نفسها وسائل الإعلام التي غطت وفاة جورج فلويد وتابعت أدق التفاصيل للقضية وسارت مع المتظاهرين وشاركت شعارات المحتجين، تقوم الآن بتجاهل غريب لاستيلاء الفوضويين على وسط سياتل وسط فوضى عارمة تضرب المدينة.
هذا التجاهل دفع الرئيس الأميركي للتساؤل مستغربا بتهكم هذا التعامي الإعلامي المتعمد لقضية استيلاء الفوضويين على منطقة في وسط سياتل قائلا: "هل يلاحظ أي شخص مدى ضآلة ما تتم مناقشته في وسائل الإعلام المزيفة حول الاستيلاء على سياتل. هذا عن قصد وبشكل متعمد لأنهم يعرفون إلى حد كبير مدى سوء هذا الضعف وعدم الكفاءة وتأثيرها سياسيًا. مضيفا يجب أن يخجل العمدة والحاكم من أنفسهم".
أخطر من ذلك فقد أظهرت صحيفة "ذا يو اس ايه توداي"The USA Today عن شكوك عميقة من قبل حركة Black Life Matter "حياة السود مهمة"، تجاه هذا التمرد وسط مدينة سياتل وأبلغوا الصحيفة أن هذا الحراك لا يمثلهم.
وتقول تراسي ستيوارت وهي طبيبة للصحة العقلية: "شخص ما قد مات. لماذا يجب أن تكون الأجسام السوداء في الشارع لكي يظهر الناس؟ هؤلاء الناس، لست متأكدا حتى أنهم يعرفون لماذا هم هنا".
وتقول الصحيفة، يحب سكان المدينة البيض بأغلبية ساحقة الاحتجاج ولكن قد لا يأخذون "حركة حياة السود" على محمل الجد كما ينبغي. ويرجع ذلك إلى التركيبة السكانية في المدينة، حيث يبلغ عدد سكان كينج كاونتي، موطن سياتل، حوالي 2.2 مليون نسمة وحوالي 65% من البيض.
فقط حوالي 6% من السكان هم من السود، كما أن لدى قسم شرطة سياتل تاريخا طويلا في استخدام القوة المفرطة ضد أقلية سكان المنطقة. وفي عام 2012، نفذت وزارة العدل التابعة للرئيس باراك أوباما رقابة صارمة على شرطة سياتل، مما أدى إلى انخفاض استخدام القوة بنسبة 60% ضد المجتمع على مدى السنوات الثماني التالية حيث قام دافعو الضرائب بضخ 100 مليون دولار إضافية إلى الوزارة.
وتضيف الصحيفة: مثل العديد من السكان السود في سياتل، تخشى ساليسبري بعمق من أن هؤلاء الحلفاء البيض الجدد سيفقدون الاهتمام مرة أخرى بسرعة.
وتضيف "لقد حان الوقت لأسئلة صعبة.. الكثير من الأشياء التي قالها المجتمع، وخاصة مجتمع السود، كانوا يقولونها منذ فترة طويلة. ليس هناك أي شيء جديد هناك. هذه ليست أشياء جديدة."
ومساء الجمعة، قابلت ساليسبري عمدة سياتل جيني دوركان، سألتها عن الضمانات التي يمكن أن تعطيها للمجتمع الأسود بأن الأمور ستتغير هذه المرة. وفي نفس الوقت دعا ثلاثة أعضاء من مجلس مدينة سياتل المؤلف من 9 أعضاء دوركان إلى الاستقالة بسبب سوء إدارة المدينة ضد الاحتجاج. وبسبب سوء الإدارة هذه أعلنت العديد من المحلات والمصالح الحكومية إغلاق أبوابها حتى يتم حل هذه القضية.
إنجاز كبير للفوضويين
وفي مقال للكاتب جوناثان تورلي في صحيفة "ذا هيل" The Hill وصف ما يحدث في سياتل بالمأزق وقال "بطريقة ما، هذا هو أعظم إنجاز للحركة الفوضوية. يبدو أن الحكومة هناك قد ذابت، ليس فقط في "تشاز" ولكن كل سياتل. إن الدعم الذي تقدمه دوركان لـلمحتجين ورغبتهم في بناء عالم أفضل" يتجاهل أنها انتخبت لحكم مدينة سياتل بأكملها.
وتابع "إن سحب الشرطة وسماحها لسيطرة الغوغاء حتى ولو في منطقة صغيرة واحدة، أمر مضاد لأبسط مفاهيم الحكم. والواقع يمكن لمواطني المدينة رفع دعوى قضائية ضد قرار تسليم السيطرة على دائرتهم. ويمكن أيضا رفع دعوى ضد المدينة للحصول على تعويضات ناجمة عن التخلي عنهم".
غياب التغطية الديمقراطية
كل هذه التطورات والاستياء الشعبي الكبير من حركة الاحتجاج السلمية التي تحولت إلى فوضى عارمة خصوصا في سياتل، دفعت وسائل الإعلام الديمقراطية إلى إدراك المأزق الذي انزلقت فيه سياتل. وخلال الـ24 ساعة الماضية، لم تقم أي صحيفة أو وسيلة إعلامية بتغطية قضية الفوضويين في سياتل بشكل متعمق كما كانت تفعل سابقا، حتى نشطاء "تويتر" الذين يغطون حتى حقوق الحيوانات، تجاهلوا الفوضى في سياتل جملة وتفصيلا، بخلاف صمت القادة الديمقراطيين حول القضية، وهو أمر يدفع إلى ترجيح ما اقترحه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن هذه الفوضى تظهر فشل قيادة الديمقراطيين للمدن وتراخيها في مواجهة الفوضى.
بدوره ترمب يراهن كثيرا على ملف الأمن والنظام والازدهار، حيث يدرك أنه أمرا لا يقبل الأغلبية الصامتة المساومة عليه، وقال في تغريدة له اليوم الأغلبية الصامتة أقوى من أي وقت مضى". إنهم رهان يدرك ترمب أنه سيكسبه، فالأغلبية تفضل الأمن والازدهار وهو ما يمثله ترمب وترفض الفوضى والتخريب، وهو ما أظهره أنه ملازم للديمقراطيين خلال الأيام الماضية، وفي الثالث من نوفمبر موعد كلمتهم .