وقالت صحيفة "الاقتصادية" في افتتاحيتها التي جاءت بعنوان ( حتى لا تتحكم الصراعات في الأمن الغذائي ): تعاني شريحة كبيرة من سكان العالم دول مختلفة، انعدام الأمن الغذائي الحاد، من المتوقع أن تؤدي أزمة كورونا إلى زيادة أعدادها، في الوقت الذي حذرت فيه منظمة برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من تضاعف انعدام الأمن الغذائي. ما لم يتم اتخاذ إجراءات فورية، فمن الواضح وبشكل متزايد، أن هناك حالة طوارئ غذائية عالمية وشيكة يمكن أن تكون لها آثار طويلة المدى في كثير من البشر، لذلك أسرع كثير من الدول في أعقاب تفشي وباء كورونا المستجد، إلى إعادة النظر كليا إلى سياساتها التي تتعلق بالإمدادات الغذائية. حتى الدول التي تتمتع بمستوى أمن غذائي مرتفع، درست هي الأخرى أوضاعها الغذائية ووفق الحقائق والمتغيرات والاستحقاقات أيضا، فالأزمة التي خلفها الوباء شملت كل شيء، بما في ذلك الزراعة والإمدادات الغذائية، ما يفسر مثلا المشاهد التي نقلت من أغلبية الدول المتقدمة وتصور أرفف محال السوبر ماركت والمتاجر الكبرى فارغة تماما، مع تدافع المتسوقين، في موقف يذكر بسلوكياتهم خلال الحروب التي مرت بها دولهم. وأضافت أن الأمر هو نفسه في الدول الأخرى كلها، ما يعزز الاعتقاد أن المستهلك عموما، لا يثق بقدرات بلاده على تأمين المواد الغذائية في وقت الأزمات، ويلجأ عادة إلى تخزين هذه المواد خوفا من أي نقص متوقع. وبالفعل، تعرض بعض الدول إلى نقص لم يمتد طويلا في السلع الغذائية، ولا سيما تلك الآتية من دول أخرى تأثرت بتوقف عمليات النقل والشحن. بالطبع، تتفاوت المخاوف الغذائية بين دولة وأخرى، لكن دون شك تشمل هذه المخاوف الجميع، خصوصا الدول التي تضم أكبر كثافة سكانية في العالم، وفي مقدمتها الصين. وأردفت أن المؤسسات الدولية المعنية، حذرت منذ بداية أزمة كورونا من احتمالات تعرض البشرية، أو بعض الدول، لخطر المجاعة. وكما يعرف الجميع، تشكل مسألة المجاعة هما صينيا دائما، استنادا إلى تاريخ هذا البلد المليء بالأوبئة، التي مرت عليها، والمجاعات التي خلفتها الأوبئة والحروب عبر قرون عديدة. وعلى هذا الأساس، أسرعت السلطات هناك، في أعقاب كورونا إلى التحرك لتوفير الضمانات الأولية على الأقل لتجنب نقص الإمدادات الغذائية. علما بأن الصين تمكنت في العقود الماضية من دعم قدراتها الزراعية ضمن استراتيجية الأمن الغذائي. صحيح أنها لم تصل إلى المستوى المأمول من هذا الأمن الحيوي المهم، إلا أنها تمكنت من وضع استراتيجية فاعلة، تحقق قفزات نوعية في المديين القريب والمتوسط. وبينت أن الأزمة الغذائية العالمية ليست جديدة، والقلق من نقص الإمدادات موجود عند جميع الدول، فهناك حكومات تعتقد أن الاعتماد على إنتاج زراعي داخلي هو الحل الأفضل، ليس فقط لأن ذلك يؤمن الإمدادات المطلوبة، بل لأنه أقل تكلفة من الناحية الإنتاجية، وأقل سعرا في الأسواق المحلية. يضاف إلى ذلك، أن الارتهان إلى دول أخرى، يكتسب مخاطر على المدى البعيد، ولا سيما في حال توتر العلاقات، أو تراجع مستوى الصداقة. وأبانت أن هذا ما تخشى منه دولة مثل الصين، التي أعلنت صراحة أنها لا يمكن أن ترتهن غذائيا إلى دولة، مثل الولايات المتحدة، في ظل الصراعات الموجودة والمستفحلة بين البلدين، سياسيا واقتصاديا وتجاريا، حتى صحيا حاليا. وهنا سؤال منطقي، هل سترمي الصين نفسها بهذه السهولة في أيادي أمريكا وتكون لقمة سهلة، أم أن عليها المضي قدما في الاستراتيجية الغذائية الوطنية؟ معروف أن الصين خصوصا، تعاني جغرافيا، نقصا كبيرا في مساحات الأراضي الزراعية، ومن هنا عليها أن تخضع الإنتاج الزراعي للابتكار أولا، أو أن تستثمر زراعيا في مناطق أخرى من العالم، فهناك دول تقوم بالفعل بالاستثمار الزراعي خارجها، لأسباب من بينها عدم توافر الأراضي الصالحة، أو وجود مناخ ليس صديقا للزراعة والإنتاج الغذائي أصلا. وختمت :تكون المهمة صعبة على الحكومة الصينية، والحكومات في الدول الأخرى المشابهة بصورة أو بأخرى للصين، إلا أن الاستراتيجية الغذائية باتت ضرورة حتمية الآن أكثر من أي وقت مضى ، حتى الإنتاج الزراعي تم التخلص منه في الأسابيع الأولى لأزمة كورونا، بسبب توقف عمليات النقل المحلية والخارجية، وشاهد العالم كيف أن مئات الملايين من الحليب كانت ترمى في المجاري لعدم تمكن المنتجين من نقلها. الأمن الغذائي يبقى الحل الأمثل لكل الدول، في أوقات الأزمات والرخاء. // انتهى //06:49ت م 0009