تعود قضايا الصحافيين المعتقلين في تركيا إلى الواجهة مجدداً بعد الحكم القضائي الصادر مؤخراً بحق الصحافي الألماني من أصل تركي، دينيز يوجيل، بالسجن لعامين وتسعة أشهر غيابياً، إثر وجوده في ألمانيا التي عاد إليها بعد إطلاق سراحه في شباط/فبراير 2018.
ووصف رئيس اتحاد الصحافيين الأتراك المعروف اختصاراً بـ TGS، غوكخان دورموش، الحكم الصادر بحق يوجيل الذي يعمل في صحيفة "دي فيلت" الألمانية بـ"غير المنصف"، لافتاً إلى أن "محاكمته لم تكن عادلة".
كما قال دورموش، الذي يترأس أقدم اتحاد للصحافيين ينشط في تركيا منذ عام 1952، لـ"العربية.نت"، إن "قضية يوجيل خير دليل على تخبط النظام القانوني في البلاد. فقد ألقي القبض على هذا الصحافي بذريعة أنه جاسوس وقضى عاماً في السجن ومن ثم قررت المحكمة استمرار احتجازه قبل أن تقر بإطلاق سراحه اليوم التالي في خطوة مفاجئة، وها هي تعود مجدداً اليوم لتحاكمه غيابياً بالسجن لعامين و9 أشهر".
إلى ذلك أضاف أن "برلين لم تفعل شيئاً من أجل قضيته رغم أنه مواطن ألماني. ولو بقي في تركيا، لكان اليوم خلف القضبان، وبصرف النظر عن التهم الموجهة إليه كالدعاية لمنظمة إرهابية. لكن محاكمته ليست منصفة وغير عادلة".
أحكام غيابية لسنوات طويلة
وإلى جانب يوجيل المتهم بـ"التجسس لصالح برلين والتعاطف مع حزب العمال الكردستاني" المحظور لدى أنقرة، يواجه عشرات الصحافيين الأتراك الفارين إلى خارج البلاد، أحكاماً غيابية بالسجن لسنوات طويلة كالصحافي المعروف جان دوندار رئيس تحرير صحيفة "جمهورييت"، الذي يواجه عقوبة السجن مدى الحياة لنشره وثائق ومستندات تكشف عن دعم أنقرة لمقاتلين داخل الأراضي السورية.
يذكر أن السلطات التركية كثفت جهودها في ملاحقة الصحافيين داخل البلاد وخارجها منذ محاولة الانقلاب الفاشلة على حكم الرئيس رجب طيب أردوغان منتصف تموز/يوليو 2016، والذي يتهم جماعة فتح الله غولن بالوقوف وراءها.
ومنذ ذلك الحين تم إغلاق وسائل إعلامية وطرد مئات الصحافيين من وظائفهم في مؤسسات أخرى. كما اعتقل آخرون من أبرز الصحافيين وصناع الرأي في البلاد، كالصحافي الشهير أحمد آلتان ورجل الأعمال والحقوقي البارز، عثمان كافالا.
ما لا يقل عن 76 صحافياً
وذكر رئيس اتحاد الصحافيين الأتراك أن ما لا يقل عن 76 صحافياً تركياً يقبعون في السجون اليوم نتيجة أنشطتهم المهنية وتغطياتهم الصحافية.
كما قال في هذا الصدد إن "على هؤلاء الصحافيين أن يثبتوا للمحاكم التركية الآن أن ما فعلوه ببساطة لم يكن جريمة، ونحن بدورنا نحاول مساعدتهم من خلال محامينا الذين يقومون بزيارتهم في السجون بشكل دوري".
وأضاف أن "الاعتقالات تضاعفت للغاية بعد محاولة الانقلاب، ونعلم أن الحكومة توجهت عقب ذلك للقمع والضغط على معارضيها، لذلك فر صحافيون كثر إلى الخارج بعد إغلاق نحو 200 مؤسسة إعلامية".
تمديد احتجاز 3 صحافيين
يشار إلى أنه أواخر الشهر الماضي، قضت محكمة تركية بتمديد احتجاز 3 صحافيين بذريعة الكشف عن هوية ضابطين من الاستخبارات قُتلا في ليبيا قبل أشهر. ومن المحتمل أن يواجهوا عقوبة بالسجن لمدة 19 عاماً، بحسب منظمة مراسلون بلا حدود، التي طالبت أنقرة بالإفراج الفوري عنهم.
ولا تقتصر حملة الاعتقالات والقمع على حملة الجنسية التركية فقط، فالعشرات من جنسيات أجنبية اعتقلوا في تركيا واتهموا بالانتماء إلى "جماعات إرهابية"، منهم الفنانة الألمانية من أصول كردية، هوزان جانيه، المعتقلة منذ أكثر من عامين، حيث تواجه عقوبة بالسجن لمدة 6 سنوات و3 أشهر.
ووفق آخر إحصائية لوزارة الخارجية الألمانية، فإن 61 مواطناً ألمانياً يقبعون في السجون التركية بذريعة "العمالة والإرهاب".