وقالت صحيفة "الاقتصادية" في افتتاحيتها التي جاءت بعنوان ( الأمن الغذائي وتميز إدارة الأزمة ) : إدارة المخاطر مهمة، تتطلب استشرافا للأحداث المستقبلية. استشرافا يهدف إلى المحافظة على الأصول وتحقيق الاستدامة، فهو ليس استشرافا يعمل على الهدر. والفرق بين الحالتين يكمن في منهجية دراسة المخاطر وحوكمة العمل في ذلك، ولعلنا هنا نقدم مثالا يستحق الإشادة ويكون نموذجا يحتذى. فقبل نحو عامين من الآن، في تشرين الأول (أكتوبر) 2018 بالتحديد، أطلقت وزارة البيئة والمياه والزراعة، أعمال لجنة الأمن الغذائي والأمانة العامة لاستراتيجية الأمن الغذائي في المملكة، المنوط بها الإشراف العام على تنفيذ استراتيجية الأمن الغذائي في المملكة، التي أقرها مجلس الوزراء بقراره رقم 439 في مطلع أيار (مايو) 2018، ويرأس أعمال هذه اللجنة وزير البيئة والمياه والزراعة، وعضوية تسع جهات حكومية ممثلة في وزارات "الداخلية، والمالية، والصحة، والشؤون البلدية والقروية، والتجارة والاستثمار، والنقل، والاقتصاد والتخطيط، والعمل والتنمية الاجتماعية" - آنذاك، وتعمل على تحقيق خمس مهام أساسية، أهمها ضمان الاستجابة السريعة والفاعلة في حالات الطوارئ المتعلقة بالغذاء. وواصلت : لا شك أن فكرة إنشاء اللجنة وحوكمتها، سبقت أزمة كورونا الحالية، وتعرض الاقتصاد العالمي فيها لهزة عنيفة لم تحدث منذ الكساد العالمي، وكانت أكثر المخاطر، التي أقلقت العالم هي، احتمالات توقف سلاسل الإمداد والتوريد، خاصة الغذائية منها. وقد شعر الجميع بالمخاطر وبتداعيات هذه الأزمة على مدى توافر الغذاء ومتطلبات إنتاجه. وفي حالة كهذه، وبافتراض عدم وجود استراتيجية للأمن الغذائي في المملكة وعدم وجود لجنة لهذا الغرض، فإننا سنكون أمام موجة عاتية من عدم التنسيق والازدواجية في القرار، ما قد يتسبب في هدر كبير في الجهود والموارد، أو اتكالية وتكاسل مع تقاذف المسؤوليات والمساءلة، لكن التبصر الذي أتت به رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني، الذي أحدث تعديلات كبيرة في هيكل الوزارات وإنشاء وزارة البيئة والمياه والزراعة، كان استشرافا في محله ووقته الصحيح، وانبثقت منه الاستراتيجية ولجنة الأمن الغذائي. وتابعت : فلما حلت أزمة كورونا، ومع الاحترازات والإغلاق الاقتصادي، كان التنسيق حاضرا بين الجهات المعنية كافة، ومواجهة الأزمة في الوقت الصحيح، ومعالجة الاختلالات بشكل متناسق مع تتبع أسباب الاختناقات في الإمدادات أولا بأول. وفي هذا، يؤكد وزير البيئة والمياه والزراعة، أن استراتيجية الأمن الغذائي في المملكة نجحت في تجاوز الاضطراب في سلاسل الإمداد، التي أثرت في إمدادات الغذاء عالميا، وبينما كانت أغلبية دول العالم تعاني تأثر سلاسل الإمداد الغذائية فيها، قدمت المملكة نموذجا رائعا في تنفيذ استراتيجية الأمن الغذائي، والتعاون مع القطاع الخاص، والاستهلاك المسؤول من منافذ البيع، مشيرا إلى أن ذلك جاء نتاج عمل مؤسسي بدأته وزارة البيئة والمياه والزراعة منذ أكثر من أربعة أعوام، وجنت ثماره خلال الأزمة الحالية. وأكدت : إذن، هو القراءة الصحيحة للمخاطر المستقبلية التي يمكن أن تواجه البلاد، وتعد هذه القراءة أحد النماذج والأفكار الحديثة، يقودنا فيها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فلا ننتظر الأحداث ثم نبتكر ردات الفعل، التي تكون في الأغلب فوضوية وتعتمد على هدر الأموال وحرق المراحل، بل إن الجهاز الحكومي في المملكة يعمل وفق خطط لم تتم صناعتها من فراغ، بل كانت نتيجة ورش عمل تفكر في الحاضر والمستقبل، وهذه الوفرة من الغذاء التي لمسناها خلال أزمة كورونا، تمنحنا مزيدا من الثقة والإصرار على المضي قدما في تحقيق مستهدفات «الرؤية». // يتبع //06:02ت م 0007