على مدى الأيام الماضية عادت إلى الواجهة مجددا قضية المصرف المركزي في طرابلس ومسألة التدقيق في حساباته، وسط اتهامات دولية لأطراف معينة بعرقلتها. في حين يؤكد مسؤولون في المصرف بالبيضاء أن رفض عمليات التدقيق الدولية يعود إلى قضايا فساد ودفع أموال للميليشيات من قبل أعضاء في جماعة الإخوان.
وفي هذا السياق، قال مسؤول مصرفي ليبي إن الأطراف في طرابلس، هي التي تعرقل عملية دولية للتدقيق في حسابات المصرف، الذي تحوّل إلى أحد أسباب الصراع حول الحقول النفطية، والذي يتهمه الجيش الليبي بدعم جماعات مسلحة والإنفاق على الإرهاب من أموال بيع النفط، وتسبّب في توقف العمل بالحقول النفطية بسبب الخلافات حول تقسيم العائدات وطرق الإنفاق.
الإخوان وديوان المحاسبة
والأربعاء الماضي، اتهم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في كلمته إلى مجلس الأمن، "مسؤولين محليين" لم يسمهم بعرقلة التقدم في عملية مراجعة المصرف المركزي، مؤكدا ضرورة تنفيذ هذا الإجراء، كما أدانت الولايات المتحدة قبل يومين ما وصفتها بـ"العرقلة غير القانونية للتدقيق الذي طال انتظاره للقطاع المصرفي".
وقال رئيس لجنة أزمة السيولة بالمصرف المركزي بالبيضاء شرق ليبيا رمزي رجب الآغا في تصريح لـ"العربية.نت"، إن الأطراف المعرقلة لعملية التدقيق في حسابات المصرف المركزي هم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين الذين يسيطرون على ديوان المحاسبة بقيادة خالد شكشك وكذلك الذين يديرون المصرف وعلى رأسهم الصديق الكبير وعلي فتحي عقوب، بالإضافة إلى رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، متحججين بقوانين محلية.
وفي أبريل الماضي، اتهمت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالوكالة، ستيفاني ويليامز، ديوان المحاسبة الليبي بطرابلس بإعاقة المراجعة الدولية للمصرف المركزي، وقالت إنهم عطلوا عملية هدفها تعزيز الشفافية والمساءلة، لكن رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك قال إن هذا الطلب يتعارض مع قانون المصارف الليبي الذي يقضي بأن الديوان هو الجهة المخولة بمراجعة حسابات المركزي.
"عمليات فساد ومخالفات"
تعليقا على تلك المسألة، قال الآغا إن التعلّل بالقانون لا فائدة منه، مشيرا إلى أنه إذا تم تطبيق القانون فإن وجود الصديق الكبير على رأس مصرف ليبيا المركزي في طرابس هو مخالفة صريحة للقانون، وذلك لعدة أسباب، أولها إقالته من قبل البرلمان الليبي، وثانيا لانتهاء مدته القانونية لشغل منصب المحافظ وفق قانون المصارف.
كما أكد أن رفض المسؤولين في ديوان المحاسبة والمصرف المركزي، مراجعة الأمم المتحدة في حسابات المصرف المركزي، يثبت وجود عمليات فساد ومخالفات جسيمة وتدل على وجود تلاعب واستغال غير قانوني لأموال اللييين إمّا بتحويلها إلى تركيا أو بيع العملة لأمراء الميليشيات بسعر الصرف الحقيقي، مضيفا أن مراجعة حسابات المركزي ستزيح الستار أيضا عن وزارة المالية ويكشف أوجه الصرف داخلها.
عائدات النفط
يذكر أن كل عائدات النفط التي تمثل نحو 95 بالمئة من إجمالي الإيرادات في ليبيا تذهب إلى حسابات المصرف المركزي الليبي الذي تسيطر عليه قيادات من تنظيم الإخوان، ويتهمه الجيش الليبي بتمويل الميليشيات المسلّحة والمرتزقة الأجانب، وتحويل الأموال إلى المصارف التركية، وهي الأزمة التي انتقلت إلى حقل وموانئ النفط التي توقفت عن العمل منذ شهر يناير الماضي بعد إغلاقه من طرف القبائل الليبية، تنديدا باستخدام الأموال في جلب المرتزقة لقتل أبنائهم.
ولإستئناف تصدير النفط، يشترط الجيش الليبي، ضرورة فتح حساب خاص بإحدى الدول تودع به عائدات النفط مع آلية واضحة للتوزيع العادل لهذه العوائد على كافة الشعب الليبي بكل مدن وأقاليم ليبيا وبضمانات دولية.
كما يشترط الجيش وضع آلية تضمن عدم وصول تلك العائدات إلى يد الميليشيات والمرتزقة لتمويل الإرهاب، ويطلب كذلك ضرورة مراجعة حسابات مصرف ليبيا المركزي لمعرفة أين وكيف أنفقت عوائد النفط طيلة السنوات الماضية والتي حرم من الاستفادة منها الشعب الليبي ومحاسبة كل من تسبّب في إهدارها وإنفاقها في غير محلّها.