهما الرابع، ما أربك الرئيس التركي حينها، حيث أعلن عن نيته "حظر وسائل التواصل الاجتماعي" في البلاد. ودعمه في ذلك حليفه الوحيد في الداخل التركي، دولت بهجلي، زعيم حزب "الحركة القومية" اليميني المتطرّف.