وقالت صحيفة "الاقتصادية" في افتتاحيتها التي جاءت بعنوان ( لتحقيق توازن المالية العامة ): المملكة - ولله الحمد - لا تعاني مستويات عالية من التضخم، كما أن الريال السعودي قوي بما يكفي لدعم القدرة الشرائية العامة. مع الأخذ في الحسبان أن خيارات المستهلكين متعددة في السوق المحلية، لكن مع ذلك، فإن السؤال يبقى حاضرا عند البعض حول الأسباب التي أدت إلى رفع سعر الضريبة من 5 إلى 15 في المائة. وأكدت : عند الإجابة عن هذا السؤال، يتبادر إلى الذهن أولا، أنه من المعروف عموما، أن المالية السعودية، ولعقود طويلة، كانت تعتمد على موارد النفط بشكل أساس لتمويل مشاريع التنمية ورواتب الموارد البشرية، وفي المقابل تجنبت المالية استخدام السياسات الضريبية لتوجيه الاقتصاد، وهذا دون شك يعد غير مناسب في إدارة الاقتصاد وتوجيهه. فالمعلوم من الاقتصاد، بالضرورة، احتياجه إلى منظومة من السياسات الضريبية التي من خلالها يمكن تعديل التوجهات الاقتصادية وإعادة توزيع الموارد بين قطاعات الاقتصاد المختلفة ومواجهة الأزمات المالية ونقص الموارد. وقد كان الفكر الاقتصادي السعودي قائما لعقود على تجنيب المواطن مثل هذه السياسات الضريبية والاكتفاء ببنود المصروفات في الميزانية لتحقيق النمو الاقتصادي المنشود، لكن الاقتصاد السعودي نضج بشكل كبير، ونما القطاع الخاص وتنوع بطريقة لم تعد مثل هذه الإجراءات تحقق المطلوب، وكان لا بد من إضافة ممكنات جديدة، فتم إقرار ضريبة القيمة المضافة عند سعر 5 في المائة. ثم من أجل تحقيق توازن اقتصادي عام، وتجنيب ميزانية الأسر السعودية صدمة التغيرات المتوقعة من تطبيق الضريبة، تم إقرار حساب المواطن لإعادة توجيه الدعم بما يخدم فئة المواطنين الأكثر حاجة، ونجح الاقتصاد السعودي بشكل متميز في الاستجابة لهذا النوع الجديد من السياسات الاقتصادية، وحققت المالية العامة نموا كبيرا وقياسيا في الإيرادات غير النفطية، وبلغت إيرادات ضريبة القيمة المضافة أكثر من 45 مليار ريال، كما ارتفعت الإيرادات غير النفطية عموما إلى أكثر من 315 مليارا، كما قدرت في عام 2020 بأكثر من 320 مليارا، وهذا حقق دعما كبيرا لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في جميع الأصعدة، وأهمها رفع مستويات التوظيف في القطاع الخاص وخفض مستويات البطالة، كما تم دعم الصناعة والخدمات اللوجستية بما يخدم أهداف تنويع الاقتصاد السعودي ويضيف عديدا من الوظائف إلى الاقتصاد. وهنا، لا بد الإشارة إلى أن جائحة كورونا، التي اندلعت في الصين مطلع العام الحالي واجتاحت دول العالم، ومن بينها السعودية، شكلت تهديدا للمنجزات الاقتصادية، حيث تطلبت مواجهتها قيام شتى دول العالم بإجراءات احترازية، من بينها إغلاق الاقتصاد وتخفيض النفقات، وهذا أثر بشكل كامل في صناعة النفط، حيث انخفضت الأسعار بشكل صارخ، وهبطت إلى مستويات جعلت الحفاظ على توازن المالية العامة تحديا كبيرا. وفي مثل هذه الظروف، فإن السياسات الاقتصادية تتطلب إجراءات أكثر صرامة بشأن مستويات الإنفاق العام، كما تتطلب تعديلات في السياسات الضريبية لدعم المالية العامة حتى يمكنها المحافظة على المكتسبات والوظائف والتشغيل العام للاقتصاد، وهذا دعا المالية العامة إلى استخدام السياسة الضريبية لتحقيق ذلك، ورفع سعر الضريبة من 5 إلى 15 في المائة. وهنا يظهر أن للسياسات الضريبية في الاقتصاد السعودي دورا مهما للحفاظ على توازن الاقتصاد عند مستويات التشغيل الحالية للعمالة، فزيادة الضريبية عند مستويات مقبولة كهذه تمكن الحكومة من استمرار الإنفاق ودعم المشاريع، وتساعد على المحافظة على القطاع الخاص وتمكينه من مواجهة الظروف الاقتصادية الراهنة، وبالتالي يحافظ على مستويات التوظيف الحالية، وعدم الرجوع مرة أخرى إلى مشكلة نمو مستوى البطالة. // يتبع //06:04ت م 0007