تعود قضية المعتقلين المعارضين للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الواجهة مجدداً مع تسجيل إصاباتٍ بفيروس كورونا المستجد في صفوف سجناءٍ أطلق سراحهم مؤخراً لم تكن السلطات الأمنية قد أعلنت إصابتهم سابقاً، ما زاد من مخاوف بعض العائلات على حياة من يقبع من أفرادها خلف القضبان.
وفي هذا السياق قال بُراك يلمّاز تُرك ابن أحد المعتقلين بسبب مكالمة "مجهولة" قبل 8 سسنوات، "قبل أسبوعين أفرج عن صديقٍ كان يقبع مع والدي البالغ من العمر 54 عاماً في سجن سيليفري ثبتت إصابته ولم تكن السلطات قد أعلنت ذلك، ما يعني أنه ربّما نقل العدوى إلى كلّ من كان معه في الزنزانة ومنهم أبي".
وأضاف لـ "العربية.نت" أن " محمد كليتش (30 عاماً) وهو صديق أبي خضع لتحليل بعد الإفراج عنه وتبيّن أنه مصاب ، لذلك أخبر إدارة السجن ومن ثم تمّ وضع كلّ من كان معه في الحجر الصحي"، لافتاً إلى أن "عدم الكشف عن إصابة معتقل اختلط بأشخاصٍ يشاركونه الزنزانة، يدل على سوء الرعاية الطبية".
مكالمة قبل 8 سنوات
وتابع موضحا "أبي متهم بالانتماء إلى جماعة الداعية الإسلامي فتح الله غولن، وقد حُكم عليه الأسبوع الماضي بالسجن لمدّة 6 سنوات وثلاثة أشهر رغم أن لا أدلة تدينه سوى أنه استقبل مكالمة هاتفية من رقمٍ خاص عام 2012"، موضحاً أن "السلطات تقول إن المتصل كان من جماعة غولن، لذلك تعمّد الاتصال من هواتفٍ لا تظهر أرقامها لدى المتلقي".
كما أشار إلى أنه "آنذاك لم يكن لدى بعض إخوتي هواتف محمّولة وكانوا يضطرون أحياناً للاتصال به من هواتفٍ نقّالة، لذلك قد يكونون اتصلوا بوالدي، لا أفراد من جماعة غولن ومن الصعب أن نتذكر من الذي اتصل به من رقمٍ خاص قبل 8 سنوات وهذا سبب غير كافٍ لاتهامه".
مئات المعارضين في سيليفري
ويقبع في سجن سيليفري، المدينة الصغيرة الواقعة بضواحي إسطنبول، المئات من المعارضين لأردوغان وأبرزهم أكراد متهمين بالعضوية في جماعةٍ إرهابية وآخرين تتهمهم السلطات بالانضمام لجماعة غولن التي تتهمها الحكومة بالوقوف وراء الانقلاب العسكري الفاشل منتصف تموز/يوليو 2016 على حكم أردوغان.
ويعتقد محامون ومدافعون عن حقوق الإنسان أن فيروس كورونا وصل السجون التركية عن طريق الحرّاس والموظفين المدنيين العاملين داخلها، خاصة أنهم يختلطون مع كثيرٍ من الأشخاص خارج السجون بعدد انتهاء دوامهم.
وبحسب يلمّاز تُرك، فإن إدارة سجن سيليفري لم ترفع الإجراءات الوقائية عن السجناء رغم أن الحكومة رفعت قيودها المفروضة على السكان في عموم البلاد.
مُنعنا من زيارته
وقال في هذا الصدد: "مُنعنا من زيارة والدي منذ أكثر من شهرين ولم يسمح لنا بذلك إلى الآن، مع أن الحكومة ألغت كل القيود المفروضة إثر أزمة كورونا في كل المدن"، مشير إلى أنه "نتيجة استمرار الإجراءات الوقائية في السجن، لا يُسمح لوالدي وبقية السجناء بالتجمع وممارسة الرياضة أو القيام بأنشطة ترفيهية".
وأضاف: "نطالب بإعادة محاكمته، فالأدلة غير كافية لإدانته وعلى القضاء أن يكون عادلاً، كما يجب تحسين ظروفه مع بقية السجناء لا سيما من ناحية الرعاية الطبية".
أكثر من 500 مصاب
من جهته، قال عمر فاروق جرجرلي أوغلو، وهو نائب وعضو في لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان التركي إن "عدد المصابين بفيروس كورونا في سجن سيليفري بلغ نحو 500 شخص".
وأضاف لـ "العربية.نت": "لكننا نشكك في دقة هذه الأرقام التي تعلنها السلطات، ونعتقد أنها في الواقع أكبر من ذلك بكثير"، لافتاً إلى أن "الوفيات قد تكون أيضاً أكبر من الأرقام المعلنة، خاصة أن حالة واحدة فقط تم الإعلان عنها في سجن سيليفري منذ وصول كورونا إليه".
ومنذ أشهر، يواصل محامان اثنان إضراباً مفتوحاً عن الطعام في سجن سيليفري، احتجاجاً على اعتقالهما بشكلٍ تعسفي قبل سنوات. ويطالبان بإعادة محاكمتهما "بشكلٍ عادل".
وترفض السلطات التركية الإفراج عن معارضي أردوغان. واستثنتهم قبل شهرين من عفوٍ أقرّه البرلمان إثر تفشي فيروس كورونا في عددٍ من سجون البلاد وأطلق بموجبه سراح أكثر من 90 ألف سجين.